BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

 




(((لقراءة الفصل السابقة اضغط هنا)))


الثانية ظهرًا:

 

غير يونغي ملابسه إلى هودي أسود واسع وأرتدى قبعة تخفي نصف وجهه وقبل مغادرته المنزل أرسل رسالة إلى يوهان يخبره أنه سيذهب للمشفى.

 

قاد سيارته لمدة ساعتين إلى أن وصل لوجهته المحددة، بمجرد أن خطت قدمه الأرض أخرج قناع من جيبه ووضعه على فمه ليخفي كامل وجهه.

 

دلف للداخل وكان أول ما قابله هو مكتب الاستقبال الخاص بالمشفى، تقدم بخطى حريصة يقف بجوار الموظفة ينطق بهدوء:

" أريد معلومات عن حالات التسمم في حي تايوان التي حدثت مُنذ عام. " 

 

أخفضت الفتاة رأسها بتوتر ثم رفعتها مرة اخرى ترسم ابتسامة طفيفة على ثغرها:

" أعتذر سيدي ولكن لا اعلم عن ماذا تتحدث! " 

 

قهقه يونغي بسخرية ثم قبض على ياقة ملابسها بحدة مُقربا جسده منها يُبادلها نظرات جحيميه دليلًا على أنه لا يمزح، مرت لحظات وأخرج مسدسه من جيبه الخلفي يصوبه خلف ظهرها هامسًا بالقرب من أذنها بنبرة لا تبث بالخير:

" إذا لم تفعلي هذا سريعا سأقتلك ولا تحاولي التذاكي صدقيني أنا لا أمزح! "  

 

لاحظ بعض الموظفين ارتباك موظفة الاستقبال التي تبحث بأقصى سرعة لها عن الملفات التي يريدها يونغي، رفعت رأسها عندما فشلت في إيجاد الملفات لتنطق بنبرة مرتجفة:

" لا استطيع ايجادها، يبدو أن مدير المشفى السيد تشين قام بحذفها أقسم أنا لا اكذب، أرجوك لا تقتلني. " 

 

رفع يونغي رأسه للأعلى بحنق يلعن بداخله ثم نظر للموظفة بحدة:

" سأصدقكِ لكن إذا اكتشفت انكِ تكذبين سأقتلك حقا والآن إذا علم أحد أنني في المشفى ههه سأقتلك أيضا." 

 

هزت رأسها بتوتر، سحب يونغي نفسه مغادرا إلى  مكتب المدير، تأكد من عدم وجوده ثم دخل.

 

تحدث يونغي في قرارة نفسه

" بالتأكيد لازال يحتفظ بنسخة ورقية."

 

  وضع مسدسه على الطاولة بدأ يبحث في الأدراج والملفات الموجودة على الطاولة.

 

برزت عروق وجهه من الألم الذي يفتك برأسه ثم وضع يده على رأسه عندما تلقى ضربة قوية من الخلف. استدار بترنح يحاول رؤية من فعل هذا لكن أصبحت رؤيته مشوشة بالفعل.

 

أغلق عينيه وفتحهما مرة أخرى بلا فائدة حتى بدأ جسده في التراخي فاقدا الوعى بالكامل.

 

مرت ساعات على فقدان يونغي لوعيه إلى أن بدأ يستعيد وعيه على صوت الرجل الذي يقف خارج الغرفة:

" نعم سيدي ماذا افعل؟

 

حاول التحرك ولكن جسده مُخدر أيضا بسبب الأصفاد التي تقيده بالسرير الموضوع عليه، مرر أصابعه بهدوء على طول جيبه يبحث عن هاتفه.

 

أغمض عينه سريعا عندما أقتحم أحد الغرفة يتحدث بالهاتف:

" لم يستيقظ ماذا افعل  به الأن؟ "

 

أقتحم اثنان آخرين الغرفة بهيئتهم الضخمة كما لو أنهم ينتمون لرجال العصابات

" أنتما الاثنان ستظلان واقفان أمام الغرفة تمنعان خروجه، لا تسمحا لأحد بالدخول هنا سواي، مفعول المخدر سيزول قريبا إذا سمعتم حركة فليدخل أحدكم ويعطيه جرعة  اخرى"

 

أكتفى الآخرين بالهمهمة ثم غادروا للخارج.

 

ظل يونغي بمفرده في الغرفة يحاول فك القيود التي تحيط يديه لكن بلا فائدة، حاول إخراج هاتفه ليُهاتف يوهان ولكنه لم يستطع.

 

تنهد بتعب بسبب محاولاته الفاشلة وألم رأسه بسبب الضربة التي تلقاها. أعاد إغلاق عينه عندما دخل أحد مرة أخرى لكن الغريب أنه شعر بالهدوء في الأرجاء.

 

أستمر في إغماض عينيه ينتظر ذهاب الشخص الغريب الذي أقتحم الغرفة، تفاجأ عندما وضع أحد يده على فمه، فتح يونغي عينه كردة فعل مُحاولا التحرر من القيود بعنف متسببا في جرح معصميه.

 

توقف عن الحركة عندما رأى سوبين تقف أمامه تضع أصبعها على فمها كأنها تخبره ألا يصدر صوت لتقول بهدوء:

" لا تقلق سأخرجك من هنا. " 

 

نطق يونغي بحدة بسبب وجودها في ظل هذه الأجواء الخطيرة:

" كيف عرفتي انني هنا؟"

 

   لم تُجبه سوبين وأكملت محاولاتها في فك قيود معصميه، جفلت عندما صرخ يونغي عليها بذات السؤال

 

وضعت يدها على فمه سريعا:

" هل تريدهم أن يمسكوا بي أنا ايضا! لا تعلم كم عانيت لجعلهم يفقدون وعيهم سأبعد يدي عن فمك لكن لا تتحدث لحين خروجنا من هنا رجاءً. "

 

أبعدت يدها عن فم يونغي الذي بادلها نظرات غير راضية لكنها لم تهتم وأكملت فك قيود يديه وقدميه.

 

لاحظت جروح معصميه لتُخرج سريعا قطعة من القماش من حقيبتها وتبدأ في لفها حول يديه لإيقاف النزيف. فعلت هذا تحت نظرات يونغي المتعجبة منها ولِما هي موجودة معه إلى هذه اللحظة غير مكترثة لحياتها:

"أنتِ حقا لا تهابين شيء أليس كذلك؟"

 

أكتفت سوبين بالابتسام قبل أن تتساءل بهدوء:

"هل تستطيع الوقوف؟"

 

أكتفى يونغي بهز رأسه ثم نهض على مهل أثر المخدر الذي لم يزل مفعوله بالكامل، في هذه الأثناء أقتحم رجلان غير اللذين أفقدتهما سوبين الوعى.

 

أسرع يونغي في سحب سوبين وجعلها تقف وراء ظهره عندما بدأ الرجلان في الاقتراب منهما، لم ينتظر يونغي كثيرًا وأنخفض لمستوى قدمه يخرج المسدس كاتم للصوت الذي خبئه هناك يطلق على الرجلان لينهي حياتهما في لحظات.

 

أعاد نظره إلى سوبين التي تغلق عينيها وتتمسك به بقبضتيها بإحكام، ابتسامة ساخرة نمت على ثغره فماذا ستتوقع من رجل لا يرى سوى الأحمر! فالجثث أكثر ما تحاوطه اينما ذهب.

 

فتحت سوبين عينها بعد لحظات على صوت يونغي الذي أخبرها أنهم يجب عليهم المغادرة قبل قدوم المزيد.

 

أومأت سريعا وأحاطت إحدى يديها حول خصر يونغي وبيدها الثانية سحبت يده ووضعتها حول عنقها عندما رأت أن مفعول المخدر لم يزول بالكامل وصعوبته في التحرك سريعا بمفرده.

 

تعجب يونغي من فعلتها وأراد سحب يده وإبعاد جسدها عنه فهو ليس بحاجة لهذا لكنه لم يستطع عندما بدأت الأخرى بالتحرك بخطى حريصة وعلى مهل للخروج من المشفى

 

خرجوا من سلم الطوارئ الخاص بالمشفى كي لا ينتبه لهم أحد، ابتعدوا بالقدر الكافي ووصلوا إلى حديقة عامة. أبعدت سوبين يدها عن جسد يونغي تساعده في الجلوس على إحدى المقاعد

 

جلست بجانبه لتهتف بسعادة بينما تخرج علبة الإسعافات الأولية من حقيبتها:

" لا أصدق أننا خرجنا أحياء كان الأمر مثيرًا للغاية. " 

 

وضعت العلبة على قدمها وبدأت تخرج الأدوات اللازمة لتعقيم يدي يونغي الذي تحدث بجدية

" تتبعتيني مرة أخرى! "

 

قابلته سوبين مبتسمة بوسع تُكرر الجملة التي قالها يونغي في أخر لقاء جمعهما أي منذ ساعات:

"إذا أفعلي شيء يجعلني أثق بكِ مع أنني لا أعتقد هذا"

 

ضحكة صادقة تمردت من فم يونغي عندما نجحت الأخرى في تقليد طريقته:

" لن تصدقي إذا أخبرتك ِ أنني سعيد لرؤيتك الآن! "

 

همهمت سوبين تثبت نظرها على جرح رأس يونغي واستمرارها في مسح الدماء التي لطخت رقبته، شعرت بنظرات يونغي الثاقبة لتنطق بهدوء:

"هل أستحق ثقتك أم لا سيد يونغي؟"

 

تزامنًا مع إنهاء كلماتها رفعت نظرها تخلق تواصلًا بصريًا مع يونغي تصدر همهمة متسائلة لسؤالها الذي طرحته منذ لحظات.

 

علت ضحكة يونغي الصاخبة يصفق بحرارة مُدعيا أنه يمسح طرف عينه بسبب دموعه الوهمية، مرت لحظات على حالته التي تعجبت منها سوبين لتتحدث في قرارة نفسها:

" لا أصدق هل الضربة كانت قوية لإصابته بالجنون؟"

 

فرج يونغي بين شفتيه ليتحدث بعدما تخلص من ملامحه الساخرة بأخرى جامدة:

"لا يمكنني الثقة بكِ بيون سوبين، أنتِ لا تكفين الكذب. أعلم أنكِ استيقظتِ وفتشتِ في الأوراق الموضوعة على المكتب، الذي لا تعلميه أنني أضع كاميرة مراقبة في غرفتي وقبل أن أنسى لا تقلقي لم أشاهدكِ عندما كنتِ تغيرين ملابسك صدقيني أنتِ لستِ نوعي المفضل."

 

أكمل بهدوء:

"كما أخبرتكِ أنا هذا النوع من الأشخاص الذين يحبون مسايرة الكاذبون، لهذا لا يمكنني الثقة بكِ."

 

نهض لكي يغادر لكن سوبين أمسكت يده تمنعه من المغادرة وقبل أن يبدي ردة فعل استدار تجاهها ليراها تركع أمامه بينما لازالت يدها تقبض على خاصته وعينها تلمع أثر تجمع الدموع لتتحدث بنبرة مهتزة راجية:

"رجاءً سيد يونغي أنت الوحيد الذي تحديت كيم راين، حاولتُ كثيرًا أن أرفع قضية ضده لكن في كل مرة كانت تتم رفض شكوتي لعدم وجود أدلة كافية لهذا أرغب بمساعدتك أعلم أنك تستطيع الوقوف ضده لهذا رجاءً."

 

أنخفض يونغي لمستواها ثم رفع يده يرجع بها خصلات شعرها خلف أذنها التي تخفي وجهها:

" هذا ليس سبب يجعلني أغير رأيي سوبين، لذلك توقفي عن التدخل فيما لا يعنيكِ صدقيني ستتأذين وأنا لا أريد أن أكون السبب في إيذائكِ فقط توقفي وأنا سأفعل المستحيل للإيقاع به."

 

"لدى أسبابي التي تجعلني أرغب في الانضمام لك، رجاءً سيد يونغي لا تفعل هذا؛ حقا أحاول جاهدة لكسب ثقتك ولكنك لا ترى هذا، أرغب بمساعدتك، حمايتك للتخلص من فساد كيم راين. رجل مثله لا يستحق هذه الحياة لقد جعلني أعاني كثيرًا أريد رؤيته ينهار والمساعدة في انهياره."

 

تنهيدة طويلة تمردت من فم يونغي قبل أن ينهض من على الأرض ويساعدها على النهوض محافظًا على الصمت بينهما للحظات:

"عودي إلى المنزل سوبين، أكملي حياتكِ بعيدًا عن دائرة الانتقام فالنهاية تظل واحدة، خسارة أعز ما تملكين...دعيني أفعل هذا من أجل جونكوك ومن أجلك."

 

زفرت سوبين بيأس راسمة ابتسامة حزينة على ثغرها:

"شكرًا لنصيحتك لكنني لن أتوقف وسأحاول جاهدة أما نهايتي أو نهايته وصدقني لن أتوقف عن إتباعك وإزعاجك أرني قدرة تحملك لي محامي يونغي."

 

التفت سوبين تأخذ حقيبتها وتغادر المكان بعدما تأكدت من استعادة يونغي كامل اتزانه، في المقابل عاد المحامي مين لمنزله صعد مباشرة لغرفته كي يغتسل ويغير ملابسه المليئة بدمائه 

 

انتهى بعد نصف ساعة وارتدى ملابسه ثم أمسك هاتفه يتفحص كم هائل من رسائل سوبين القلقة. نقر على اسم يوهان الذي يتوسط شاشة هاتفه لطمئنته أن كل شيء بخير.

 

بذات النبرة المنفعلة أجاب يوهان ينطق بالكثير من الأسئلة مرة واحدة، أوقفه يونغي يخبره أن راسه ستنفجر وهو بحاجة للراحة.

 

صمت يوهان على مضض يستمع لأخر الأخبار بشأن ملفات حالات تسمم حي إيتوان التي لم يجدها يونغي، اضطروا إلى اللجوء للخطة البديلة وهي البحث عن الشهود قبل المحاكمة الأولى.

 

أغلق يونغي هاتفه وتمدد على فراشه يغلق عينه بتعب، مرت دقائق ليست بكثيرة ليغفو سامًحا لهذا اليوم بالانتهاء لكن ليس بالنسبة له فذات الكابوس الذي يراوده منذ طفولته غزى عقله وأفكاره.

 

تقلب في فراشه كثيرًا مصدرًا بعض الهمهمات غير المفهومة يحاول الاستيقاظ وإنهاء  هذا الكابوس المرير لكنه فشل في هذا للمرة المئة. لا يريد النظر إلى عين والدته قبل قتلها أمامها، سئم من هذه الذكرى التي تجسمت في أسوء كوابيسه.

 

نهض مفزوعًا بعض لحظات من نومه لكن هذه اللحظات بالنسبة له كانت كالسنوات الحافلة، أطلق العنان لصوت لهاثه العالي وقطرات العرق التي تتدفق على طول وجهه مع إلتصاق خصلات شعره بجبينه.

 

زفر الهواء بضيق ثم نهض لشرب الماء من مطبخ منزله، خرج وجلس على الأريكة يقلب في التلفاز لربما يعود للنوم مرة أخرى. بدأت عينه تُغلق تدريجيا مع شروق شمس يوم جديد.

***

تعليقات