(((لقراءة الفصل السابقة اضغط هنا)))
في أجواء الليل المظلمة وصوت هدير الرياح الباردة
بدأ يونغي في قيادة السيارة برفقة سوبين التي تجلس بجواره صامتة.
ثبتت نظرها للخارج بعدما استندت برأسها على
النافذة تراقب خلو الشوارع من المارة بعدما تجاوزت الساعة منتصف الليل.
تُفكر فيما كان سيحدث لها اليوم إذا لم تنقذ نفسها
وتجد يونغي الذي عانى في إخراجهما من الملهى بسبب تجمع طاقم الحراسة الخاصة بجون.
صوت تبادل إطلاق النيران بين يونغي والآخرين لازال
يصدح برأسها لتتساءل في قرارة نفسها:
" هل لطالما كانت حياته بهذا الشكل؟ تهاوي الجثث أمامه لم يكن بالأمر
الجلل فعن عن أي ثبات انفعالي وهو يستخدم سلاحه كما في الألعاب الإلكترونية."
ربما هو محق بشأن كون الرجل الذي لا يرى سوى
الأحمر لا يمكنه مبادلة الكثير على أي حال، فكل ما يملكه أكثر عن ما يكون مشاعر
فارغة لن تُحدث فارق بحياته المليئة بالخطط.
انغمست سوبين في تفكيرها الذي طغى على حقيقة الوقت
الذي مرّ.
سرق يونغي بعض النظرات نحوها بقلب مضطرب فأبشع
السيناريوهات قد خُلقت برأسه عندما أعتقد أنه سيخسرها هذه المرة.
لا يعلم إذا كان يحبها أم لاء لكنها أصبحت جزء من
حياته..جزء لا يريد فقدانه على الأقل ليس الآن.
يعلم نهاية قصتهم التي لم تبدا سوى بمشاعر متخبطة
فهو لا يمكنه التحكم بشكوكه منذ صغره وحاجته بالبقاء مستقلًا بذاته وسط عالمه
الخاص.
نظراته التي يبادلها لسوبين التي غطت في النوم
جعلته يدرك أن الحياة بها الكثير من النهايات المبهمة لذلك سيترك الأمر هذه المرة
للنهاية...لطالما أحب وضع نهاياته قبل بداية أي شيء يفعله لكنه سيتخلى عن هذا
وسيستمتع باللحظة إلى أن تنتهي.
وصل إلى المنزل ليوقف سيارته بالمكان المخصص، أراد
إيقاظ سوبين لكنه لم يرغب بإزعاج نومها بعد ما مرت به اليوم.
يعلم جيدًا شعور الذعر الذي مرت به؛ عندما حاوط
جسدها بذراعيه لم يتوقف عن الارتجاف بالرغم من محاولاتها الفاشلة في الحفاظ على
رباطة جأشها.
نزل أولًا ثم أتحه ليفتح الباب برفق من الجانب
التي تستند عليه سوبين.
حاوط ذراعيه حول جسدها بحرص كي لا يؤلمها يحملها
للداخل وأثناء فعله لهذا استيقظت سوبين بفزع كاد يتسبب لها بالسقوط من بين ذراعي
يونغي.
التقطت انفاسها براحة عندما نطق يونغي بهدوء:
" لابأس، لقد وصلنا للمنزل ولم أرغب في إيقاظك لذلك حملتكِ"
هزت رأسها بتفهم تستند برأسها على كتفه لتجيبه
بنبرة ناعسة:
" أشكرك على ظهورك اليوم محامي مين، ظننت أنني لن أراك مرة أخرى و رغم
وقاحتك إلا أنني أردت رؤيتك على الأقل لأخر مرة."
عقد يونغي حاجبيه بانزعاج لفكرة خسارتها الني
طرحتها بشكل يائس:
" ربما لا أطيقك بالإضافة إلى أنكِ بارعة في إفساد مزاجي واستخدام
طريقتي في التواقح لكن بالتأكيد انتِ لا تضاهين وأحيانًا أرغب في تفجير رأسكِ بسبب
غباءك لكن.."
صمت يونغي بعد ضحكته الساخرة لتحل ملامح الجدية
على وجهه ليردف:
" وإذا أجتمع من على اليابس على إيذائك لم أكن لأسمح بهذا...لا يمكن
لأحد قتلكِ غيري."
ابتسامة صغيرة نمت على ثغر سوبين تنطق بهدوء بعدما
شابكت يديها حول عنق الأخر تُرجع رأسها لتستند على صدره:
" لديك أسلوب التفنن في الردود يونغي-شي اذا أعتقد
أن بعد كل شيء لازال لديك طريقة تختلف بها عن جميع من على هذه الأرض."
بنبرة غرور أجاب:
" بالطبع أنا مختلف فلا أحد يمتلك مثل وجهي الوسيم وصفاتي التي تميزني."
" دعنا لا ننسى وقاحتك الغير منتهية بالإضافة إلى كونك مغرور لعين."
بادلها يونغي بابتسامة لم تتمكن من رؤيتها بعدما
نجح في استفزازها للمرة المئة.
دخل المنزل بخطوات حريصة يستمع لهمهمات سوبين
وتمتمتها التي تحمل جميع اللغات بلعنه وسبه.
أخذها لغرفته هذه الليلة كي ترتاح، وضعها على
الفراش ثم غادر للخارج يجلب علبة الاسعافات الأولية.
انتظر في الخارج لحين انتهاء سوبين من تغيير
ملابسها إلى اخرى مريحة.
سمحت له بالدخول بعدما طرق الباب. اقترب يجلس على
مقدمة الفراش بجوارها.
بدأ في إخراج الأدوات التي سيستخدمها لتعقيم الجرح
بجانب فمها.
" سيؤلم في البداية."
همهمة طفيفة كانت اجابة متفهمة من سوبين التي تحدق
به بينما تسبه على هذا التشتت الذي هو سببه فكيف يكون بهذه المراعاة وأحيانًا أخرى
يتحول لوغد لعين!!
قرر كسر الصمت الذي حل بينهم وخاصة تحديق سوبين
الذي طال به:
" ألن تخبريني كيف تعرفيني منذ طفولتك؟"
" همم ليس الآن لكن عندما تفوز بالقضية سأخبرك، لذلك افعل ما بوسعك
للفوز إذا أردت أن تعرف"
" موافق."
انتهى من تعقيم اغلبية الجروح التي أصابتها ثم نهض
للمغادرة بعدما تأكد من انها بخير دون التحدث وذكر ما حدث اليوم.
يقسم بجميع السنوات التي عاشها انها إذا لم تمنعه
اليوم لقتل الحقير الذي يُدعى جون لكنه توقف عن ترجته أن يفعل.
استدار للمغادرة عندما سحبت سوبين الغطاء فوق
جسدها المرهق.
أغلق الأنوار ثم خرج من الغرفة يعود لصالة منزله
خاصة الأريكة التي اعتاد النوم عليها والتي أصبحت تخص سوبين الفترة الأخيرة.
هاتف يوهان يطلب منه البحث عن بعض المعلومات ثم
تمدد لينام بعد يوم متعب.
توالت الأيام المليئة بلحظاتهم اللطيفة، مشاجراتهم
الطفيفة التي تحمل جزء كبير من الراحة.
اعتاد يونغي على تحمل سوبين بل أنه لم يعد ينزعج
من ردودها أو رغبته في الصراخ وفقد السيطرة على غضبه.
اكتشفت سوبين جانب لم تكن لتصدق أنه يتواجد به فهو
مليء بكل شيء.
لديه قدر عالي من الذكاء، الرزانة، الهدوء وأيضًا
في بعض الأحيان تصرفاته العفوية التي تشبه خاصة الأطفال كانت تجعل قلبها ينبض له
بحب مبالغ.
أحبت تطور علاقتهم ليصبحوا أصدقاء وربما شيء أكثر
بالنسبة لها فلقد كانت تلازمه الأيام السابقة في زيارته لجونكوك وجميع الأماكن
التي ذهب إليه.
شارك جزء كبير من المعلومات التي حرص على جعلها
خاصة به فقط معها وهذا جعلها تشعر بالكثير من الامتنان.
جاء يوم المرافعة الأولى لقضية جونكوك. ارتدى
يونغي ملابسه الرسمية يحدق بهيئته بالمرآة التي أمامه.
وقفت سوبين بجواره تشجعه بابتسامة تحمل الكثير من
التفاؤل ليبادلها الأخر الابتسامة.
علم يونغي بشأن تواجد الصحافة لذلك قرر المغادرة
دون سوبين بل والادعاء انه لا يعرفها كي لا يستهدفها راين بعد ظهورها معه.
وصل للقاعة التي ستجرى بها المحاكمة يقلب عينيه
بين فريق القضاة وفريق الادعاء خاصة المدعي بارك جيمين الذي سيقف ضدته.
بملامح لا تحمل سوى الجمود جلس مكانه ينظم الأوراق
لحين بدأ المرافعة.
لاحظ دخول سوبين للقاعة وجلوسها بين الحشود، نظر
لها للحظات ثم ثبت نظره على الأوراق التي أمامه.
حان موعد المرافعة ليدلف جونكوك للقاعة والأصفاد
تحيط يديه.
بدأ فريق الادعاء بطرح القضية لتبدأ المرافعة.
صوت كاميرات الصحافة كانت تصدح بصوت عالي بسبب
هدوء الحشد المتجمع من عامة الشعب.
قابل يونغي اتهام المدعي بارك يدافع عن جونكوك بكل
ثبات وبشأن شجاره مع والديه هذا اليوم
" جميعنا نتشاجر مع عائلتنا ولكن هل تظن أن هذا سبب كافي لإحراقهم على
قيد الحياة؟! ألا تظن أن هذا مبالغ به مدعي بارك."
صمت للحظات ثم أكمل:
" إذا افترضتنا نظريتك هذه مدعي بارك فكل من يتشاجر مع عائلته يجب أن
يُحاكم بتهمة الشروع في القتل!! ولكن هل هذا السبب كافي لإنهاء حياة فتى مراهق لم
يتجاوز السابعة عشر؟ هل يكفي هذا الاتهام لمجرد انه تشاجر مع عائلته بسبب كيم راين
وسمومه التي تعم من مصانعه في حي ايتوان؟"
قابله المدعي بارك بالرد:
" على أي أساس الغازات والسموم خاصة بمصانع كيم راين؟ أبضًا لم تردنا
أي حالات تسمم من مشفى حي ايتوان."
ابتسامة جانبية نمت على ثغر يونغي الذي وجهه حديثه
لفريق القضاة:
" لقد قدمت طلب بحضور الطبيب جون بالفعل والآن من سأستدعيه
للإدلاء بشاهدته."
وافق فريق القضاة ليخرج جون ويجلس على المنصة
بملامح مكفهرة، قلقة مما سيحدث.
طرح يونغي بعد الاسئلة البسيطة الني كانت إجابتها
عن نعم، لا.
" طبيب جون هل لي ان أعرف أين خبئت أوراق حالات التسمم نتيجة تسرب غاز
إكس من المصنع؟"
توتر جون عندما أتت هذه السيرة لينطق بتقطع أنه لا
يعرف عن أي أوراق يتحدث فلم يأتي أحد إلى المشفى يعاني من أي حالات تسمم.
صاح جونكوك في المقابل:
" أنه يكذب أقسم لقد تم تشخيص شقيقتي الصغرى بالتسمم والكثير من
الأشخاص لكن تم تهديدهم من كيم راين لذلك رفضوا الإدلاء بشهادتهم!"
ضرب القاضي المطرقة الخاص به عدة مرات بسبب الفوضى
التي حلت بالمكان ينبه جونكوك بشأن الحديث مرة أخرى بدون أذن.
عاد يونغي للنطق:
" هل أنت متأكد من عدم وجود أي من تلك الأوراق؟"
أجاب جون بتقطع:
" بالتأكيد"
" سيادة القاضي أرغب في الحصول على الإذن لتشغيل هذا الفيديو كدليل."
"في المقابل نهض المدعي بارك باعتراض:
" اعترض سيادة القاضي لم يتم ادراج هذا الفيديو في الأدلة لا يمكنني
السماح به!!"
" لقد تأخرت في الحصول عليه سيادة القاضي ولكنني قدمت طلب بالفعل في
الصباح بعرض مقطع الفيديو ولقد حصلت على رسالة من وزارة القضاة بعرضه."
اقترب يونغي من منصة القضاة برفع الهاتف أمام
أعينهم ليروا الرسالة.
رد القاضي على حديث المدعي بارك:
" اعتراضك مرفوض."
أكمل يونغي ما يفعله بتشغيل الفيديو الذي التقطته
سوبين له وهو يعترف على كيم راين وبشأن تخبئه للأوراق.
علت صوت الهمهمات في أرجاء القاعة بغير تصديق فكيف
لطبيب مثله أن بفعل شيء بهذه الدناءة.
تصبب جون عرقُا وهو يسمع تهامس الناس بشأنه لكنه
قرر فعل ما أخبره به راين.
" هل لديك أي تفسير على هذا طبيب جون؟"
" حسنًا، هذه ليست الحقيقة بالكامل سيادتك ربما تلقيت بعض الرشاوي لكن
لا دخل لكيم راين بأي من هذا فأنا كنت مستاء للغاية منه لذلك حاولت تلطيخ سمعته و
الافتراء عليه غير ذلك لم يحدث أي من هذا."
بعد الكثير من التساؤلات والإجابات قرر القاضي
الاكتفاء بهذا القدر للمرافعة الأولى.
تمت مناقشة الأدلة التي قدمها كل من فريق الادعاء،
المحامي يونغي.
قرروا محاسبة الطبيب جون وسحب رخصته، دفع غرامة
تعويضًا عن فعلته
" انتهت المحاكمة لليوم."
اقترب يونغي يقف بالقرب من جونكوك يطمئنه:
" لا تقلق هذه مجرد البداية ولازال القاضي سيراجع الأدلة التي قدمتها."
هز المعني بالحديث رأسه بتفهم ثم غادر برفقة
الحارس لغرفته.
خرج يونغي للخارج واقترب يصعد لسيارته بمجرد دخوله
وجد سوبين تنتظره في الكرسي المجاور.
نطقت بحماس:
" لقد كنت رائع محامي مين، لا أصدق كيف يمكنك الحفاظ على ثباتك
الانفعالي بهذا الشكل، يا رجل أنت لا تقهر."
" أعلم."
اختفت ملامح سوبين السعيدة لتحل محلها ساخرة تقلد
طريقة اجابة يونغي:
" أعلم، هل يمكنك اظهار بعض التواضع؟!"
قاد يونغي لمطعهم المفضل لتناول الغداء سويًا
واحتساء مشروب احتفالًا بأدائهم بالإضافة إلى انضمام يوهان لهم.
وسط ضحكات سوبين الصاخبة برفقة يوهان كان يونغي
يرتشف مشروبه بصمت راسمًا ابتسامة على ثغره مستمتعًا بما يراه.
خاض الكثير من المحاكمات لكن هذه غير فمنذ
المرافعة الأولى يشعر كما لو أنه انتصر.
أعطى يونغي أوراق المرافعة الثانية لسوبين كي
تحتفظ بها في المنزل لحين عودته بعدما قرر المغادرة اولًا.
" أين ستذهب؟"
" لن أتأخر"
اكتفى بهذا ثم أكد على يوهان بتوصيل سوبين للمنزل
والعودة لمنزله كذلك.
غادر لزيارة قبر والدته لكنه لم يطل بالبقاء هذه
المرة فقط أخبرها أنه انتهى من واحد اليوم.
عاد للمنزل ليقضي بعض الوقت مع سوبين في مشاهدة
التلفاز وتناول الفشار.
غير ملابسه إلى أخرى مريحة ثم نزل للصالة
يتمدد على الأريكة واضعًا رأسه على قدم سوبين.
لاحظ يونغي صمتها وعدم الصياح كعادته
" لماذا انتٍ مستاءة؟"
" انت لم تخبرني أين ستذهب! أ لازلت لا تثق بي؟"
" الامر ليس كذلك فقط هذا شيء خاص بي"
" براحتك."
" سأخبرك أين ذهبت لكن ليس الآن بل سأخذكِ معي المرة القادمة."
" تعدني؟"
هز يونغي رأسه تأكيدًا لتشغل سوبين الفيلم ويقضون
سهرتهم بعدما انهوا التجهيز للمرافعة التالية.
نام يونغي أولا لتتبعه سوبين في النوم على الأريكة
التي بجواره.
حل ليل هادئ ليضحي صباح كان فارق بكل شيء.
استيقظت سوبين بسبب صوت رنين هاتفها. بأعين ناعسة
مسكت الهاتف تجيب بدون ان ترى الاسم.
فتحت عينيها على مصرعيها عندما استمعت لصوت هز
كيانها وبعثر شتاتها.
ابتلعت ريقها بخوف تتفحص رسائل الهاتف تحدق
بالرسالة الأخيرة بعدما انقطعت المكالمة.
ارتجف جسدها بعنف تحدق بالرسالة تارة و يونغي
النائم براحة أمامها لا تعلم ماذا تفعل.
تملك الخوف منها تشعر أنها عاجزة ولا يمكنها
الاستعانة بمساعدة يونغي هذه المرة.
وإذا لم تتصرف سيكلفها الكثير، ابتلعت ريقها بذعر
تحسم أغبى قرار ستتخذه في حياتها.
نهضت وغيرت ملابسها تلقي بنظرة حزينة على جسد
يونغي ثم غادرت المنزل قبل استيقاظه.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك في هذه التجربة