BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

 




(((لقراءة الفصل السابقة اضغط هنا)))



استيقظت سوبين تفرك عينها بخمول عندما شعرت بحركة بجانبها. لم تفتح عينيها فورًا ظننًا منها ان يوهان أتى ليغير ملابس المحامي مين لكنها تذكرت أنه أتى في الصباح الباكر وغيرها بالفعل.

فتحت عينها لتجد  يونغي مستيقظً ويحاول النهوض على عجلة بإبعاد الغطاء من عليه بيده السليمة غير مُباليًا لحالة جسده المرهق.

  اشرق وجهها بسعادة عندما رأته لكن هذه السعادة اختفت في لحظات وحلت محلها الدهشة لتنطق بغير تصديق من تصرفه.

" ماذا تفعل يجب ان ترتاح. لا يمكنك التحرك الآن؛ لازال جسدك يتعافى."

لم يهتم المعني بالحديث وأكمل ما يفعله بالوقوف على قدميه بخطى سريعة ولكن بمجرد أن ولامست قدمه الأرض خانته قواه واختل توازنه.. اسرعت سوبين من الجهة الاخرى من السرير تسند جسده ضد خاصتها بعدما خارت قواه بسبب بقاءه راكدًا لفترة طويلة.

ربتت على ظهره بخفة تنطق بنبرة قلقة:

" لا تقلق أنت بخير، لن أدعك تسقط."

أغلق يونغي عينه بغير رضى يُبعد جسده عن خاصة سوبين لينطق بتعجرف:

" ماذا تفعلين في غرفتي؟ لقد استيقظت بالفعل لذلك يمكنك المغادرة."

هزت الآخرى رأسها بيأس عاقدة يديها امام صدرها:

" اعتقدت ان بعد هذه الحادثة ستتعامل بلطف ولو بقدرٍ  طفيف." 

تجاهلها يونغي يجذب هاتفه من على الطاولة بعدما اعتدل في وقوفه وحافظ على توازنه 

اجرى بعض الاتصالات برجال عصابته يعلم منهم ما حدث الأيام الفائتة وما حدث لجثة جونغ.

استمع بحرص لكل حرف مما قاله احد رجال جونغ وكيف اقاموا جنازة جونغ بعدما وجدوا جثته في المخزن الذي تفحم ببقية رجال عصابة ليان.

همهم بخفوت يحاول السيطرة على الغصة التي اجتاحت قلبه قبل حلقه يغلق الهاتف متمسكًا بصمته للحظات لكن كان هذا عكس ما يدور بداخل رأسه فالكثير من السيناريوهات تُخلق والكثير من الوعود تُبرم بينه وبين ذاته. 

 رأت سوبين خيبة الامل على وجهه لأول مرة بعدما ألقى الهاتف على السرير بإهمال. جلس على مقدمة الفراش يُخبئ رأسه بين يديه مُطلقًا العنان لتنهدات طويلة تعبر عن الضيق والعجز الذي يشعر به بسبب جسده .

انخفضت الأخرى لمستواه تربت على ذراعه برقة كأنها تخبره أنها موجودة لأجله، ربما لم يتحدث يونغي عن أي شيء لكنها رأت التشتت في عينيه كطفل صغير يجول في العراء. قبل ان تنطق باغتها الأخر واقفًا على قدميه يدفع جسده  جسدها بعيدًا عنه صارخًا بكل قوته فهذا كل ما يمكنه فعله في هذه الأثناء بسبب جرح ذراعه التي يعجز تحريكها، وجرح جانبه المستمر في النبض بعنف مسببًا له ألم مضاعف كأنه ينتقم منه بسبب عِناده والتحامل على جسده المتعب:

" هل انتِ غبية ام لا تفهمين؟ غادري غرفتي حالًا." 

نظرت له سوبين بغير تصديق تُخفي وجهها بخصلات شعرها التي تناثرت عليه. ابتلعت  الغصة التي تشكلت بحلقها تكافح في الاحتفاظ بدموعها غير راغبة بجعل الأخر يراها تبكي على هذا الشيء التافه  فلطالما صرخ عليها واهانها لكنها لم تكترث من قبل كالآن.

اختلف كل شيء منذ تأكدها بمشاعرها تجاهه لهذا ألمها قلبها عندما تلقت هذه المعاملة بمجرد استيقاظه. في خيالها توقعت انه سيقدر وجودها وبقاءها بجواره الأيام الفائتة.

لو رأى حالة الخوف التي كانت بها لسب نفسه حتى الموت فهي لا تستحق هذه المعاملة الجافة بعد كل شيء.

نهضت بصمت واستدارت لتغادر دون الصراخ عليه ومشاجرته كما اعتادت بسبب حالته الصحية بالإضافة إلى أنها لا تريده الاشفاق عليها عند رؤية تشتتها الناتج بسببه ولكن من يبالي فالمحامي مين لا يهمه غير نفسه.

لم يكترث يومًا لمشاعرها رغم اهتمامه الغريب الذي يظهر للحظات ويختفي في اللحظات التالية. 

تفادت النظر إليه عندما استدارت لكن يونغي أمسك يدها يديرها إليه في لحظات يعانقها بقوة دافنًا رأسه في عنقها متمتمًا بنبرة اذابت قلبها:

" أعتذر، لم أقصد ما حدث منذ قليل."

فتحت سوبين عينها على مصراعيها لا تصدق ما حدث. لا تصدق أن المحامي مين يحاوط جسدها ضد خاصته بلطف هامسًا بالقرب من أذنها:

" أعتذر على دفعكِ من قليل؛ أنا لا استطيع التحكم في تصرفاتي لذلك أعتذر"

على ذات الوضعية أكتفت سوبين بالهمهمة تتمنى أن لا تستيقظ من هذا الحلم اللطيف فبالتأكيد هذا حلم لأن المحامي مين لن يفعل هذا إلا وإن اصابه الجنون.

تحدثت في قرارة نفسها:

" لقد فقد عقله، اقسم لقد جن ويجب ان اهرب قبل أن يفقدني عقلي بتصرفاته الغير مفهومة."

لاحظت الغصة في صوته عندما نطق بنبرة آلمت قلبها:

" لا أريد إيذائك لذلك يجب عليك المغادرة لكن أنا لا أريد مغادرتك، لكن هذا شيء لا يمكنني  المجادلة عليه معكِ..غادري لأنني لستُ بخير ولا أريد أن اكون السبب في إيذائك بعدما أنقذتني من الموت لثاني مرة"

عندما ادركت الموقف رفعت يدها بتردد تحاوط جسده على مهل كي لا تؤلمه تمرر أناملها على ظهره بخفة تنطق ممازحة:

" يبدو أن الحادثة أصابت عقلك يونغي-شي فأنا أنقذتك ثلاث مرات وليس مرتين." 

" متى كانت المرة الثالثة بيون سوبين؟ هل كانت في أحلامك ام ماذا؟ "

شهقت سوبين بغير تصدق من سخرية الأخر منها لتحاول فك العناق الذي دام لمدة أطول مما توقعاها الاثنان.

أوقفها يونغي عن الحركة بالتحدث بذات النبرة التي جعلت قلب سوبين ينبض بعنف بالإضافة لوجهها الذي تلون باللون الأحمر حرجًا من هذه المعاملة التي عشقتها:

" دقيقة أخرى...دعينا نظل على هذا الوضع لدقيقة أخرى."

" حسنًا."

شددت سوبين على عناقه تكافح في إخفاء ابتسامتها المتسعة متمنية بداخلها توقف الوقت عند هذه اللحظة.

ابتعدت يونغي يفسح المجال لكلاهما بالاعتدال في وقوفهم. 

" يمكنك  الراحة الآن لقد استيقظت وأنا بخير."

هزت سوبين رأسها نافية بغير رضى:

" لماذا تجعل الأمر يبدو كما لو أنني فعلت شيء أكثر مما كان سيفعله أي أحد؟ لا تقلق أنا بخير ولقد ساعدني يوهان كثيرًا."

" صحيح كيف تواصلت معه؟ كيف وجدتني؟ هل فتشتي في أغراضي؟"

المثير من التساؤلات هطلت بغزارة على سوبين التي امسكت رأسها تدعي التعب لتنطق على عجلة من أمرها:

" رأسي ستنفجر لم احظ بنوم كافي اعتقد انني سأود القليل من الراحة. ههه وداعًا"

لوحت له ثم اسرعت بترك الغرفة تتهرب من اسئلته. وضعت يدها على قلبها عندما وصلت لصالة المنزل مكان ما تحب البقاء.

شعرت بالامتنان ان هذه اللحظة لم يفسدها يونغي بالانزعاج من تسللها والبحث في اشيائه  الثمينة.

في دقائق لا تُذكر غير يونغي ملابسه وجهز أسلحته بالرغم من اصابة ذراعه ومعدته إلا أنه لن ينتظر أكثر من هذا كي ينتقم  لجونغ على الخيانة التي تعرض لها.

هاتف رجال عصابته واحضرهم من جميع المقاطعات ينتظرونه بحفاوة فمن قانون العصابات الدماء طريق الخلاص.

استخدم الباب الخلفي من منزله كي لا تراه سوبين وتمنعه من المغادرة بسبب حالته الصحية.

بملامح جامدة التقى برجاله يتحدث بغلظة اجتاحت صوته:

" لقد مات جونغ بسبب الخيانة ونحن هنا لننتقم من الذي تجرأ على المشاركة في هذا. لا يهمني ما سيحدث او إذا كنت سأعلن الحرب. لقد قُتل زعيمنا ونحن لم نستطع مساعدته لذلك حياتنا تعتمد على قتل  من فعل هذا انتقامًا له."

صاح الجميع ثم بدأوا يصعدوا لسياراتهم واحدًا تلو الأخر. 

اقترب تيان صديق يونغي يمنعه من الصعود للسيارة:

" يمكنك العودة للمنزل وترك الأمر لنا. لا نريد خسارة زعيم أخر."

ابتسامة لا تبشر بالخير نمت على ثغر يونغي الذي نطق بتعجرف:

" خسارتك ستكون قبل خسارتي والآن أبعد يدك اللعينة عن باب السيارة ودعنا نغادر."

" لا تدع الغضب يعميك أنت لست في كامل صحتك!!"

" سأصبح بخير عندما أقضي على الجميع"

اكتفى بهذا ثم صعد لسيارته يغزو القطاعات ويقضي على كل العصابات بها رجلًا تلو الأخر. كلما اطلق النار على أحد تذكر خاله الذي ألقى حتفه بين يده.

مع كل رصاصة أطلقها كان يشعر بالغضب يتنامى والألم ينهش بقلبه اعتاد على رؤية للدماء وكونها الملاذ الرئيسي لراحته لكن خسارته كانت اقصى مما توقع.

ساعات قليلة كانت كافية لقتل الكثير من الرجال. مر الوقت على يونغي كلحظات لم تكن كافية لإراحته.

وقف يلتقط انفاسه بتعب يشعر بجسده يحترق والعرق يتصبب من جبينه لكنه غير واعيًا لكل هذا.

بعدما انتهوا اقترب تيان ينبث بقلق:

" لقد نزف جرحك مجددًا!! لقد انتهينا بالفعل، دعني أخذك لمنزلك قبل أن يتلوث وتسوء حالتك."

بكل هدوء وقف المعني بالحديث يمرر نظره في الأرجاء بقليل من الرضى بعد رؤيته لتلك الجثث الغارقة في بحيرات من الدماء

استدار يونغي بنصف جسده متسائلًا:

"  في أي مكان دفنتم جثة جونغ؟"

" يمكنك الراحة وسأمر عليك غدًا للذهاب إليه."  

سئم يونغي بسبب الكثير من الاعتراضات على حديثه ليرفع فوهة السلاح خاصته ويضعه بين حاجبين تيان بعدما سحبه من ياقة ملابسه بعنف مهسهسًا من بين أسنانه مع بروز عروق وجهه:

"منذ متى وكلامي يُناقش؟ لا تجادلني مرة أخرى وإلا سأفرغ هذا السلاح برأسك."

بكل ثبات اجابه الأخر:

" حسنًا."

عرف يونغي مكان جونغ ليصعد مغادرا اليه بعدما امر الرجال بالعودة لمنازلهم.

وصل امام قبر جونغ بعدما قاد لمدة ساعتين. انخفض على ركبتيه يضغط على قبضتيه قائلًا بسخرية:

" اعتذر لم يتسنى لي الوقت لشراء بعض الزهور."

صمت لدقائق ثم أكمل بنبرة مرتجفة أثر البكاء  الذي يكتمه:

" يمكنك الراحة لقد أنهيت كل شيء، أخبرتك أنني سأنتقم وها أنا وفيت بوعدي لذلك توقف عن القلق بشأني واحظي ببعض الراحة."

نهض عندما شعر أنه على حافة الانهيار بسبب ألام جروحه التي تطغى على كافة جسده.

صعد لسيارته يستنشق بعض الهواء النقي قبل ان يلتقط سيجارة ويضعها بفمه لتناولها.

زفر الدخان بقوة وأثناء اختلائه بنفسه اخرج هاتفه ليجد الكثير من المكالمات من سوبين ويوهان.

دخل على الرسائل ليجد رسالة غير التي تخص سوبين خاصة التي تلعنه به بسبب حماقته وتهوره.

قرأ الرسالة التي وصلته من المحكمة العليا بتأجيل قضية جونكوك اسبوع أخر بسبب تغيير القضاة.

وضع الهاتف على المقعد بجانبه بعدما أرسل رسالة ليوهان يخبره بها ان يأتي لمنزله لمساعدته في التغيير على جروحه.

وصل إلى منزله وبمجرد خوله رجع جسده خطوتين للخلف عندما ارتمت سوبين بين احضانه تبكي بشدة مستمرة في لكم ظهره بعتاب:

" أيها اللعين أين ذهبت؟ لماذا لم تخبرني!! هل إقلاق الأخرين ممتعة بالنسبة لك.. لقد هاتفتك كثيرًا لكنك لم تجب وعقلي لم يتوقف عن تصور أي نهاية ستؤول إليها هذه المرة." 

لم يبعدها يونغي عنه تركها تفعل ما تريده يشعر كأنه مخدر ولا يرغب بالتكلم بحالته الرثة.

لاحظت سوبين ارتفاع درجة حرارة جسده لتبتعد سريعُا تحدق بشحوب وجهه وتشقق شفاهه كأنه يحتضر. نزعت معطفه الأسود بسهولة بسبب استسلام الأخر لجميع حركاتها. رفعت أكمام قميصه الأسود لتتلطخ يديها بدمائه.

حدقت به بذهول:

" لماذا نزف جرحك  مجددًا..هل يمكنك التحدث وإخباري بما حدث رجاءً؟ "

ابتلع يونغي ريقه بتعب يتجاوزها للجلوس على الأريكة. نطق بثقل:

" سيصل يوهان بعد قليل. لحين وصوله لا تتحدثي؛ رأسي ستنفجر."

اسرعت سوبين في الذهاب إلى المطبخ واحضار مياه باردة مع قطعة من القماش ثم جلست بجواره

أمسك يونغي بتعب يمنعها من وضع القماشة على مقدمة رأسه:

" سيأتي يوهان بعد قليل، لا داعي لهذا."

" إذًا تريد مني البقاء ومراقبتك تشتعل دون فعل شيء؟"

" أجل." 


تعليقات