(((لقراءة الفصول السابقة اضغط هنا)))
خوف غريزي"
بعد أن أغلق آسر الخط،
حتى أشرق وجهه بابتسامة فرحة....
وتساءل ما هذا التغيير
الذي استشعر به منذ قليل في صوتها.....شرد يتذكر إحساسه بها ثم تذكر طلب صديقه
الشيخ، لكنه شعر بالثقة في إحساسه.
نوي أن يقوم بأداء الصلاة
لكن ذلك لم يمنع قلبه من الشعور بالسعادة لمجرد سماعه صوتها يتحدث إليه بلهفة كما
تخيل هو.
خرج من غرفته قاصدًا غرفة
والدته على بعد خطوات طرق الباب برفق ثم دخل ليجدها جالسة تقوم بطي عدد من الملابس
أمامها، فما آن رأته حتى أشرق وجهها قائلة:
-آسر كيف حالك يابني؟
-بأحسن حال الحمد
لله....كيف حالك يا والدتي العزيزة.
ساعدها في إنهاء ما
تفعله، فنظرت له بدهشة واستنكار، ثم قالت:
-آسر هل أنت بخير؟ ماذا
تفعل؟
ابتسم في حرج، وقال ببريق
لامع في عينيه:
-أحاول مساعدتك....كي
تنتهين وتعطيني بعض الانتباه.
نظرت له في شك، ثم قالت
في ريبة:
-ماذا تُريد؟!
تركت ما كانت تفعله
وانتبهت له كما طلب، فتحدث في هدوء ورصانة:
-أنت تعلمين أنني في أخر
سنوات دراستي....بإذن الله سأحاول الاجتهاد حتى لا يتغير تقييمي عن السنوات
الماضية، وبعد تخرجي عملي في شركة والدي مضمون بعون الله.
قاطعته في حيرة:
-الله يوفقك ياحبيبي،
وتنال ما تريد.
ابتسم لدعوتها الغالية،
وقال منتهزًا الفرصة:
-ما أُريد، هو أن أتزوج؟!
نظرت له باستنكار،
فاستطرد متسائلًا:
-هل لديك مانع؟!
هزت رأسها نافية:
-لا بالطبع لا.....ولكن هل
وجدت الفتاة المناسبة؟!
أومأ برأسه وقد تذكر
مريم، ثم قال في ثقة:
-أظن ذلك.....
شعر بالراحة حينما تحدث
معها والثقة في القادم........حمد الله في هذه الليلة ونام مرتاح البال والقلب.
لكنه تغافل عن أداء صلاة
الاستخارة، لم يتذكرها في غمرة إحساسه بالنشوة من ترحيب والدته وموافقتها على الموضوع،
وأيضًا إحساسه بالفرح من تغير مريم المفاجئ معه.
شرد في عالم الأحلام الذي
أبعده عن مسار تفكيره المعتاد.
******************************
أنهت مريم حديثها الهاتفي
مع آسر ونظرت حولها لتبحث عن عمرو فلم تجده، اصطدمت نظراتها بعين يمنى اللائمة،
لكنها تحركت قبل أن تتحدث إليها، ودخلت غرفة أختها لتطمئن عليها.
وقفت يمنى في مكانها غير
قادرة على الحركة محملة بمشاعر مضطربة، خرج هيثم بعد أن شعر بالحرج لتواجده بمفرده
مع الأختين....فنظر ليمنى التي بدت ساهمة شاردة في عالم آخر..
فاقترب منها ليقول في
حيرة:
-يمنى، ماذا بكِ يبدو
عليكِ الاضطراب.
انتبهت لتواجده ثم قطبت
جبينها، وقالت في أسى:
-هل مررت بتجربة من قبل؟
أن يتحول دورك إلى دور هامشي غير فعال في العلاقة.
بعد اعتيادك على القيام
بدور أكثر أهمية طوال حياتك معهم.
قالتها ونظرت تجاه غرفة
شهد تتأمل مريم وهي تتصرف بشكل طبيعي، ثم هزت رأسها في حزن. فنظر لها مندهشًا ثم
صاح بتهكم، غير قادر على منع ضحكته الساخرة:
-وهل تركتِ الاحداث
الرئيسية التي حدثت معهم؟ وهذا ما لفت انتباهك حقًا.
نظرت له مصدومة لتعليقه
الذي صرف انتباهها عن ما حدث، وقد انتبهت بالفعل إلى سطحية تفكيرها في هذه اللحظة.
فحركت رأسها في لا
مبالاة، وبادلته ابتسامة خجول، لكنه قال محاولًا التخفيف عنها :
-لقد قمت بدورك كيفما
استطعتِ؛ فلا تشعرين بالذنب.
نظرت له في غيظ وتبرمت ثم
تحركت خلف صديقتها هاربة.
لكنها عادت مرة أخرى
كأنها تذكرت أمرًا هام فجأة، فنظرت له وتساءلت:
-أخبرني، ماذا حدث؟!
ولماذا عدت بهذه السرعة؟!
أجاب ببساطة:
-والدتي رغبت في زيارة
أختها....
صمت قليلًا ثم استطرد في
خفوت، كأنما يتحدث إلى نفسه:
-أشعر أنها ليست بأفضل حال....
********************************
في منزل صافي.
تحديدًا في شرفة المنزل
المطلة على الشارع، جلست والدة هيثم شاردة تبدو ملامحها حزينة وحائرة.
كانت تتأمل شجيرات انتشرت
في الشارع مجتمعة في مكان قريب من بنايتهم.
دخلت صافي المكان في
هدوء، ثم وضعت كوبين من الشاي أمامهم على منضدة صغيرة، ثم جلست على المقعد المقابل
لمقعد أختها.
تأملت شرودها في صمت، ثم
تساءلت:
ماذا بك؟! ألاحظ شرودك
يتزايد هذه الزيارة...-
صمتت تبحث عن إجابة
مناسبة، ثم قالت:
لا شئ....أنا بخير.-
قطبت صافي جبينها، ونظرت
لها في استنكار، ثم تساءلت:
-ما أخبارك مع هيثم؟! هل
مازالت علاقتكم متوترة؟
:حركت رأسها نافية
-لا على النقيض...فقد
تحسنت كثيرًا، فقد زادت اتصالاته مؤخرًا، وأصبح حديثه أكثر ودًا وبهجة.
بادلتها صافي نظرة
طمأنينة، ثم قالت:
-حمدًا لله، لعله يعيش قصة
حب، كانت السبب في تغييره.
ابتسمت أمينة وشعرت ببعض
الأمل، ثم التقطت كوب الشاي وارتشفت منه رشفة، ثم قالت:
-المشكلة لا تتعلق بهيثم،
معضلتي هي الدكتور سراج.
نظرت لها أختها في شك، ثم
تساءلت في انفعال:
ماذا به والد هيثم؟!-
شردت أمينة بعينيها
بعيدًا، ثم بدأت في البوح بما يعتمل في صدرها:
-شعرتُ بالتغيير منذ فترة
طويلة....سنوات.
أخذت نفسًا عميقًا، ونظرت
بعينيها بعيدًا لتهرب من مواجهة أختها التي نظرت لها باستنكار وعدم تصديق.
فقصتها مع الدكتور سراج
منذ تعارفهم قصة حب حالمة لم يتخيل أحدهم أن تتحول إلى شىء مختلف.
تابعت حديثها باهتمام
مقطبة الجبين:
-تغيرت علاقتنا كثيرًا،
ملأها الفتور والتباعد بدون أسباب واضحة....أصبح حديثنا نادرًا ولقاءنا عابرًا
أصبح لكلًا منّا حياة
منفصلة عن الآخر.
عادت بنظراتها إلى صافي
وقالت باهتمام:
-لكن فجأة وبدون مقدمات،
تغير مزاجه إلى الأفضل كأنه تحول إلى شخص أخر..
شخص سعيد وراضٍ.
أصبح منطلقًا في حديثه
معي، اهتمامه بي. شراؤه متطلباتي الخاصة دون أن أطلب منه.
ابتسمت في مرارة، ثم
استطردت:
-شعرت بسعادة واقتربت منه
ابتغي عودة علاقتنا كما كانت....لكن
هنا توقفت عن الحديث
ودمعت عيناها وهي تتذكر:
-لم يعد كما كان.....عاد
لكل شئ كان يفعله ماعدا حبه واحساسه بي.....كأن هناك شيئًا ناقصًا.
شعرت أنني لم استرجع
احساسي به كاملًا.....كما أحسست أنه يفعل ذلك ربما نتيجة لإحساسه بالذنب تجاهي.
-ماذا تقصدين؟!
-الدكتور سراج على علاقة
بإحداهن. أكاد أُجزم بذلك.
أنهت حديثها والتزمت
الصمت لدقائق وقد عادت لاحتساء مشروبها كأنها لم تقل شيئًا.
أحست صافي بألم أختها
التي لم تتحدث إليها من قبل، تأملت صمتها والتقت عيناهم الدامعة، ثم قالت لائمة:
-لماذا لم تبوحِ بشعورك
هذا من قبل؟!
ابتسمت لها أمينة وقالت
في استياء:
-هل تعلمين؟ أن هذه هي أول
مرة أعترف حتى لنفسي بحقيقة الأمر بهذا الوضوح..
تأملتها صافي باستنكار
وتذكرت أنها بالفعل لم تشعر بهذا التغيير في علاقتها بالدكتور سراج، أو في تعاملهم
أمام ذويهم.
فقد باتت علاقتهم هانئة
لا يشوبها أي شائبة.
لذا صدقت بسهولة كلماتها
بأنها اوهمت نفسها بأن كل شئ على ما يرام، رغم ألمها ومعاناتها المكتومة.
***********************************
خرج عمرو من المشفى
تراوده أفكار سلبية نتيجة لتوتر علاقته بمريم، ومحاولة اثارة غيظه بالرد على
مكالمات آسر اللزجة..
شعر بالعصبية والجنون
لسماعه صوتها يتحدث مع غيره....حتى إن كان صديقهم المشترك.
لكنه تساءل ما نوع
العلاقة التي تجمعهم؟، ولماذا مريم بالتحديد؟....
فهو لم يعهد لمريم ويمنى
أي علاقات خاصة بشباب من قبل.
فما الذي يجمعهم في
الحديث.....كاد الشك ان يفتك به...
فقد بات إحساسه بمريم
مختلفًا عن إحساسه بأي فتاة عرفها من قبل.
كما توسم في إحساسها نفس
الاختلاف والتميز. فعلى الرغم من ان فعلها السابق كان بهدف مضايقته وإثارة
غيرته....فقد بدا ذلك جليًا علي نظراتها إليه وهي تستقبل المكالمة.
إلا أنه نتيجة لثورة
مشاعر الغضب بداخله لم يتذكر أي أمور بديهية.. وأي تصرفات غيرة كان يعلم جيدا انها
تصدر من البنات وسطحيتهن المعتادة بالنسبة إليه.
فقط ألجم مشاعره وأثر
الابتعاد مؤقتًا عن ساحة الاحداث.
أثناء انشغاله بالتفكير
في الأمر، رن جرس الهاتف الخاص به فأخرجه من جيب بنطاله، ليجد رقم والدة نورا، ظهر
على وجهه الاستياء لكنه أجاب رغمًا عنه بلهجة متبرمة:
-ألو، أهلا سيدة
ابتهال...كيف حالك؟! وما أخبار نورا؟!
استرسل في الحديث معها،
ونتج عن المكالمة أنه ذهب لزيارتها والاطمئنان عليها ومساعدتها في استذكار المادة
القادمة لقرب موعد الاختبار وعدم تمكنها من ذلك....ساعده على الاقتناع بفعل ذلك
رجاء والدتها واستعانتها به.
******************************
أما داخل بناية مريم
ويمنى وصل الجميع معًا وصعد أهل مريم أولًا، ودّعهم هيثم وظل واقفًا متأمل يمنى
التي تحركت لتتبعهم، لكنه استوقفها بنظرة من عينيه.
فودعت مريم بدورها وصعدت
بعض من درجات السلم المؤدي إلى منزلها، فاقترب منها هيثم صامتًا حتى اختفى الجميع
وتحين الفرصة ليسألها:
-بعيدًا عن دورك المنتهي
مع أصدقائك المفضلين القدامى....
أشار إلى حاله وقال
مستطردًا:
-صديقك المفضل البديل في
حاجة إليك...فهل تتغافلين عن سؤاله كيف فعل مع عشيقته وزوجة أبيه؟!
قال جملته الاخيرة بتهكم
خافت رسمَ الابتسامة على وجهها...فلم تتمالك نفسها أن تقترب منه لتتساءل في فضول:
-نعم، لقد نسيت بالفعل في
غمرة أحداث اليوم...
نظر لها وتصنع الاستياء،
فتأملته وهو يقول برجاء:
-اعتذر....أرجوك ان تتكرم
وتقص علي مسامعي ماذا فعلت في شقة عشيقتك...
كادت عيناها أن تدمع
بمزيج من التهكم والغيرة على أثر نطقها للكلمة الأخيرة...
فنظر لها وابتسم ثم قال:
-لقد
هددتني....بزوجها....والدي
ضحك في مرارة ثم استطرد:
-تشك بأنه يراقبها...وأنه
لن يتخلى عنها بسهولة....
نظرت له واختفت روح
الدعابة في حديثهم، أطالت النظر إليه وقد عجزت عن إيجاد كلمة تواسيه.
لكن وجدت نفسها تتساءل في
قلق:
-هل والدك يمكنه التحول
إلى شخص مؤذي؟!
نظر حوله في حيرة، ثم قال
كأنه يتخيل ما يمكن أن يحدث:
-وهل تتخيلين أن هذا فقط
كل ما يمكننا القلق من أجله؟
-ماذا تقصد؟
-السؤال الاكثر أهمية، إذا
علم والدي وتأكد من وجود شخص آخر في حياتها هل سيظل متمسكًا بها؟
كان تساؤله يتعلق بصورة
والده الذي يحبه رغم اهتزاز مكانته لديه...صورة قديمة لأبٍ متفان رباه كان حامي
أسرته وسبب استقرارها.
والآن بات سر تشتتها
وشعوره بالغربة، كان يتعجب من ضعفه الذي يظهر أمامه لأول مرة تقريبًا....
أما هي فكانت كل مخاوفها
تتعلق بهيثم، كانت تخشى عليه من والده....شعرت بخوف حقيقي لأول مرة على شخص لم تكن
تعرفه منذ شهور سابقة....شخص مثّل دورا هاما واصبح محور حياتها بقصته العجيبة
الغير منطقية وأحداث حياته الدرامية السريعة.
شخص جعلها لأول مرة تشعر
باحساس الخوف عليه، احساس انها تمتلك غالي قد تدفع كل ما تملك لتنقذه من أذى
محتمل....حتى إن كان الخطر يترصده من أقرب الناس إليه...
***********************************
تركت هيثم مشتتة الفكر ما
بين خوفها عليه وتذكر كل المخاطر التي مروا بها في الفترة السابقة.
تذكرت شخص أخر كادت ان
تنساه للمرة الثانية.
تذكرت شهد ووعد سابق
وعدتها به لم يوفىّ بعد....تذكرت أنها شكرت القدر أنه أمهلها الوقت لتوفي به.
لكنها نست ذلك في غمرة
أحداث حياتها...
عادت أدراجها بعيدًا عن
المنزل لتتوجه لمنزل مريم لتتفقد حالهم...
دخلت أولا لشهد
غرفتها...كانت تستعد لتبدأ استذكار دروسها استعدادًا للاختبارات....كانت تعاني من
فقدان الرغبة في ذلك....فما آن رأت يمنى حتى صاحت في فرح حقيقي:
-يمنى كيف حالك؟ تفضلي.
-هل لديكِ بعض الوقت؟!
أومأت شهد برأسها في ثقة:
-بالطبع.
جلست يمنى أمامها وربتت
على ركبتها، وقالت في أسف:
-أدين لكِ بالاعتذار حقا.
نظرت لها شهد بعد فهم،
فاستطردت:
-هل تذكرين حين وعدتك بأن
أجد بعض الوقت لنتحدث.
تذكرت شهد في تشوش وهمت
بالاعتراض، فقالت يمنى معتذرة:
-حتى بعد أن فقت من
غيبوبتك، انشغلت ولم تسنح لنا فرصة للتحدث.
نظرت لها شهد وابتسمت في
خبث، ثم صاحت في شقاوة:
-معكِ عذرك.....فهو شاب لا
يقاوم.
ضيقت يمنى عيناها وهي
تنظر لها في دهشة، ثم صاحت:
-هو....من؟!
غمزت شهد بإحدى عيناها،
ثم قالت في تأثر:
-هيثم....
تلون وجهها عندما سمعت
اسمه يتردد على لسان شهد، وشعرت أن حالها مكشوف حتى لأصغر عضو في دائرة معارفهم..
تلعثمت حتى خرجت منها
جملة مفيدة:
-من قال...ما الذي....
وهل حالي مفضوح إلى هذه
الدرجة....
رفعت شهد إحدى حاجبيها،
وقالت:
-أنتِ؟! على النقيض لقد
شككت بأمره هو.
برقت عين يمنى بسعادة
وتساءلت في فضول:
-ماذا؟ ما الذي جعلك
تشعرين بذلك..
نظرت لها شهد وشعرت لأول
مرة بأهمية ما ستقوله ، فحاولت إطالة الحديث وهي تتذكر:
-لا أعلم، نظراته إليكِ...
عندما سألته عن من يهوى
فيكم...وحين..
قاطعتها يمنى وهي تقترب
منها لتقول باهتمام:
-ماذا؟ سائلتيه عن ماذا؟!
-ابدا....كنا نتحدث وسألته
عن من يفضل فيكما
أنتِ أم مريم؟!
-وماذا أجاب؟!
تساءلت يمنى بكل شغف
الدنيا، السؤال الذي كان يسلب عقلها طوال الوقت...فأجابت شهد في براءة:
-لقد تهرب من السؤال....لم
يجب بصراحة ولكن.
تعلقت يمنى بعين شهد علها
تجد بعض الأمل، فاستطردت:
-لكن نظرة عينيه إليكِ
وقتها....أعطتني الإجابة واضحة.
تنهدت يمنى في آسى، ولم
يزدها حديث شهد إلا حيرة فوق حيرتها...
فهي لم تستقبل منه سوى
نظرات وتلميحات لا تصل بها إلى تأكيد عن مشاعره....يمكنها الاستعانة بكل تلك
المشاعر لتحلم به وتتمناه....ولكن يظل قلبها يخشاه.
تخشى هيثم متحجر القلب
الذى لا يعرف كيف يهوى أو يتقبل البراءة من الآخرين.
تخشى هيثم معقد بتجارب
أليمة لن تستطيع مداواتها مهما بلغ نقاءها وبراءتها.....
خافت على قلبها الذي يدق
لأول مرة باسمه، كلما أقدمت على المضي في حلمها به كلما زاد خوفها ومحاولتها في
الحفاظ على قلبها برئ بعيد عن الخطر.
******************************
مر يومان على الأحداث
السابقة، عادت شهد إلى حياتها الطبيعية المعتادة...
كان اليوم المحدد لبدء
اختباراتها لآخر العام، وقد حاولت استعادة ما سبقها عن طريق استقبالها المعلمين في
المنزل نظرًا لحالتها المرضية وعدم قدرتها على الخروج في فترة النقاهة.
عاونها على ذلك بعض
زميلاتها، كما شجعها والدها الذي أغدق مشاعر الحب عليها، كما أخبرها انه لا يهتم
بالنتائج، فقط فلتفعل ما يلزم وما هو في استطاعتها....وترك باقي الأمور في يد الله.
ساعدها كثيرًا تشجيع كل
من حولها بتوصيلهم إحساس بأنها إذا نجحت ستحقق معجزة، وإذا فشلت لا قدر الله لن
يترك والدها مساحة لأحد أن يلومها..
وكما اهتم بها الأهل بشكل
خاص منذ أن فاقت من غيبوبتها، كذا فعلت زميلاتها، لمست في مشاعرهم الصدق وعاونها
على ذلك حديث الدكتور أنس...الذي افتقدت كلماته الداعمة طوال اليومين السابقين...
تذكرت كلماته معها بصوته
الذي مازال صداه في عقلها:
-شهد....اقتربِ من زميلاتك
ولا تخافِ أن يكرهونك، فأنت شخص محبوب إذا تعاملتِ بشخصيتك الحقيقة دون تجمل أو
خجل....فلن تُلاقي منهم إلا شعور متبادل...
إذا أحببتهم وأظهرتِ لهم
ذلك سيبادلونك المشاعر بكل بساطة.....
ابتسمت عندما تذكرته،
أثناء سيرها في حوش المدرسة عند توجهها لأداء أول اختبار...
شعرت بوقع كلماته، حينما
غدت التفاعل مع زميلاتها أسهل من قبل...فها هي تتجاذب أطراف الحديث مع هذه، وتشارك
ضحكاتها مع تلك دون أي صعوبة....تفرقوا لأداء الاختبار...وأثناء توجهها للجنة
الخاصة باسمها، تفاجأت بشاب من خلفها ينطق اسمها في تساؤل حذر:
-شهد؟
استدارت ونظرت له في
استنكار، فكرر:
-شهد مصطفى السيوفي؟!
زادت حيرتها أضعافًا حين
نطق باسمها كاملًا، نظرت حولها في حرج...متأملة الشاب الوسيم الذي بدا عليه سابق
معرفتها على نقيض ما شعرت، ما لبث أن اقترب منها وقال مبتسمًا مشيرًا إلى نفسه:
-شهاب صلاح.
شردت بعيناها تحاول تذكر
أين سمعت بذلك الاسم الذي بدا مألوفًا بعض الشيء، لكن ذاكرتها لم تسعفها، فاتسعت
ابتسامته قائلًا في حرج:
-الشاب الذي صدمك بسيارته...
اتسعت عيناها وهي تنظر
إليه في استنكار سرعان ما تحول إلى غضب وحيرة....
***
مواعيد النشر: الثلاثاء
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك في هذه التجربة