BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

 




(((لقراءة الفصل السابقة اضغط هنا)))



 

 

استيقظ يونغي على صوت اهتزاز هاتفه الملقي بإهمال على الطاولة الخشبية الموضوعة أمام الأريكة التي يتسطح عليها. رفع يده التي كان يضعها على وجهه بنعاس.

مرت لحظات يستوعب بها سبب وجوده في صالة منزله ولما لم يصعد لغرفته إلى أن تذكر الكابوس الذي راوده بالأمس وكونه السبب في نومه بهذا المكان.

مسح بخشونة على وجهه ثم مرر أنامله بين خصلات شعره التي تصل لأسفل عنقه يرفعها للوراء بإهمال قبل سحبه لهاتفه من على الطاولة.

جذب انتباهه مكالمات يوهان الكثيرة ورسائله بشأن تأخر الوقت وانها تجاوزت الثانية ظهرًا لكن  كيف يستيقظ قبل ذلك وعينه لم تزرها النوم إلا بطلوع شمس اليوم الجديد.

توقف عن التقليب بالرسائل لاعنًا بداخله عندما وجد رسالة يعلم صاحبتها جيدًا، أسرع في مهاتفة سوبين عندما رأى رسالتها التي تخبره بها أنه  ستزور احد الشهود في قضية جونكوك والذي يتضح أنه أختفى بعد الحادثة.

أسرع في مهاتفتها لكنها لم تُجيبه ليصعد إلى غرفته ويغير ملابسه ثم خرج من منزله يقود سيارته بأقصى سرعة بعدما ارتدى سماعة على اذنه يطلب رقم يوهان لمساعدته:

"يوهان تتبع موقع الرقم الذي أرسلته لك سريعًا."

" هل حدث شيء ما؟

أنفعل يونغي على الصغير كي يتوقف عن الجدال ويبحث سريعا متمتما من بين أسنانه لاعنًا على حماقة الفتاة التي ستتسبب بمقتلها فبالتأكيد هذا الشاهد من أتباع كيم راين ولن يصعب عليه قتلها لإخفاء الحقيقة.

قاد سيارته لولاية دايهو بعدما حصل على العنوان التي تتواجد بها الآخرى، وفي هذه الأثناء وصلت سوبين إلى منزل الشاهد على حادثة جونكوك والمشتبه الأول في القضية.

حاولت سوبين كثيرًا التحدث معها لكنه رفض مقابلتها بوقاحة؛ لهذا قررت التسلل لمنزله والتحدث رغمًا عنه. اختارت الوقت المناسب لزيارة منزله في حين غيابه لربما تجد أي أوراق تثبت تواطأه مع كيم راين.

قبل ان تدنو خطوة من منزله أرسلت رسالة لإثارة حنق شخص ما وخاصة المحامي يونغي الذي طلب منها الابتعاد تمامًا عن هذه القضية فهذه حربه التي سيموت من أجلها بمفرده.

أكتفت بإخباره أنها ستسعى جاهدة لإيجاد الحقيقة بتقديم هدية لشخص سيساعدها في حل هذه القضية لكن انظروا لسخرية القدر فهذا الشخص سيقتلها بأوامر من مديره الذي تلقى منه الأموال مرة ليلتزم الصمت على حقيقة موت أشخاص أبرياء كانت أبسط طموحاتهم هو تنفس هواء جيد خالي من الغازات السامة.

تقدمت سوبين بخطى حريصة من المنزل، تسلقت سور المنزل واقتحمته بسهولة كما لو أنها معتادة على هذا ودلفت للداخل بعدما نجحت في فتح النافذة بالسكين الذي تحتفظ به في حقيبتها الصغيرة.

خطوات بطيئة حريصة اتخذتها كي لا تحدث جلبة ويتم ملاحظة أن المنزل تم اقتحامه. رفعت يدها وعدلت القبعة التي تخفي بها نصف وجهها تقلب عينها في الأرجاء بحثًا عن شيء مريب يخص القضية.

لطالما تأكدت أن الجاني يحتفظ بما يثبت جريمته ليس غباءً منه بل لتذكر فعلته وكم كان الأمر سهلا حينها، وهذا ما فعله هذا الشخص؛ لقد احتفظ بالأوراق التي تثبت تلقيه مبلغ من كيم راين وعدم التفوه بأي شيء للصحافة بالإضافة إلى اختفاؤه كما لو أنه لم يوجد.

وجدت سوبين حزمة من الأوراق فوضعت المصباح التي كانت تمسكه في فمها لتبدأ في التقليب وفرز الأوراق سريعا. ابتسامة صغيرة نمت على ثغرها عندما رأت ملف يحمل اسم كيم راين وقبل أن تفتحه تلقت ضربة قوية على مؤخرة رأسها أفقدتها الوعى.

 

فتحت سوبين عينيها مرة تلو الأخرى كي تتضح رؤيتها الضبابية، انتابها حالة من الفزع عندما وجدت نفسها مقيدة على كرسي في غرفة مظلمة مغطاة بالبنزين كخاصة جسدها الذي أمتلئ به.

فرجت بين شفتيها تلتقط أنفاسها بسرعة ومحاولات فاشلة تبدر منها في فك قيود يديها المربوطة بالكرسي. انزعجت من رائحة المكان لتبدأ في السعال بعنف.

فُتح باب الغرفة تدريجيا لتظهر هيئة المختل الذي فعل بها هذا، عقدت حاجبيها بتعجب من الشخص الذي تراه فهي كانت تتوقع رجلًا أقل عمرًا وليس رجل في أواخر الأربعينات قد نال الشيب منه بالفعل.

بدأ يقترب منها ببطيء بقدمه التي يظهر بها عرجة واضحة أثر إصابة قديمة، ثبت عينه على سوبين التي تمالكت رباطة جأشها وأصبحت تبادله نظرات واثقة كأنها تخبره انها ستخرج من هنا وما فعله كان أكبر غلطة.

أخرج هذا العجوز قداحة من جيبه ذات غطاء حديدي مستمراً في فتحها وغلقها لإخافة سوبين التي أبدت ملامح وجهها الجادة غير ذلك، بداخلها تدعو ألا تكون هذه نهايتها فهي لن تموت محترقة على الأقل ليس هنا وليس الآن؛ فلازال لديها الكثير من الخطط لإثارة غضب المحامي مين وجعله يقتلها بسبب تهورها أم غباءها كما يعتقد.

سحب العجوز كرسي ووضعه امام سوبين ينطق بنبرة أقرب لفحيح الثعابين:

"كان يجب عليكِ التوقف عن البحث والمجيء إلى هنا لكنكِ غبية لم تفعلي والآن انظري هذه ستكون نهايتك! نهاية مأساوية لتدخلك بشيء لا علاقة لكِ به."

ابتسمت سوبين ساخرة من طريقته واستخدام خبراتها التي حظت بها من الحياة وخاصة عندما تعاملت مع المحامي يونغي:

"كم دفع لك كيم راين كي تظل صامتًا هذه المدة...أراهن أن المبلغ لم يكن سيئًا؟"

"تتحدثين كما لو أنكَ ستخرجين من هنا."

" سأخرج، هذا ما يجب أن تتأكد منه والآن أخبرني لِماذا فعلت هذا؟ كيف تجمل ضميرك هذا أم أن شخص مثلك لا يملك واحدًا لذلك كان الموضوع سهلًا صحيح."

بصقت سوبين في وجهه عندما أنهت حديثها لينهض الأخر من على مقعده بغضب يتقدم تجاهها، أمسك رأسها بعنف يجذب خصلات شعرها كي يرفع وجهها لتقابل خاصته.

صدر تأوه مؤلم من فمها عندما فعل هذا خاصة عندما زاد ضغطه متناسيًا جرح رأسها المستمر بالنزيف، أغمضت سوبين عينها لوهلة من الزمن ثم فتحتها مرة أخرى راسمة ملامح مشمئزة من هذا العجوز اللعين.

فرجت بين شفتيها لتنطق بثبات:

" تبًا لك أيها الوضيع، أنت لا تستحق هذه الحياة! "

" حقا! إذا دعينا نرى من سيحظى بحياة."

ابتعد العجوز خطوات للوراء ثم أشعر قداحته راسمًا ابتسامة واسعة على ثغره:

"أراكي في الجحيم لكن لا أظن أن هذا سيحدث قريبًا، وداعًا." 

أنهى جملته وترك القداحة من يده وبمجرد لمسها للأرض بدأت الغرفة في الاشتعال، أسرع في المغادرة فهو لا يريد الموت يهذه الطريقة ومع هذه الفتاة التي كره لسانها السليط الذي أغضبه.

ركض خارج المنزل ولكن ما لم يتوقعه رؤية يونغي يدخل من البوابة الرئيسية يقلب عينه بتشتت في الارجاء صارخًا باسم سوبين، حاول العجوز الاختباء خلف إحدى الأشجار لكن هذا ليس بالكافي على الأقل بالنسبة ليونغي فلقد سمع خطى قدمه التي يعرج بها.

اقترب يونغي من الاشجار بحرص إلى أن قرر العجوز الخروج وتصويب السكين التي يحملها تجاه يونغي الذي عقد ملامحه بغير تصديق أنه سيقاتل هذا العجوز، ولكن ما الفائدة فهو قتل الكثير منهم على أي حال.

 

ألتحموا بالأيدي ونجح يونغي في إسقاط السكين من يد العجوز ولمن بعد صعوبة بالغة ليعقد حاجبيه بتعجب فكيف لرجل في مثل سنه القتال بهذه الطريقة الجيدة

استمر القتال بينهم لكن يونغي فقد تركيزه عندما رأى الدخان يخرج من الداخل ليهمس باسم سوبين، استغل العجوز هذا وجذب السكين من على الأرض وطعنه جانب معدته.

امسك المحامي مين السكين قبل ان يضغط عليها العجوز و تصيب إحدى أعضاؤه امتعضت ملامح يونغي بغضب ودفع العجوز بعنف يسقطه أرضًا ثم أخرج السكين من معدته.

مرر عينه على الغرفة التي تشتعل وعلى العجوز الساقط امامه، علم أن هذه فرصته في إلقاء القبض عليه لكن هذا يعني أنه سيتخلى عن سوبين وهذا الغريب هو لا يرغب بهذا، لطالما أعتاد على استخدام الجميع كطعم له غير مكترثًا بحياة أحد فإنتقامه هو أولى أولوياته الذي أوهب له حياته وحياة من يتصدى له.

الإمساك بهذا العجوز الآن يحرزه التقدم لكن ماذا عن الفتاة التي وضعت نفسها في هذا الخطر لأنه رفض مشاركتها هل حان الوقت للتخلي عن مبدأه وكونه الرجل الذي لا يرى سوى الاحمر!!

أفاق يونغي من شروده الذي استمر لحظات يلعن بداخله على اختياره الغبي لكن المتوقع منه فلقد أسرع في إخراج سلاحه وإصابة جميع أطراف العجوز ليمنعه من الحركة.

استغرقه الأمر دقيقة هذا ما يقنع به نفسه إذا وجد سوبين جثة متفحمة امامه، سيظل المحامي مين الرجل الذي لا يرى سوى الأحمر إلى النهاية كما يقول.

ركض سريعا إلى الغرفة ليجد سوبين تحاول فك قيود يديها بفمها، استمع إلى صرختها اليائسة ليسرع في القفز بين النيران والوقوف أمامه هاتفًا بهدوء:

" هذا ليس وقت الصراخ بيون سوبين." 

فتحت سوبين فمها بصدمة تحدق بهيئة يونغي ووجهه المتعرق أثر النيران حولهم:

"محامي مين ماذا تفعل هنا؟"

" لا تسرحي بخيالك بعيد لم آتي لإنقاذك لقد جئت لكي أشبع فضولي."

" أي فضول؟"

رفع حاجبيه بسخرية من هذه الغبية التي تسايرها في هذه المناقشة البلهاء كما لو أنه لا يقفون في منتصف النيران:

" كيف حصلتي على رقم هاتفي؟"

فك يونغي قيودها بالكامل وساعدها في النهوض وجعلها تقف وراء ظهره يبحث سريعًا بعينه عن أي مخرج من هذه الغرفة. ازدادت الأدخنة من حولهم. أمسك يونغي يد سوبين بإحكام:

"ضعي يدكِ على فمكِ كي لا تختنقي."

فعلت سوبين مثله ثم أسرع يونغي بسحبها والوقوف في زاوية الغرفة تجاه أحد النوافذ المغلقة، بدأ يستخدم طاقتها المتبقية متحاملا على جسده متناسيًا جرح معدته الذي لا يؤلمه فهو معتاد على تلقي مثل تلك الطعنات.

 تصبب وجهه عرقُا مع إلتصاق خصل شعره بمقدمة جبينه، تزايدت لكماته للنافذة إلى أن تحطمت، نجح في كسر النافذة ليسرع في إحاطة يديه حول خصر سوبين يساعدها في الخروج أولًا.

لحقها هو الأخر، جذب يدها سريعا يركض بأقصى سرعته مبتعدًا عن المكان فلقد لمح أسطوانات معبئة بالغاز وهذا يعني أن المكان سينفجر في أي لحظة.

سحب يونغي جسد سوبين ناحية إحدى الأشجار، في لحظات وقف يونغي امامها يحاوط جسدها بذراعيه يثبتها في مكانه:

" لا تتحركي."

تزامُنا مع إنهاء كلماته صدح صوت انفجار المكان مع تناثر بعض أجزاء المنزل، صوت الانفجار شوش سمع الاثنين لكن يونغي كان الأسرع في التعافي وتحمل الطنين الذي أصاب أذنه.

أبعد جسده عن خاصة سوبين التي لازالت تضع يدها على أذنها تغلق عينها بتعب، بدأ يونغي في التحدث لكنها لم تستجب له. ابتلع ريقه بهدوء ثم رفع يديه يتمسك بخاصة سوبين ويبعد خاصتها عن أذنها.

سرت رجفة باردة في جسد سوبين عندما فعل يونغي  هذا، حدقت به بفزع فهي لا تستطيع سماع ما يتفوه به في المقابل تفهم يونغي حالتها فهذا ما شعر به في مرته الأولى.

بدأ يتحدث بروية يخرج حرفًا تلو الأخر يخبرها انها ستكون بخير وأن ما تشعر شيء طبيعي، تمسك يونغي بنبرته الهادئة إلى أن هدأت سوبين تدريجيا تتنفس بشكل طبيعي.

دقائق ليس بطويلة عاد سمعها لتنطق بهدوء:

" سيد يونغي أنأ..."

أوقفها يونغي بنبرة حازمة يحاول السيطرة على نبرته الهادئة ولا ينفعل عليها بسبب تصرفها للطائش:

" لا تنطقي بحرف وأتبعيني! "

أرادت سوبين التحدث على الأقل الاعتذار لتعريض حياته للخطر لكن ماذا تفعل وهو سبقها بالذهاب من امامه لتتبعه في صمت.


***


تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

شاركنا رأيك في هذه التجربة