(((لقراءة الفصول السابقة اضغط هنا)))
فصل
الخريف حيث السماء الصافية، والنسيم المائل للبرودة بالليل، والأمطار المتقطعة على
نابولي.
لم
يكن الفصل المفضل بالنسبة لثائر وإن كان لا يكرهه؛ فالمفضل بالنسبة له منذ الصغر
هو الصيف.
لا
لأجل الاستمتاع بالشاطئ أو شيء من هذا القبيل، بل لأن النوم على الأرصفة وفي خلجات
الزقاق لم يكن شاقًا كما هو الحال مع برودة الشتاء.
لهذا
كره ثائر فصل الشتاء وتشاءم من الخريف الذي يُنذر بالبرودة القادمة، لكنه أحب
الربيع وعشق الصيف.
لم
يعد بحاجة للنوم في الزقاق الآن، لكن شوائب الطفولة لازالت عالقة برأسه رافضة الانصراف.
استلقى
على السطح حتى لا يعيق نظره إلى القمر شيء، عارٍ الصدر لا يدفئه سوى جسد مارتينا
المرمري الوثير.
ليست
بالفتاة الممتلئة وإن كان جسدها الأبيض فائق النعومة كملمس الحرير بل هو أشد وثارة
منه.
يحرق
لفافة الماريجوانا بين شفتيه، بينما يعتصر أردافها لتكافئه ببعض التأوهات المستثارة
بينما تلعق صدرها بنهم، يراقب أدخنتها وهي تتصاعد إلى السماء في صمتٍ يتمنى أن لا
يقاطعه به أحد.
لكن
مارتينا بعثرت كل شرود ذهنه بسؤالها:
-أكانت
جميلة؟
علم
ثائر ما تقصده، لكنه تساءل متصنعًا الجهل:
-من؟
وصلت
بلسانها إلى وشم الذئب الذي يعلو التاج رأسه على صدره الأيمن، ثم أجابت بهمسٍ لا
زال متأثرًا بانتشائها:
-لا
تتحامق عليّ يا ذئبي، أكانت مصر جميلة، أكانت لك خليلة هناك؟
مط
ثائر حاجبيه، واستعان بنفسٍ عميق من النباتات المحترقة حتى يستطيع الصمود أمام
مارتينا، ثم قال ممتعضًا:
-كانت
وكر للذئاب وكنتُ ملك القطيع، لكن أحيانًا تتحول الذئاب إلى ضباع غادرة، تدلهم
عليك ثم تضحك على سقوطك، فثمرة الجنة مطمع الشيطان الدائم ولازال يبث إبليس جنوده
للظفر بها.
استمرت
مارتينا بطبع القبلات على صدره، بينما أناملها تتعمق للأسفل لتصل إلى أشياءٍ أخرى،
وهي تسأله:
-لماذا
بقيت هناك طيلة هذه الأعوام إذًا؟
ثائر
بدهشة مستنكرة:
-نحن
نتحدث هنا عن ثمرة الجنة؛ ثروتها تكفي دولًا بأكملها، أتريدينني أن أتركها لأجل
بعض الأوغاد الجشعين؟
قبضت
مارتينا على مرادها بأناملها الباردة لتصدر أمارات الارتخاء واللذة على ملامح
ثائر، ثم سألته بملامح مستثارة راجية:
-كيف
قضيت أعوامك هناك بدوني، ألم تشتاق لي يومًا؟
فور
انتهائها من جملتها، اعتلته، وراحت تعذبه بتمايلاتها كأنها تمتطي جوادًا، ثم أطبقت
على رقبته متسائلة:
-أكانت
هناك فتاة أخرى؟
دون
أن يتردد في الإجابة، قال ضاحكًا:
-ثمرة
الجنة كانت مليئة بالثمار حقًا، من واجبي الإداري تذوقت ثمارها قبل أن يلتهمها
عملاءنا.
بدا
عليها الضيق من إجابته، فداعبت الجرح الذي سببته لعنقه بأظفارها وهي ترمق عينه الفيروزية
لتسبح في غيمها الذي قادها إلى النفور والنهوض مبتعدة عنه وهي تقول بسخط:
-كان
يمكنك أن تظل هناك للأبد.
في
حين مد لها ثائر يده قائلًا بمشاكسة:
-أستتركيني
أشتعل هكذا حتى أحترق تمامًا، يجب أن يُطفئ أحدهم هذه النيران.
أجابته
بإشارة بذيئة من إصبعها الأوسط، وشرعت في هبوط الدرج لتصادف في طريقها فدريكو وهو
يصعد على عجل.
تبادل
معها النظرات برهة قبل أن تدفعه عن طريقها بغلظة قائلة:
-فلتغرب
عن وجهي، ولتخمد نيران صديقك العزيز قبل أن يحترق.
بقلق
دلف فدريكو إلى السطح، ليجد ثائر مستلقيًا بهدوء، ينفث الدخان براحة بال وهو يتأمل
القمر البهي في كامل حلته.
دنى
فدريكو منه متسائلًا:
-أين
الحريق الذي يجب أن أُطفئه؟
صمت
ثائر برهة وطرفت عيناه، قبل أن ينفجر ضحكًا وهو يهتف:
-حقًا
كم أعشق هذه الفتاة قصيرة الفتيل.
استوعب فدريكو ما كانت تقصده مارتينا متأخرًا،
فعض على شفته بحنق قائلًا:
-سُحقًا
لهذه المشاكسة.
ثم
اتخذ مجلسًا جوار ثائر وهو يقول بخبثٍ مازح:
-لقد
احترقت حقًا يا رجل.
هز
ثائر رأسه موافقًا وهو يقول:
-ومن
الذي لن يحترق أمام أرداف مارتينا الساحرة؟
ثم
ألقى عقب اللفافة المحترقة وسأله بغتة:
-ألم
توجد فتاة في حياتك طوال السنوات التي غبتُ بها؟
كان
سؤالًا مفاجئًا رغم توقع فدريكو له؛ فثائر صديقه المقرب الذي افترش معه أرصفة
الزقاق في الصبا فلا مفر من الإجابة، هكذا سأل ثائر:
-أمعك
لفافة أخرى من هذه النباتات؟
أومأ
ثائر برأسه، وأخرج من سترته الملقاة أرضًا غلافًا لهذه النباتات الساحرة، ثم فرد
لفافتين وقام بفركهما حتى صارتا كالأعشاب المُحطمة.
ناول
إحداهما لفدريكو، ثم ألصق اللفافة الأخرى بزبد لسانه ودسها بين شفتيه وهو يقول:
-إن
كان أمرًا يستحق لفافة شديدة المفعول كهذه، فلابد أنها علاقة غرامية معقدة، غادرتكَ
تاركة ندوب خفية في قلبك لا يراها أحد من هذا الجدار السميك من العضلات.
أشعل
فدريكو لفافته، ثم زفر دخانها وهو يقول بشرود:
-كل
ما حدث في غيابك يستحق لفافة مثل هذه حتى أستطيع أن أقصه بسلاسة.
ثم
قبض على قلادة أسفل ملابسه، لم يرها ثائر فلا زالت خفية أسفل قميصه العسكري زيتي اللون،
وتابع:
-لقد
تركت الرفاق بعد ذهابك بعامين أو ثلاثة، لا لشيء سوى رتابة وضجر هذا المكان، فقد
تركتَ الساحة خالية من الأعداء تقريبًا؛ تسيطر على أقوى عائلتين للمافيا وسحقت
الثالثة، سلام باهت لا يتلاءم معي إطلاقًا كما تعلم، هكذا زارني هذا الحلم ذات
ليلة، يناشدني أن أغادر إلى البرية حتى لا أفقد لمستي القتالية.
تبسم
من فيض الذكريات مردفًا:
-فكرت
أن أزورك في مصر لكن قد توبخني لتركي الرفاق، فاستشرت الأخت نورينا، بعد إلحاح
سمحت لي بالذهاب، بشرط أن تبقي قنوات الاتصال معي قائمة حتى تستدعيني إن حدث خطب
ما.
ثائر
مازحًا:
-هكذا
تركت عرش المافيا القذر لتلاحق الضواري في الغابات أيها الوغد.
فدريكو
باستمتاع كأنه يستذكر جسد امرأة حسناء:
-ليس
أي ضواري، بل حروب في كافة الميادين، قاتلتُ بكل الأسلحة، بل قُدت الدبابات
والطائرات وأشرفت على إطلاق القذائف والصواريخ، كان أمر جنوني أعادني لشبابي حيث
رائحة الدماء والوحل وجسد أنثى مفعم بالغبار بعد نجاة بإعجوبة من الموت.
استشعر
ثائر حماسه، وقارنه برتابة مجلس إدارة ثمرة الجنة حيث العقل والكلمات أكثر بطشًا
من السلاح، فزفر بحنق قائلًا:
-كم
أحسدك يا رجل، من هي الفاتنة إذًا؟
رقَّت
ملامح فدريكو وهو يذكرها:
-فتاة
أمريكية تعمل لدى شركة فاغنر الروسية، ذات جسد صلب لامع لا يوجد به سوى القليل من
النعومة،
تقاتل
كشيطان، شهيتها مفتوحة للدماء كما هي جائعة في الفراش، لها قاطعتان كالقوارض تلطختا
عديد
المرات
بدماء أعداء أبرياء لم نكن نعرفهم أو يعرفونا.
لكزه
ثائر قائلًا:
-لقد
استمتعت حقًا يا رجل، ما اسم فاتنتنا؟
((كاترين.))
مط
ثائر حاجبيه ثم أطلق صفيرًا متعجبًا، قبل أن يتساءل:
-لماذا
افترقتما؟
بشجن
أجابه فدريكو:
-استدعتني
نورينا، فتركت كل شيء وتركت شرق أوروبا عائدًا إلى إيطاليا.
زفر
ثائر الدخان المحترق من لفافته وسأله:
-ماذا
كان موقف كاترين من ذلك؟
قهقه
فدريكو مجيبًا:
-لا
شيء، فنحن مرتزقة في نهاية المطاف، لكن حينما تنجو رفقة شخص وتصارع الموت معه تصير
متعلق
به
كطوقٍ من فولاذٍ لعين، وقد حطمت هذا الطوق وهجرتها بلا شفقة.
تأمل
ثائر قمر هذه الليلة البديعة وهو يقول بشرود:
-إنها
غاضبة الآن، بل تستشيط غضبًا وتسن لك السكين، فأنت الوغد اللعين في حياتها، أتدري
أين هي
الآن؟
أومأ
فدريكو برأسه وهو يجيب ضاحكًا:
-في
إيطاليا يا صديقي، تخدم أمير الكريستال.
مط
ثائر حاجبيه بدهشة، قبل أن ينفجر ضاحكًا هو الآخر وهو يهتف:
-أنت
في ورطة حقيقية يا صديقي.
بعد
نفسٍ حارق يُسَكِّن الآلام، قال فدريكو:
-أرأيت؟
التقط
ثائر آخر أنفاس لفافته ثم ألقى عقبها من سياج سطح المبنى وهو يقول:
-يُمكنك
أن لا تشارك في هذا القتال إن أردت، فلن أجازف بمشاعر رفيق دربي العزيز.
هز
فدريكو رأسه نفيًا وهو يقول بعقيرته الغليظة:
-بل
سأكون على يمينك في ساحة القتال كما اعتدنا دائمًا، وسيكون لقائي بها في الغد
القريب.
نهض
ثائر ليستند على السياج ويجول بناظريه في زقاق نابولي المهترئة، حيث الفقر المدقع
وصدى الطلقات
الذي
لا ينقطع، وقال باشتياق وحنين:
-هذه
هي البرية الخاصة بي، ربما ليست كأحراش أفريقيا أو ثلوج شرق أوروبا لكن هذا المكان
كان الطمي
الذي
نبتت به زرعتي.
ثم
التفت إلى فدريكو الذي لحق به مضيفًا بصرامة وحسم:
-أيًا
كان من يعبث بفنائي سيكون مصيره الموت، ولو كانت صديقتك ذات الجسد اللامع.
اتسعت
البسمة على وجه فدريكو وهو يجذب رأس ثائر لتلصق جباههم معًا وهو يرد بذات الحسم:
-أنت
شقيق الروح، إن دنت منك بسلاحها ستكون رصاصاتي سابقة لها، وإن شككت بولائي لك
وللرفاق ثانية
ستكون
رصاصاتي سابقة لك.
تبسم
ثائر بتحدٍ، وأطبق بأصابعه على شدقي فدريكو وهو يقول باستمتاع:
-لقد
عدنا إلى ساحة المعارك القذرة ثانية، فلنترك الشياطين ترقص ولننفخ نحن المزامير
لها.
اجتاحت
فدريكو السعادة الغامرة؛ فقد عاد صديقه، رفيق الدهر وسهم بوصلته.
وعادت
رفقته المتعة والحياة من جديد، وقد كانت في منأى عن الجميع في غيابه؛ فثائر هو
الدليل والمؤشر
الذي
يحذون حذوه ولو قصد طريقه إلى الجحيم.
لكن
كاترين ستكون هناك في الغد، وهذه الفتاة لبؤة شرسة لا تتوانى في القتل والدمار.
يتذكر
حينما قتلت العشرات من المدنين العُزّل بأمر من القادة الروس، كما ان القادة الروس
أنفسهم هم من
أعطوا
الأوامر لها حتى تأتي إلى إيطاليا وتنخرط في حروب العصابات هذه.
لا
يعلم فدريكو أهدافهم ولا نيتهم، لكن إن كانوا يدعمون العدو فلابد أنهم لا يريدون
خيرًا لثائر.
***
حرارة
خانقة، وغبار يُسكن الألم في الحلق، والكثير من الذباب والبعوض اللحوح، هكذا وجدت
ماريا أفريقيا.
فكانت
هذه الرحلة لها كتذكرة للذهاب إلى جحيمٍ حقيقي على الأرض، لم تُدرك عنه شيئًا من
قبل.
لكن
ذلك لم يكن شيئًا أمام رعبها من العشرات من الرجال الضخام سود البشرة اللذين لا
ينفكون عن سلاحهم
أو
عن نظراتهم العدائية المشتهية لها، كأنهم حزب من آكلي لحوم البشر يتفرسون هذا
اللحم الأبيض الذي
يسيل
له اللعاب.
أمسك
أحمد بيدها مطمئنًا:
-لا
تقلقي يا صغيرتي، لا أحد يستطيع المساس بنا هنا.
هزت
ماريا رأسها نفيًا قائلة:
-أعلم
ذلك، لكن نظراتهم تحرقني وتُشعرني أنني عارية وإن كنت أرتدي ملابس فضفاضة محتشمة.
حقًا
لم تكن ماريا بالفتاة المتبرجة أبدًا؛ ترتدي التنورات الفضفاضة والقمصان اللطيفة
المحتشمة، والرقيق من الأحذية والحلي البسيط الذي لا يُنبئ أبدًا برغد الحياة الذي
تعيشه.
ربت
أحمد على رأسها قائلًا بنبرة حميمية هادئة تُضفي الطمأنينة بوجدانها:
-ربما
جميعهم أوغاد هنا، لكن نحن من أنشأهم في المقام الأول.
ماريا
بدهشة:
-لماذا؟
عدّل
أحمد من وضعية نظارته الواقية للشمس ثم أجاب:
جنثان
مامورا، ليس من الكونغو، لكنه رجل عصابات إفريقي متمرس، حارب كمرتزقٍ في الصومال
ومالي وعدة بلدان، إيجاده التعامل مع قطاع الطرق والمرتزقة هو ما جعل والدكِ يمده
بالسلاح والعتاد هنا، ومن بعد والدك أتى ثائر وأغدق عليه وعلى رجاله بالمال، وكل
المنقبين من أهل الكونغو فهم أدرى بدهاليزها.
دار
في ذهن ماريا هذا الوغد ثائر مرة أخرى، فدائمًا ما يسبقها بخطوة، دائمًا ما يكون
متواجد في كل موضع
قدم
تخطط لبلوغه، هي ليست أول من وصل إلى هنا ولن تكون الأخيرة، عليها تقبل الأمر فهي
هنا لأجل
التعلم
فقط ليس إلا.
توقفت
السيارة رباعية الدفع أمام أكبر المنازل المبنية من الصفائح التي يقطنها مامورا
ورجاله، هبط أحمد من
السيارة
ولحقت به ماريا بعد أن اطمأنت لوجود حراسها اللذين سافروا برفقتها على مقربة منها.
خرج
هذا الرجل ذو الوجه المتفحم والرأس الأملس والعينان البراقتان حمراء اللون،
والبنيان فارع الطول عريض
الجسد،
عاري الكتفين وإن كان يرتدي ملابس مهترئة مرقعة، بدا عليها أنه لا يقوم بتبديلها
كثيرًا.
صافحه
أحمد، بل احتضنه وربت على كتفه المكتظ بالعضلات وهو يتحدث بلغة فرنسية أصيلة:
-صديقي
العزيز الذي لا يتقدم به العمر أبدًا.
تبسم
مامورا كاشفًا عن أسنانٍ صفراء لا تزورها الفرشاة إلا في المواسم، أو ربما هي في
قطيعة مع أسنانه فلم تزورها أبدًا، ثم شد مصافحته لأحمد قائلًا بالفرنسية:
-أنت
من فوتَّ على نفسك القطار، عليك أن تزور الأحراش من حين لآخر، تصطاد السباع وتقتل
هؤلاء
الهمج
ذوي الرماح.
كان
يتحدث عن القبائل البدائية في أفريقيا كأنهم حيوانات يتريض بصيدهم، وهذا ما جعل
ماريا تنفر منه وترمقه ببعض نظرات الاحتقار والامتعاض.
لاحظها
مامورا فسأل أحمد بصوته الخشن وملامحه المنفرة:
-من
هذه الفريسة الناعمة، أهي ثمن خدماتي أنا ورجالي هذه المرة؟
كانت
ماريا على فهم ضليع بعدة لغات من بينها الفرنسية، فلم تستطع كبح نفسها وهي تقذف
مامورا بكلماتها
الغاضبة:
-أيها
الوغد السافل القذر، أنا مالكة ثمرة الجنة التي تعمل لديها، ووالدي هو من استأجرك
لتعمل هنا، إن لم
تخاطبني
بسيدتي فلتعلم أنك مطرود.
توقف
الزمن وهلة، وحُبست أنفاس أحمد، واحترقت أعصاب حراس ماريا؛ فهم في أرض هذا الهمجي
المتوحش،
وقد أهانته ماريا وجرحت كبرياءه أمام معشره ورجاله، فقبضوا على سلاحهم حينما تجاوز
مامورا
أحمد
ودنى من ماريا.
بدت
ضئيلة للغاية أمامه، بل يكاد لا يراها من يقف خلف مامورا، كان غاضبًا ساخطًا، لكنه
تبسم متعمدًا
وبث
أنفاسه الكريهة في وجهها وهو يقول بلعابٍ سائل:
-لن
تطردني جثة مشوهة تناوب عليها رجالي واحد تلو الآخر.
ارتعدت
ماريا واصطكت أسنانها رعبًا وتقززًا، وشعرت كمن هي أسيرة في عينيه الحمراوتين اللتان
تبعثا شرًا
وشهوانية
جعلتها تشعر أنه سيفتك بها في أي ثانية.
((إنها
ابنة ريان يا مامورا، وأنت تعرف جيدًا من هو ريان.))
اتسعت
عينا مامورا بدهشة، وهو يقول:
-بحق
الإله، أأنت جاد أيها العجوز؟
التفت
إليه أحمد وهو يقول:
-ألا
ترى الشبه بينهما، أم صارت عيناك الذابلتان عاجزتان عن التميّز؟
لانت
ملامح مامورا، وربت على كتفي ماريا ليشعر بارتعادها أسفل أصابعه وهو يقول بودٍ
جامح:
-فليبارككِ
الرب يا ابنتي، والدكِ أنقذني من الموت ذات يوم، ومنحني الثروة والرجال، أنتِ ضيفة
مكرمة
عندنا
لن يمسكِ أحد بسوء.
شعرت
ماريا بصدق كلماته، واستشفت الطمأنينة من ملامحه، لكنها لم تجسر على التفوه بشيء،
فنجدها أحمد قائلًا:
-لا
تريد أن تدعها تحترق في الشمس أليس كذلك، فلنناقش أمور العمل في الداخل.
أومأ
مامورا برأسه وهو يقول بترحاب:
-ستكون
هناك وليمة اليوم على شرف ابنة ريان، ستُذبح لأجلها الكباش الليلة، وستشرب الحليب
الطازج.
أرادت
ماريا الهرب والعودة إلى كنف دينا الآن، فماذا تفعل وسط هؤلاء الهمج الصاخبين، تشمئز
من مجرد
النظر
إليهم، فماذا عن الأكل معهم والشرب من حليبهم، أسيكون صحنها معقمًا من الأساس، بالطبع
لا فلا
نظافة
هنا بالتأكيد وإلا ماكان مامورا هو مامورا.
دلف
الثلاثة إلى غرفة من الصفيح هي أقرب ما يكون إلى مكب للنفايات، رائحة الفضلات
منتشرة بشدة،
الذباب
أكبر من اللازم وأكثر صخبًا، بالإضافة إلى حشراتٍ أخرى لم تميزها ماريا.
لكن
ما أثار دهشتها هو أحمد الذي اتكأ على مقعدٍ مهترئ كأنه معتاد على هذا النوع من
المقابلات، بل
افترش
المقعد مستريحًا.
في
حين عانت هي في الجلوس ووضعت المناديل المبللة أسفل منها، ليتبادل الاثنان الضحكات
الساخرة
منها.
بدأ
أحمد حديثه مازحًا:
-لا
زلت تُفضل المنازل الفاخرة رغم قدرتك على شراء منزل بسيط من الأحجار مكتمل
الخدمات.
اهتز
الصفيح من شدة ضحكات مامورا، ثم قال:
-لا
يميز الذوق الرفيع سوى القليل من الأشخاص أيها العجوز.
بادله
أحمد الضحك، ثم سأله:
-كيف
تسير أمور التنقيب؟
حك
مامورا رأسه قائلًا بضيق:
-الرجال
يموتون هناك، وأهليهم يطلبون الكثير من التعويضات، والميزانية لا تكفي.
رميه
أحمد بنظرة ذات معنى وهو يقول مبتسمًا:
-كم
أنت مرهف الحس ورقيق القلب، تبدو ألطف من زوجتي إن كانت لي واحدة.
علت
ضحكات مامورا مرة أخرى، قبل أن يقول مشهرًا سبابته في وجه أحمد:
-أمسكت
بي أيها العجوز، أنا لا أبالي بشأن هؤلاء النسوة الآتي يأتين لأجل النحيب على
أبنائهم اللذين ألقين
بهم
في الكهوف بإرادتهنّ، بل أبالي بالمال، المال فقط لا غير.
بشع
متبلد المشاعر، حقير مستهزئ بحياة الناس، هكذا رأته ماريا، أرادت أن تغادر هذا
المكان الذي يُستعبد
فيه
البشر سريعًا، وتعجبت من أحمد الذي أجابه كأن ما يقوله هذا الوغد من حديث شيء طبيعي
لا تشوبه
أي
بشاعة:
-تحتاج
المال لشراء المزيد من الرجال، ونحن نريد المزيد من الذهب، لدي لك عرضين سيد
مامورا.
شعرت
ماريا بذات الاحتقار اتجاه أحمد؛ هذا المنافق الذي يدّعي الود واللطف معها، بينما
لا يمانع الاتجار
بالبشر
هو الآخر، أي عالم مليء بالوحوش هذا؟
في
حين تابع أحمد:
-الأول؛
سندفع لك ضعف الأموال مقابل ضعف كميات الذهب، وسيتولى فريق من عندنا شحنها.
هز
مامورا رأسه باستنكار قائلًا:
-أين
العرض في هذا، لازال الرجال يموتون وسأحتاج المزيد من المال لشراء المزيد منهم.
برقت
عينا أحمد بظفر وهو يقول:
-سيلبي
العرض الثاني نداء قلبك الرحيم هذا.
مامورا
بعجل:
-هات
ما عندك.
بسط
أحمد يديه قائلًا:
-الآلات
تشتري أرواح العديد من البشر، سنحضر متخصصين وشركات تنقيب، وسيقتصر دورك على
حراستهم
فقط سيد مامورا.
جحظت
عينا مامورا لتشع بهما الشعيرات الدموية الغاضبة وهو يقول بصوتٍ غليظ يُشبه تحطيم
الصخور
ودهس
الحشائش:
-أنت
تقصيني إذًا.
أحمد
بدهشة مصطنعة يشوبها بعض السخرية:
-من
قال هذا سيد مامورا، ستتولى الإشراف وإرشاد شركات التنقيب، فأنت الكهل الذي بيده
أسرار المناجم،
كما
أن الحراسة ستكون..
بتر
مامورا عبارته بغضب لاكمًا جدار الصفيح لينهار على فوره، جاعلًا ماريا ترتعد وتدفن
رأسها بين
راحتيها،
وقد تحولت لهجة مامورا إلى التهديد وهو يقول:
-لن
يقصيني أحد، ولن يستبعدني أحد، أنا في هذا العمل القذر منذ عقود، ولستُ هنا
ليستبعدني كهل لا يفقه
شيئًا.
أحمد
بقسوة:
-لقد
صرتَ كهلًا تخاف أن تفقد مركزك، هذا هو أنت أيها الرجل الجشع، نحن من خلقنا بك
الجشع بعد أن
كنت
مجرد مرتزق، ولسنا أحد النسوة اللاتي تبتاع أبناءهن، بل نحن من اشتريناك أنت
ورجالك، ولن يصير
الصياد
فريسة يومًا.
تفصد
العرق على جبين مامورا، وهتكت كلمات أحمد كبرياءه الواهي وتركته كحيوان بري ركن
إلى الذاوية
بعد
أن أدرك مقدار حجمه أمام العمالقة، فلم يجد سوى إبراز أسنانه القذرة تبسمًا وهو
يقول:
-سيأتيك
ردي على عرضك الكريم سيد أحمد، والتعاون الذي بيننا لن تقطعه شركات تهرق عليها
ملاين
الدولارات.
ثم
التفت إلى ماريا مضيفًا:
-سنتناول
العشاء الليلة يا أميرتي، وسترين الرقصات القبلية وهي تؤدى في حلقات حول النيران،
وهذا لن
يكون
شيئًا إذا ما قورن بكرم رجلكِ العجوز هذا.
استشعرت
ماريا في كلمات مامورا شيء من الوعيد، بينما كان أحمد في غاية الهدوء ولازالت بسمة
الذئاب
المتملقة
ماكثة على محياه كأنه لم يُعطي تهديدًا مبطنًا للزعيم الأسود أخطر رجال هذه
الساحة.
***
لم
يأتِ الليل سريعًا، بل تمهل ليعطي الوقت للعرق حتى ينساب والغبار حتى يلتصق
بالوجوه مشكلًا طبقة
طينية
لزجة لم تعتد ماريا عليها يومًا، بل العرق مجرد العرق لم يسل على جلد ماريا من
قبل، فاجتاحتها
العصبية
والتقزز من كل شيء حتى نفسها، تريد الاستحمام للتخلص من هذه القذارة لكنها بعيدة
كل البعد عن
فيلاها
الساحلية، بل المياه هنا تقتل الطيور تسممًا بعد رشفة هينة منها، فما بالك
بالاستحمام بها؟
أتى
الليل أخيرًا لتهدأ الحرارة، وتقل سخونة الأجواء، وإن كانت الرطوبة لا زالت قاسية
والهواء ساكنًا لدرجة
جعلت
ماريا تشعر بالاختناق.
جلست
على مقعد من البوص تراقب الرجال والنساء الذين يرتدون الملابس القبائلية يرقصون
حول النيران
كالسكارى.
بينما
رائحة شي الكباش شهية تُثير الجوع، لكن معدة ماريا المتقززة سترفض أن يلج إليها أي
طعام في هذا
المكان.
((أتريدين
تبديل ملابسكِ أيتها الأميرة؟))
انتبهت
ماريا إلى مامورا الذي أثقل في الشرب من هذا الكُحول الرديء، يجلس على مقعد مجاور
لها، يرتدي
ذات
الملابس القبائلية التي كان قوامها جلد الحيوانات.
فقالت
باقتضاب متلاشية النظر إليه:
-لا،
أشكرك.
حدج
مامورا ملابسها التي ألصقها العرق بجسدها لتُبرز بعض المفاتن، وإن كانت ماريا في
غفلة عن ذلك،
ثم
قال بلسان متثاقل:
-أتريدين
أن تشرفيني برقصة حول النيران أيتها الأميرة؟
اشمأزت
ماريا من محاولته تصنع الرُقي، لكنها كظمت مشاعرها بداخلها محاولة الإجابة بلباقة:
-أشكرك،
فأنا مرهقة من السفر.
تبسم
مامورا وقرب مقعده منها لتبتعد هي قليلًا عن أنفاسه وهو يقول:
-أترين
هؤلاء السيدات اللاتي يرقصن حول النيران؟
بضيق
سألته ماريا:
-ماذا
بهن؟
مامورا
بتلذذ وقد فقد رشده تمامًا:
-لقد
دفعت لهن لأجل أبنائهن الذين ماتوا في المناجم، بكين وانتحبن لكنهن أتين ليرقصن
حينما وعدتهن
بالطعام.
دمعت
عينا ماريا من كلماته التي لا تنبئ سوى عن فيض الوضاعة الذي يمتلئ به قلب هذا
الرجل.
في
حين تابع مامورا بخفوت:
-لكن
مساعدكِ العجوز هذا، يريد حرمان هؤلاء النسوة المساكين من الطعام، وهنَّ يحتجن إلى
بطلة تنقذهن
بيدها
القرار، وأظن أن هذه البطلة هي أنتِ أميرتي ماريا.
نظرت
ماريا إلى النساء اللاتي يتراقصن حول النيران؛ ينفضن أجسادهن كأنهن لم يفقدن أبناءهن،
فوجدت
نفسها
تسأل مامورا:
-أين
أزواجهن؟
قهقه
مامورا قائلًا:
-أزواج!!
ثم
تابع الضحك لتنفعل ماريا وقد استفزتها ضحكاته:
-ما
المضحك فيما أقول؟
تمالك
مامورا نفسه وهو يقول:
-أعذريني
يا أميرتي.
ثم
أشار بإصبعه صوب إحدى الفتيات اللاتي ترقصن مردفًا:
-هذه
الفتاة حبلى الآن، من الوالد، لا أحد يعلم، فقط ذهبت لتتجول في الأحراش ثم عادت
حبلى كما يحدث
لبقية
النساء هنا.
ماريا
بذهول من بشاعة ما قال:
-أي
حيواناتٍ متوحشة أنتم؟
قهقه
مامورا أكثر بانتشاء، ثم قال:
-هذا
أفضل للجميع، فالرجال يشبعون غرائزهم، وأنا أكسب طفل جديد بالمناجم، والنساء يكسبن
لقمة العيش،
هذه
هي دورة الحياة هنا.
ثم
تظاهر بالحزن مردفًا:
-أعلم
أن هذا قاسٍ، لكن هكذا تسير الأمور منذ قديم الأزل، وهكذا يحصل هؤلاء الفقراء على
لقمة العيش،
وإن
كنَّ يعاملن كالحيوانات لكنهم يحصلن على الطعام في النهاية، وإذا مُنع عنَّا المال
سنعجز عن توفير
الطعام
لهن، سيُغتصبن وينجبن أبناءًا ليموتون جوعًا.
انتفضت
ماريا واقفة وهي تهتف بحنق:
-إن
كنت تهتم لأمرهم حقًا، لماذا تعذبهم هكذا وتعاملهم كالماشية أيها المنافق؟
ببرود
أجابها مامورا:
-لأوفر
لكي الذهب بثمن بخس أيتها الأميرة.
عجزت
ماريا عن الرد عليه؛ فقد غزاها شعور الذنب وبث إليها الضمير ألاعيبه، فجعلها في
ثوب المجرمة
التي
تتاجر بالبشر لأجل مصالحها الخاصة، رغم أنها لم تُدرك هذا الجزء القبيح من ثمرة
الجنة سوى اليوم.
هُزمت
أمامه وولت الفرار بحثًا عن أحمد لتُنبئه عن رغبتها في الرحيل، بل تأمره به؛ فهي
لن تتحمل دقيقة
أخرى
في هذا الجحيم.
شوشت
الدموع عينيها، فلم تعد ترَ سوى صورة والدها المشوشة؛ هذا الرجل الذي احترمته
وأحبته رغم كونه لم
يمضي
معها سوى القليل، لكنه لم يكن سوى تاجر أناني يبيع كل شيء حتى أرواح الناس ليشتري
مجده.
أهذا
ما يتطلبه الأمر لتصير قادرة على قيادة ثمرة الجنة؛ أن تكون شيطانة أنانية تدهس
الرؤوس أسفل
قدميها
لتتخذهم سلمًا للوصول للمجد؟
كم
يتصادم هذا الشيء الحقير بقوة مع فطرتها السوية، لماذا لم تولد حاملة جينات والدها
ليكون ارتكاب
الفظائع
هينًا عليها؟
أكان
هينًا على والدها أيضًا، أم ذاق به مرارة لكنه تجرع الصعاب كالخمر الفاسد؟
لا
تدري متى ولا كيف وجدت نفسها فجأة في الأحراش، أشجار فارعة أصيرة الأغصان، وليل شديد
القتامة؛
فلا
ضوء هنا سوى نقاط النجوم وبصيص القمر فحسب.
أدركت
فجأة أنها في غابة عملاقة تستند على أحد الجذوع في غفلة عما يوجد حولها.
فأصوات
البوم كالأنغام المدندنة، وصوت الفحيح الزاحف واضح للغاية كشخص يهمس.
يلعب
عقلها لعبته القذرة؛ فيُرسل الأوهام ليحرق أعصابها ويهيئ لها أمورًا لم تكن؛ فها هي
ذا ترى كتلًا من
الليل
تتشكل في ثوب الذئاب، وربما تكون نمورًا أو أسودًا أو مجرد ظلال.
تلفتت
حولها في جزع وقد حُبست أنفاسها، فقد فقدت الشعور بالزمان والمكان فجأة، ولم تستفق
سوى في
عتمة
الليل.
تراجعت
وهي تنتفض بين الفنية والأخرى كلما هشمت غصنًا أو أوراق شجر أسفل قدمها.
لم
تعد تفرّق بين الواقع والخيال فآثرت الركض والفرار، بل والصراخ طالبًا للنجدة لكن
مِن مَن؛ أهذا النخاس
ورجاله
هم من سينجدونها، أم أحمد الذي لا يجد مانعًا من الاتجار بالبشر بل يعتبرهم محض
آلات توفر
عليه
المال الذي سيدفعه لشركات التنقيب؟
اصطدمت
في شيء صلب جعلها ترتد بقوة وتسقط أرضًا وقد دميت جبهتها.
اختلط
الدمع بدماء جرحها وهي تحاول النهوض، لكن هذا الشيء الصلب الذي لا يتبدى من الظلام
ركلها
بقوة
في وجهها ليُعيدها إلى الأرض مجددًا.
تأوهت
وهي تصرخ مرتجفة:
-م..من
أنت، م..ماذا تريد؟
أتاها
الجواب في هيئة لكمة ساحقة في معدتها، جعلتها تشهق بقوة مفرغة ماء عصارة معدتها من
فمها، ثم
افترشت
الأرض وخارت قواها بالكامل، وسكن صوتها عدى من بعض التأوهات المكتومة.
من
بعيد أتى صوت غليظ ساخر:
-تعرف
دائمًا كيف تُخضع النساء فرانك.
خرجت
زمجرة من الجسد الصلب الذي لكم ماريا، وبدون أن ينطق بكلمة قبض على عنقها واعتصرها
بشدة
حتى
تدلى لسانها وجحظت عينها وهي تحاول التملص منه بأظفارها، لكن جسدها كان أكثر وهنًا
من أن
يحارب
هذا الطاغية مفتول العضلات.
فما
وجد أي صعوبة في تمزيق قميصها بعنف ليتبدى جسدها الواهن المرتعد، دنى الشخص الآخر
على
عجل
كذئبٍ جائع، وشرعا في تمزيق ما تبقى من ملابسها وكيل اللكمات لها إن قاومت حتى
سلّمت لهم
وخارت
قواها تمامًا.
فأصدرا
ضحكات خافتة من استسلامها، وألقيا أسلحتهم بإهمال ليتحرروا من أي قيد يلجمهم، وعبثا
بجسدها
بلا
رحمة.
رأته
ثانية في هذه اللحظة، ليس وجهه فحسب بل والدها بكامل هيئته يقف جوارها، يتخذ
القرفصاء ويمد لهه
يده
بسكين حادة ألقاها أحدهما بإهمال، من وسط الدمع والدم الذي صبغ كل شيء تراه باللون
الأحمر،
تناولت
السكين وتابعت والدها بعينها وهو يُشير صوب نقطة بعينها في عنق الرجل الذي
يعتليها.
وفي
لحظة تلبسها بها الشيطان بالكامل وسيطر على أطرافها، رفعت السكين دون وعي منها وطعنت
الرجل
في
عنقه بغل وحقد يكفي لإشعال جحائم ونثر الحمم.
لم
يُصدر الرجل صوتًا؛ فقد تمزقت أوتار حنجرته، فسال الدم من فمه ليُهرَق على وجهها
في صمت.
في
حين جذبت سكينها بسرعة البرق، ونحرت عنق الرجل الآخر ليسقط الاثنان جثثًا هامدة.
***
مواعيد النشر: السبت
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك في هذه التجربة