BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

أرى الأحمر-الفصل التاسع عشر (ألاء جاسر)

 



(((لقراءة الفصل السابقة اضغط هنا)))



جلست  سوبين على الأريكة بجوار يونغي الشبه غائب عن الوعى. ناظرته بقلق يتنامى بداخلها بسبب عِناده بعدم لمسها له لمداوة جراحه.

وقفت على قدميها تجول صالة المنزل في حالة من الذعر بسبب صحة يونغي التي ساءت أكثر فهو بالكاد يلتقط أنفاسه أيضا الحمى التي أصابته زادت الوضع سوءً.

لاحظت صمته لتقترب منه ببطيء دون أن يشعر في محاولة فاشلة منها بفتح أزرار قميصه. بمجرد ان لمست أناملها القميص رفع يونغي يده يمسك يديها. 

فتح عينه على مهل يناظرها بثبات لينطق بصوت متحشرج:

"لا تفعلي أخبرتكِ أنني بخير، توقفي عن عصيان كلامي مرة تلو الأخرى؛ فانا لا أحب هذا!"

تبادلا الاثنين نظرات مبهمة قبل تجرد سوبين من صمتها:

" أعلم أنك تنتظر يوهان لكنه سيتأخر بسبب سوء الطقس. لن يستطيع الوصول قبل الصباح ولا يمكن لأحد القدوم الآن. رجاءً توقف عن هذا لا يمكنني البقاء ورؤيتك بهذه الهيئة لمجرد أنك لا تحب أن يُرى جسدك من شخص غريب."

عن أي شخص غريب تتحدث!! هو يكره أن يتم رؤية جسده من الاشخاص المهمين لديه. بسبب الجروح التي تزين ذراعيه وأعلى صدره. 

يعلم أن ما ستراه سيصيبها بالهلع غير تساؤلاتها التي لن تنتهي وكيف انه لن يستطيع الاجابة على أي منها.

أفاق من شروده عندما عادت سوبين للتحدث بنبرة صارمة:

" إذا لم أفعل شيء ستقتلك الحمى لو لم يقتلك تسمم جروحك أولا!! يمكنك قتلي وفعل كل ما ترغب به عندما تستعيد عافيتك لكنني لن أصمت أكثر من هذا."

رفعت سوبين يدها تُبعد يد يونغي الذي بادلها نظرات حارقة متوعدة مستمرًا في إخبارها بالابتعاد عنه متوعدًا لها لكن طاقته بالكاد تسمح لها بالتقاط انفاسه المتسارعة.

حاول التحرك والصعود لغرفته لكن سوبين منعته بمعافرتها معه في تثبيت جسده بإحدى يديها بينما وجدت اليد الأخرى طريقها في فتح أزارا قميصه.

أغلق يونغي عينيه بقلة حيلة ثم توقف عن الحركة يسمح للأخرى بفتح قميصه. حلت سوبين جميع الازرار ثم أمسكت بقطعة القماش بعدما دثتها بالماء البارد.

توقفت يدها في الهواء عندما رأت ندبات جروح قديمة على صدر الأخر. اتسعت عينيها بذهول بسبب ما رأته. ابتلعت ريقها بصعوبة تحاول عدم الاكتراث لهذه الندبات التي آلمت قلبها.

لاحظ يونغي ارتجاف يديها وترددها بوضع القماشة فوق ندوبه ليرفع يده ببطيء يضعها على خاصتها قائلًا بسخرية:

" ماذا؟ هل تشعرين بالخوف بسبب هذا؟"

أنهى حديثه راسمًا ابتسامة هادئة. تحامل على جسده ونزع القميص بالكامل ليصبح جزأه العلوي عاري.

صُدمت سوبين من الندوب التي تملئ طول ذراعيه  ليس لبشاعة مظهرهم وكيف كانوا سبب في تلويث بشرته الصافية.

لمم تستطع النطق بعد الذي رأته لتخفض نظرها سريعًا عندما وعت أنها أطلت التحديق بتوسع في جسد الأخر.

ترقرقت عينيها بالدموع حزنًا على ما مر به المحامي مين من مصاعب فهذه الندبات كافية لقول الكثير فبعضها منذ سنوات والأخرى تبدو انها حدثت منذ قريب.

فرق يونغي شفتيه لينطق بثبات:

" هل غيرت رأيكِ؟ أخبرتكِ أنني لا أريد منكِ رؤية جسدي لهذا السبب وها انتِ لم تختلف ردة فعلكِ عن ما توقعته...لم أسمح لأحد يومًا برؤيته وها انتِ تقفين امامي."

قبل ان يُكمل كلامه بشأنها كونها خافت منه قاطعته برفع نظرها ووضع يدها  على صدره تُمسح عليه بخفوت:

" هذا لا يُخيفني...فقط كنت أفكر انك مررت بالكثير لكنك تبين غير ذلك. سخريتك الدائمة من آلام الاخرين كانت طريقة أخرى من طرقك الغريبة في إخفاء حزنك."

" أنا لا أريد شفقتكِ، هذا لا يهمني ما تعتقدين ليس صحيح."

" لن اجادلك الآن محامي مين فقط دعني اداوي جروحك."

بملامح ثابتة بدأت سوبين تمسح الدماء عن جروح الأخر الذي يكتم انينه بقوة. استمرت سوبين في تعقيم جروحه لمدة ساعة. 

صعدت لغرفته وأحضرت قميص نظيف ثم ساعدته على ارتداؤه بعدما انتهت تحت نظراته الناعسة فهو كافح للبقاء مستيقظًا طوال هذه المدة رغم شعوره بألم يكتسح كامل جسده.

 اعطته سوبين بعض المسكنات لخفض درجة حرارته ثم نطقت بهدوء:

" دعني اساعدك في الذهاب لغرفتك كي ترتاح. "

هز المعني بالحديث رأسه نافيًا:

" سأنام هنا اليوم."

" لكنك لم ترتاح على هذه الاريكة."

" اعتدت النوم عليها لسنوات طويلة."

هزت راسها بتفهم تساعده على التمدد. بعدما انتهت ابتعدت للوراء خطوتين تمرر نظرها على كافة جسده تتنهد براحة بعدما ساعدته.

راقبته حتى غط في النوم أثر تعبه والمسكنات التي تناولها. ذهبت وجلست على الأريكة التي تقابله.

كورت جسدها تسند رأسها على ذراعيها مثبتة نظرها على جسد الأخر وعقلها يشرد بأفكاره عن حياة المحامي مين وكيف حصل على هذه الندبات بالإضافة إلى تورطه في القتال بسبب شخص لا تعلم صلة القرابة بينهما.

بعد الكثير من التفكير نهضت تتفحص درجة حرارته لتجدها لم تنخفض بالكامل. ذهبت لمطبخ المنزل لتُحضر ماء بارد وقماشة.

جلست القرفصاء بجوار الأريكة التي ينام عليها يونغي بعمق. وضعت القماشة على مقدمة جبينه وجلست تغيرها كل عشر دقائق حتى تنخفض حرارته.

رفعت يدها تبعد خصل شعره للوراء برفق سامحة لنفسها بتمرير اناملها بين خصل شعره الطويلة لتنطق بخفوت:

" يونغي-شي انت حقًا غريب. ارغب بالتعرف على حقيقتك فمراقبتك دائمًا لم تكن كافية لمعرفة هذا الجانب الصادق من شخصيتك في يومين، أثق بأنك رجل صالح."

حل فجر يوم جديد لتستند بمرفقيها على الأريكة بعدما غيرت القماشة التي على جبينه للمرة التي لا تتذكرها.

بدون ان تعي غفت بجواره كعادتها منذ الحادثة التي أصابته.

وصل يوهان للمنزل في العاشرة صباحًا ليجد يونغي مستيقظًا يبادل سوبين نظرات متفحصة مهتمة على غير عادته.

حمحم بخفوت يجذب انتباه الأخر:

" هل انت بخير؟ أعتذر لم استطع الوصول البارحة بسبب الطقس."

همهم يونغي بتفهم ليتساءل قاصدًا سوبين:

" هل يمكنك حملها لغرفتي؟"

" أجل، لكنك لا تسمج لأحد بالبقاء في غرفتك وانت لست بها..هذا غريب!"

" افعل كما اخبرتك. ضعها بالفراش وتأكد من وضع الغطاء عليها جيدًا ثم عُد لهنا."

فعل يوهان كما أخبره المحامي مين ثم عاد يغير له على جروحه ويعطيه الدواء.

تبادلوا الحديث عن أخر الأوراق الخاصة بقضية جونكوك للمرافعة الأولى. 

مر الوقت سريعًا حتى اصبحت الثانية ظهرًا. 

تمللت سوبين في الفراش بسبب الضوء التي تسلل من النافذة. اصدرت بعض الهمهمات للتعبير عن راحتها لكنها بدأت تتذكر ما حدث بالأمس لتفتح عينها سريعًا.

جلست على الفراش تستوعب كيف وصلت للغرفة فهي تتذكر نومها في صالة المنزل. 

نهضت على عجلة من امرها تركض للأسفل هاتفة باسم يونغي بقلب يخفق بعنف ظنًا منها ان المحامي مين غادر المنزل كما فعل.

تنفست الصعداء عندما رأته يجلس برفقة يوهان. أرجعت خصل شعرها التي تناثرت على وجهها للوراء تنطق بخفة:

" سأجهز الافطار، لا تغادر أيها الصغير واجلس لتناول الافطار معنا"

رمقها يوهان بحقد:

" انا لستُ صغيرًا!! هل هكذا تشكريني لحملكِ للغرفة؟ حقا يجب أن تفقدي بعض الوزن."

شهقت سوبين بغير تصديق من وقاحة الصغير لتنظر ليونغي الذي يكتم ضحكته

" ماذا أتوقع من شخص يرافق المحامي يونغي؟ كأنه سيكون أقل وقاحة."

اختفت ابتسامة الاخر يحدق بها لسخريته منه وهو لم يفعل شيء.

رفعت سوبين كتفيها مبتسمة بانتصار:

" ماذا؟ لا تنظر لي هذا ما يُسمى رد ما عند بعض بعضكم."

وضعت الفطار على الطاولة بعدما انتهت تهتف باسم الآخرين لتناوله. 

جلست بجوار يونغي تضع الكثير من الطعام في طبقه تحت نظراته المندهشة:

" انتِ تعلمين انني أكتفي بشرب قهوتي. توقفي عن وضع الكثير من الطعام بطبقي."

" يمكنك العودة لعادتك الغير صحية بعد تعافيك بالكامل، ما رأيك أيها الصغير؟"

" هذا ما يجب ان يحدث حتى تتعافى سريعًا."

زفر يونغي الهواء بيأس فهو لن ينتهي. بدأ يتناول الطعام بصمت تحت إلحاح سوبين بشان تناول المزيد.

بعدما انتهوا صعد يونغي للأعلى للاستحمام يتجنب البقاء مع سوبين بمفردهما.

ارتدى ملابسه ثم جلس على طرف الفراش يفكر فيما سيفعله وان ما حدث اليومين الفائتين كان  خطأ فمنذ متى يسمح لأحد بعناقه. منذ متى يسمح لاحد برؤية ندوبه.

في حياته التاسعة والعشرون لم يشعر بهذا التخبط. لا يستطيع السيطرة على مشاعره كلما تعلق الأمر بسوبين التي تركض بغير تفكير لنجدته.

وثق بها بالرغم من شعوره بوجود خطب ما بها فيبدو أنها تعرفه منذ زمن ليس منذ خمسة أشهر. 

ندم على قراره بإدخالها حياته بالإضافة إلى انتقامه الذي سيكلفه الكثير.

نطق بخفوت تعبيرًا عن انزعاجه:

" سحقًا."

طلب من سوبين البقاء بالأسفل وعن رغبته في البقاء بمفرده ففي النهاية ليس لديهم شيء للتحدث عنه بعد قضية جونكوك.

توالت الأيام على تهربه منها بالبقاء في غرفته يتجنبها مكتفيًا بمقابلة يوهان لدقائق والإغلاق على نفسه.

يقف في شرفة غرفته يدخن سيجارته بشرود فلقد مر أسبوع منذ تجنبه لسوبين بالرغم من محاولاته في التحدث معه وفهم ما يحدث.

تسلل الإحباط لجوانحها وشعورها بالعبء الذي يثقل كاهلها فهي لا تتذكر خطأها معه كي يعاملها بهذه المعاملة الجافة.

أفاق يونغي من شروده عندما عادت سوبين للطرق على باب غرفته مثل كل يوم. ألقى السيجارة من يده يهتف بثبات:

" غادري." 

في المقابل صاحت سوبين من الجهة الأخرى:

" لن أفعل قبل أن تخرج وتخبرني ما يحدث معك؟ بحق الجحيم لماذا تتجنب رؤيتي انا لم أفعل شيء يجعلك غاضبًا لهذه الدرجة!! فقط أرجوك لا تدعني أفكر كثيرًا في أنني أخطئت بحقك هذا يرهقني."

تحولت نبرتها الحازمة  لأخرى ضعيفة في نهاية حديثها ثم عادت تطرق على الباب طرقات متتالية مزعجة.

استمر طرقها لأكثر من ساعة. حاول يونغي تجاهله لكنه لم يستطع ليُسرع في فتح باب غرفتها يرمقها بغضب:

" أنتِ لست بهذا الغباء إذا لماذا لا تغادرين؟! ألا تفهمين أنا لا أريد التحدث."

لاحظت سوبين نمو ذقنه على غير العادة بالإضافة لخصلات شعره للتي طالت لتشرد بأفكارها عن السبب الذي يجعله بهذه الهيئة.

جفلت عندما أمسك يدها يدفعها بخفة للمغادرة لكنها سحبت ذراعيه من بين يده تعود لمكانها بثبات.

" هذه المرة لن أغادر لذلك من الافضل أن تتحدث معي وتخبرني سبب تجاهلك لي ؟"

" أنا لا أريد التحدث!!"

" على الأقل تخبرني بسبب مقنع كوني شريكتك بالتحقيق"

تنهد يونغي بضيق يكور قبضتيه على مضض في محاولة  منه للسيطرة على غضبه

تمسكت سوبين بيده تهتف بنبرة راجية:

" إذا كنت تتصرف هكذا لأنني رأيت جسدك يمكنك على الأقل إخباري أن هذا ما يزعجك!!" 

خرج يونغي عن صمته لينطق بنبرة عالية:

" تصرفكِ هكذا ما يزعجني! تمسككِ بي يزعجني، اهتمامك بي يزعجني كل شيء أصبح يزعجني لانني لا أجد سبب لكل هذا!!"

ابتلع ريقه ثم عاد ليردف:

" لا أظن أن كل ما تفعلينه فقط بسبب قضية جونكوك، وضعتي حياتك على المحك وكنتِ على وشك الموت مرتين لمساعدتي هل تظنين أن هذا طبيعي؟ كل شيء يجعلني أشك بكِ رغم أنني لا أجد شيء ولا أعلم لماذا! يزعجني كل تصرفاتك الغير مفهومة."

توترت سوبين لتبدأ في التلعثم بكلماتها تحت ندرات يونغي الثاقبة

" لماذا تساعديني؟ أنا لم أفعل شيء سوى إهانتك... هل تفعلين هذا مع الجميع؟ ههه لا أصدق هل أنتِ بهذا الرخص؟؛"

أنهى حديثه ساخرًا وقبل أن ينبث بحرف أخر رفعت سوبين يدها تصفعه بعنف حتى ارتد وجهه للناحية الاخرى.

ناظرته بكره آلم قلبها وجعل دموعها تتمرد على وجنتيها بغزارة فبعد كل ما حدث لازال ينظر لها بدناءة

ضغط يونغي على قبضتيه حتى ابيضت انامله ثم اعتدل في وقفته يمسك سوبين من ذراعيها بعنف مهسهسًا من بين أسنانه:

" هل فقدتِ عقلكِ؟ كيف أتتك الجرأة لصفعي..أقسم ولو كان أحد غيركِ لجعلته يتمنى الجحيم على ان أرحمه لفعلته!!"

خرجت سوبين  عن صمتها  تنطق بجمود:

" أنت لا تستحق ما فعلته لك، أتضح أن قلقي على شخص مثلك كان مجرد إهدار لوقتي، تبًا لك مين يونغي وسحقًا على قلبي الذي تعلق بك وأحبك منذ طفولتي الغبية."ِ


تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. نهاية كل فصل عبارة عن فراشات🦋😍

    ردحذف

إرسال تعليق

شاركنا رأيك في هذه التجربة