(((لقراءة الفصول السابقة اضغط هنا)))
الفصل السادس والعشرون
"اعتراف مرن"
وقف شهاب على ناصية الشارع، يترقب ظهور شهد التي سارعت الخطا رغم قدومها قبل موعد الدرس بنصف ساعة.
فتبعها مبتسمًا وقال في خفوت:
-هل ستواصلين تجاهلي، كما فعلتِ مع مكالماتي.
ألقت نظرة سريعة ولم تجب، لكنها توقفت تحدق إليه في حيرة، فاستطرد:
-شهد...أنا لا أقبل الهزيمة...ولن أتركك تتعاملين معي بهذا الشكل.
نظرت له في تحدٍ بوجه جامد، فقال مبتسمًا وقد لانت ملامحه:
-هلا ترأفين بحالي....فأنا أقصد كل الخير.
نظرت له صامتة، لكن ظهر شبح ابتسامة على وجهها، لمحه هو فقال مُعلقًا:
-لا تقاومِ رغبتك في مَنحي أول ابتسامة.
أشاحت بوجهها غير قادرة على منع ابتسامتها في الظهور، فقال في انبهار:
-ماهذا؟! لقد تضاعف جمالك فجأة لمجرد الابتسامة....
عقد ذراعيه ونظر لها متظاهرًا بالجدية:
-اتساءل كيف ستبدين إذا ألقيتُ دعابة أضحكتك....
تأمل ضحكتها التي أنهتها بعبارة جادة محاولة إخفاء حرجها:
-شهاب...ماذا تفعل؟! وماذا تريد؟!
أمسك قلبه متظاهرًا بالتأثر وقال:
-هل نطق باسمي ملاك أم انني أتخيل؟!
تنهدت وقد اعتصر قلبها لمجاملاته المتتابعة وشعرت بانهيار مقاومتها، فكررت متظاهرة بالجدية رغما هنها:
-توقف أرجوك...
ماذا تريد مستخدمًا كلمات الاطراء تلك؟
اقترب منها ليقول برجاء مستخدمًا اصابعه في العد:
-أنتِ لم تخبريني بمسامحتك لي أولًا.
أجابت بسرعة لتنهي الموقف:
-بالتأكيد فأنا من تنازلت عن القضية لو تتذكر.
-إذا فأنتِ طيبة القلب ومتسامحة فلماذا تعاملينني هكذا اذن؟!
نظرت إليه في حيرة، فاستطرد دون إعطاؤها فرصة للتهرب:
-نحن زملاء دراسة...وأنا أرغب في خلق علاقة تواصل ما بيننا....فلماذا أجد منك كل هذا الصد.
-لأنني لا....
قاطعها قائلا:
-لن استمع إلى أسباب....ولن أكف عن ملاحقتك.....
نظر لها نظرة تحدي أذابت مقاومتها كالجليد في صيف حار، ثم قال قبل أن يغادرها تاركًا اياها في حيرة وذهول من جراءته:
-أنت وأنا سنصبح أصدقاء مهما فرضتي قيودك في العلاقة....
ألقى سلامًا بعينٍ شقية، ثم تقدمها ليدخل الدرس اولًا.
قبل أن تفيق من ذهولها، جاءها صوتا من خلفها، طالما اشتاقت إلى سماعه، لكنها انزعجت حين أخرجها من شرودها قائلًا في ترحاب:
-شهد كيف حالك؟! حمد لله على سلامتك.
نظرت لأحمد واتسعت عيناها، لظهوره المفاجئ بعد غياب.
لكن ما لفت انتباهها أكثر هو شعورها بالانزعاج لرؤيته عندما أخذها من شرودها وتأمُلها للموقف السابق، ألقت نظرة عدم اكتراث عليه ثم قالت ببساطة:
-أشكرك....أنا بخير حال.
قصدت بكل حرف في كلمات جملتها أن تؤكد على تحررها من مشاعرها السابقة نحو ذلك الشاب.
لكنها شعرت بقلق على تحرر مشاعرها وتعرضها لشهاب بكلماته المعسولة وخفة دمه....التي قد تكون سبب في انجرافها لقصة حب جديدة لن تستطع مقاومتها هذه المرة.
قصة حب مختلفة عن تلك التي تشكلت بالخيال...قصة واقعية بدأت بداية درامية وها هي تتحول إلى رومانسية كوميدية خفيفة وتمتاز بالبساطة كما تُلاءم شخصيتها وحياتها.
*********************************
نظر لها عمرو بنظراته الغاضبة واستمع إليها وهي تقول في غيظ:
-لقد رأيت نظراتها المستترة من خلفك....هي ونورا يضعان خطة محكمة لإيقاعك في الشرك.
وأنت....
التقت عيناهم قبل أن ترفع احدى حاجبيها مستطردة:
-تسير بلاهواده لتسقط بإرادتك في الهاوية..
أجاب بسرعة وانفعال:
-تتحدثين كأنني عروس ماريونت يتلاعبون بها.
ابتسمت في خبث، قائلة في تشفي:
-لقد أجدت التعبير.
اتسعت عيناه في غيظ وبدا لها أنه سينفجر من العصبية وقد احمر وجهه عن آخره..
خطت خطوة بعيدًا عنه، قال هو بصوت صارخ:
-إياك والتطاول بهذا الشكل مرة أخرى.....لن أسمح لكِ.
قالت بلهجة حانية؛ محاولة أن تستدرك موقفها معه:
-عمرو.....لماذا تَبقى على علاقتك بها.....لقد فاقت وأصبحت بأحسن حال...
ألا تستنكر إبقاءها لك على كل حال..
هز رأسه وقال بعد أن أخرج نفسًا حارًا:
-نورا....كانت ومازالت شخص أكن له الاحترام والتقدير لكل مجهوداتها معي...
لن أتخلى عنها بهذه السهولة....
-ماذا تعني....هل ستظل علاقتك بها قائمة طوال الوقت....هل ستظل نورا تهدد استقرار علاقتنا في مستقبلنا القريب والبعيد.
شرد بتفكيره بعيدًا، ولم يستطع الإجابة في الوقت الراهن، أفاق من شروده على صوت هاتفه.
نظر لشاشته ثم قال لها في رجاء:
-مريم.....هل يمكننا التحدث في وقت أخر؟!
-لا....لا يمكننا ذلك...لأنه اليوم الاخير لنا هُنا.
وأنت تختار قضاءه مع صديقتك السابقة..
نظر لها ثم قال بسرعة وانفعال:
-كفى اتهامًا.....الا تثقين بحالك معي؟!
نظرت له وشعرت بالإهانة، رن هاتفه مره أخرى فتضاعف غيظها....بدا له أنه يرغب في الابتعاد والذهاب إليها.
فأجابت سؤاله بسؤال:
-ألا يمكنك التخلي عن حياتك السابقة ك دنجوان....وتحاول جاهدًا على إبقاء العلاقة التي بيننا.
أجاب في سرعة وعجلة:
-أذا اشتملت العلاقة على عدم الثقة ستنهار حتمًا.
نظر لها نظرة طويلة، دمعت عيناها على أثرها، وشعرت أنه الوداع.....همت بقول شئ أخير.
لكنه تركها وانصرف.....تتبعت خطواته حتى وصل إلى نورا.
******************************
وهل ستفتقد وجودي في حياتك؟-
نطقت يمنى الجملة باهتمام، منتهزه فرصة الحديث عن الحنين.
فنظر لها هيثم، ورفع حاجبه قائلًا في استنكار :
-وهل تشكين في ذلك؟
أجابت بسرعة:
-ليس مجرد شك، فأنا متأكدة من ذلك.
ابتعد برأسه للخلف، وهو ينظر لها بدهشة حقيقية:
-لماذا تقولين ذلك؟!
نظرت له محاولة قراءة افكاره، ثم قالت:
-وهل أخبرتني بأهميتي في حياتك؟...وأنا لم أنتبه!!
-ماذا تقصدين؟
-اتساءل ببساطة ماهي اهميتي في حياتك؟ وما هو دوري؟!
وهل تشعر حقا بوجودي حتى يؤثر غيابي على استقرارك...-
نظر أمامه في حيرة، وبدا صامتًا لبعض الوقت، ثم أعاد النظر إليها كأنه يعجز عن إيجاد الرد. فقالت لتستحثه على الحديث:
-هيثم....لماذا لا تجيب؟! هل الأمر يستدعي كل ذلك التفكير؟!
-ليس الامر كذلك؟!
-كيف هو أذن؟ هلا تخبرني؟
قالتها بعصبية واضحة وعدم فهم، فرد وهو يحاول فك عقدة لسانه:
-أنا ......أنا أتخوف المُضي قدمًا في أى علاقة...
كما أنني أشعر بالتوهة...ما بين الزائف والحقيقي.
-عن ماذا تتحدث؟!
قالتها باستنكار بعينٍ دامعة، وقد شعرت بالإهانة من حديثه، فأجاب سريعًا ليشرح مقصده:
-عن المشاعر....
-أنا أحبك.
نطقتها دون تفكير، وقد شعرت أنه في حاجة الى سماع ماهو حقيقي لعله يشعر بالهداية والثبات.
فنظر إليها بعينٍ لامعة، وقد بدا عليه الضعف وقلة الحيلة.
أطالت النظر إليه لعله يتحدث، لكنه لم يفعل، انتظرت رده...رفضه....اقباله على الأمر.
لم يفعل....جاوبها بصمت هادئ وبداخله يشتعل....يرغب في التحدث وابقاءها لكن يقيده خوف داخلي لا يعلم كنهه.
قامت في انفعال وقد تحولت ملامحها للغضب والاستنكار، ولكن قبل أن ترحل....تحرك هو ليمسك يدها ويمنعها من الرحيل.
قام من مكانه ليقترب منها ثم قال في تثاقل:
-يمنى.....لا تتركيني....أرجوك....لقد كنتِ الوحيدة القادرة على فك عُقدي....فلا تستسلمين الآن.
فقد عهدت فيكِ قوة الارادة والتعقل.....
نظر في عينيها طويلا ثم قال في تحايل:
-أنا في حاجة اليكِ......
فكر ثانية قبل أن يقول:
-على مدار حياتي كلها....لم أعهد دور لأحد اهم من دورك في حياتي.
نظرت له وقد تلمست حنيته وطيبته، نعم فقد أجاب سؤالها عن دوره في حياتها بأروع ما يقال، لكنه لم ينطق بالكلمة التي نطقتها لأول مرة في حياتها منذ قليل.....لم تسمع صدى للكلمة رغم انتظارها لذلك بشوق.
شعرت بالرضا من حديثه، لكنها انتظرت سعادة وفرحة وليس مجرد شعور بالرضا في لحظة حالمة كتلك...
تضاربت أفكارها كثيرًا لكنها في هذه اللحظة فقط اختارت البقاء...
أو لم تقوى على المغادرة....
********************************
في منزل عائشة....وكعادتهن اجتمعت جاراتها بالإضافة لأمينة الضيفة التي بقيت عند أختها
فاستقبلتهم عائشة بترحاب كما أحسنت ضيافتهن بمختلف الأصناف والمشروبات.
اخذت صافي نفس عميق، ثم قالت مبتسمة:
-وأخيرًا أنهى أطفالنا دراستهم على خير....أسأل الله التوفيق لهم جميعًا واكتمال تخرجهم على خير.
ابتسمت عائشة وقالت في سخرية:
-أطفالنا؟!....تقصدين أولادنا أصبحوا الآن رجال وسيدات ناضجين.
هزت صافي رأسها وقالت بخبث:
-نعم، معكِ حق.. ولكنني أحاول التذكر أنهم مازالوا ينتمون إلينا.
قالت تهاني في خيبة أمل:
-ينتمون إلينا؟! انتظري حين يأخذوا حريتهم فسينطلقوا بعيدًا عنّا.
ابتسمت عائشة قائلة:
-معكِ حق....فهم يتحينون الفرصة للانطلاق والتخلص من قيودنا.
نظرت لهن صافي في راحة ثم قالت:
-حمدًا لله....هذه الحقيقة ليست جديدة على عمرو.
فهو متحرر من يومه ومستقل عن تحكمي وكلمتي.
تبادلت تهاني النظرات مع عائشة، ثم قالت في قلق:
-كالعادة حالك مختلف...نحن لدينا بنات وأنا للحق، أخشى عليهن من حياة الحرية تلك.
ابتسمت عائشة وهي تناولها طبق من الكيك أمامها، ثم قالت:
-بالله عليكِ لا تفكرين في فرض قيودك من الآن...اتركِ المجال لها كي تتنفس أولًا.
مازالوا في آخر يوم اختبار بعد.
ابتسم الجميع ماعدا أمينة، فبادلتها عائشة نظرة تشجيع وهي تقول:
-المكان أضاء بنورك يا أمينة هانم...
-مضيء بنور مُلاكه، سيدة عائشة.
اتسعت ابتسامتها، وهي تقول لتستحثها على المشاركة في الحديث، ظنًا منها أنها قد تشعر بالحرج؛ لعدم إعتيادها عليهن:
-وأنتِ، ما رأيك؟!.....
نظرت لها بعدم فهم، كأنها لم تستمع لحديثهن، فاستطردت عائشة موضحة:
-هل علينا القلق من الفترة القادمة؟ وتغير حال أولادنا.
نقلت أمينة بصرها لعائشة، ثم نظرت للجميع بشمول، وهي تتحدث:
-بالنسبة لي، قلقي الوحيد على هيثم....فهو يرغب في الانتقال إلى هنا فجأة.
رغم أنه لم يظهر هذه الرغبة عند نقل أوراقه لجامعته الحالية.
تبادل الجميع نظرات الحيرة، ثم قالت تهاني في بساطة:
-وما مصدر القلق في ذلك؟!
فمن الطبيعي أن يسعى أي شاب للمكوث في العاصمة، للبدء في مستقبله المهني.
-معكِ حق. ولكنني لا اقوى على البقاء هناك وحدي.
أغمضت عيناها وقد تخيلت حياتها وهو متغرب عنها، باقي حياته..
في نفس الوقت...انفتح باب الشقة لتظهر يمنى من بعيد...التي تفاجأت بهذا التجمع في منزلها.
دخلت لتلقي نظرة على الجميع وقالت في ترحاب:
-اهلا وسهلا....لقد جذبني المكان بإضاءته لوجودكم.
ثم اقتربت لتسلم وتحتضن صافي وتهاني في ود، توقفت عيناها على والدة هيثم، تتأملها في إعجاب، فقامت عائشة بتولي مهمة التعريف:
-السيدة أمينة....والدة هيثم زميلكم.
اشرق وجه يمنى واقتربت تحتضن، والدة هيثم في ود.
التي قالت على الفور:
-أهلا يمنى، لقد سمعت عنك الكثير ولكن لم أتخيل رقتك وجمال مظهرك.
ابتسمت يمنى في حرج، وقالت في أدب:
-من ذوق حضرتك، أمينة هانم....كيف حالك ؟!
-بخير حال.
قالت صافي وهي تنظر لأختها:
-أمينة، أنت تعلمين...مُرحب بوجودك أنتِ وهيثم وحتى الدكتور سراج في اي وقت.
انتبهت يمنى على ذكر السيرة، في حين قالت عائشة:
-يمنى يمكنها التحدث معه، لمعرفة ما يدور برأسه.
تساءلت يمنى في حيرة:
-عن من تتحدثان ؟
أجابت تهاني:
-هيثم....أنه يرغب في استكمال حياته هنا.
ظهر شبح ابتسامة عل وجهها لكنها نجحت في إخفاؤها عن الجميع، وقالت متظاهرة بعدم الاكتراث:
لم يتحدث ف الموضوع، ولكن ما الضير في ذلك؟-
-انه سيتركني وحدي.
-ووالده الدكتور سراج...أطال الله في عمره..
قالتها وهي تنظر باهتمام لأمينة، التي شردت بعيدا وقد بدا عليها الحزن.
ثم قالت في استياء:
-سراج دومًا مشغول، يمر علينا أيام لا أراه فيها، كان الله في عونه.
انتقل إليهم الحزن فنظرت للجميع، ثم قالت وقد أشرق وجهها بابتسامة:
-لكنه حنون مثل هيثم....ما يلبث أن يعوضني كلما نتقابل.. لكن هيثم كان يملئ دنيتي بتفاصيله واحتياجه للاهتمام.
نظرت لها يمنى، وتذكرت من ملامحها ملامح هيثم وتذكرت ساعتهم الأخيرة معًا.
التي ظل فيها يحاول مشاكستها لينهي إحساسها الداخلي بوجع الكرامة على أثر عدم رده على كلمة الحب التي صدرت منها......ابتسمت وهي تنظر لوالدته التي حاولت ايضًا اخفاء جرحها بالتحدث بشكل جيد عن والد هيثم حتى إذا كان مُخالف للحقيقة.
*****************************
عادت مريم إلى المنزل، لتجد والدها جالسًا في الصالة ينظر لها بابتسامة واسعة.
أقبلت عليه ومالت لتطبع قبلة على وجهه، قال لها وفي عينيه ابتسامة تعرفها مريم جيدًا:
-اجلسي حبيبتي.....عندي لك خبر أعتقد سيتسبب في إسعادك.
نظرت له وضيقت عيناها، ثم تساءلت:
-خير؟
-عريس.....
تجهمت ملامحها وبدأ يغزوها الضيق، لكنه ما لبث ان استطرد:
-لكنك تعرفينه جيدًا.....فهو زميلك في الجامعة...
نظرت له باهتمام وقد طرأ شخص بعينه على ذهنها، تابعت حديثه:
-آسر جمال.....
ترقب رد فعلها الذي لم يتضح له كثيرًا، ما بين السعادة والحيرة، فردد سؤال ليستوضح:
-هل تعرفينه؟!
أومأت برأسها في إيجاب، وقالت بعينٍ تائهة:
-نعم....بالفعل هو زميلنا في الجامعة.
-وما رأيك؟!
شردت بعيدًا وتذكرت حديثها ليمنى عن ضرورة تغيير اختياراتها لعلها تجد حياتها أسهل، فرسمت بسمة على وجهها ونظرت لوالدها مجيبة:
-شاب ممتاز....أخلاقه جيدة....كما أن وضعه الاجتماعي جيد.
برقت عينيه وهو يقول:
-بالفعل....فقد تقصيت عن والده بعض المعارف....وتبين أنه يمتلك شركة مقاولات.
على ما يبدو أنه رجل ناجح.
اتسعت ابتسامتها، وقد شعرت بأنها قد تخطت مرحلة شبابها وأنهت سنين دراستها، لتنتقل على الفور إلى حياة عملية يحكمها العقل ثم العقل...ولا مجال للعاطفة ابدا.
أبعدت عن خيالها صورة عمرو التي قفزت أمامها فجأة وكادت أن تتسبب في شعورها بغصة في حلقها....
-هل أبلغهم بموافقتك لمقابلته؟!
أومأت برأسها دون أن تجيب، حاولت أن ترسم ابتسامة بسيطة وهي تتنهد ثم قامت لتدخل غرفتها بمشاعر مختلطة ما بين الرهبة والترقب
**************************************
في اليوم التالي استقبلت مريم يمنى بعد أن قصت عليها الخبر في الهاتف.
لتدخل يمنى مقطبة الجبين تنظر لصديقتها في غضب، لم تنطق مريم بكلمة فقط سبقت يمنى إلى غرفتهن، تبعتها يمنى بوجه مُتجهم.
جلست ثم نطقت بعد أن تأملت صديقتها في صمت:
-هل أخبرتَ والدك بالموافقة؟
-نعم تقريبًا....ولتعلمين أشعر بالراحة بعد أخذي لهذا القرار.
نظرت لها يمنى بعدم تصديق، فحركت رأسها بعيدًا...قالت يمنى في لوم:
-أنتِ تكذبين على حالك؟
-هلا تخبرينني بعيب واحد بآسر؟
قالتها مريم في سرعة وحزم، فرفعت يمنى حاجبيها مندهشة وقالت:
-أنتِ لا تحبينه.
ابتسمت مريم باستهزاء، ثم قالت في بساطة:
-أجد هذه ميزة، هل لاحظتِ اختياراتي في الفترة الاخيرة؟
حاولت يمنى أن تعترض، فبادرتها مريم في حسم:
-يمنى، لقد اتخذت قرار بإعطائه فرصة، كما أنني قمت بأداء صلاة الاستخارة بالأمس واستيقظت ويملئني شعور بالراحة .
نظرت لها يمنى في شك، وقالت في ارتياب:
-على الرغم من عدم ظهور ذلك على وجهك، لكن أنا لا أتفق على مبدأ الهروب من قصة حب إلى قصة بديلة على الفور.
-ومن أخبرك أنني أحببت عمرو؟
صمتا قليلًا، ثم قالت مريم في حيرة:
-منذ أن أنهينا اختباراتنا وانتهت علاقتنا بالجامعة إلى الأبد، وأنا أشعر بالحيرة والتيه، عندما فاتحني والدي في الموضوع، شعرت بأنه يُلقي لي طوق نجاة، فتشبثت به.
صمتت قليلًا، ثم نظرت لصديقتها وتساءلت:
-بمناسبة الهروب.....لاحظت توتر العلاقة بينك أنتِ وهيثم في نهاية اليوم.
ما الذي حدث؟!
نظرت يمنى بعيدًا كأنها تبحث عن إجابة، ثم حركت رأسها نافية، وقالت:
-انه ذات الاحساس بالحيرة والتيه....أضيفِ إلى ذلك، تواجد انسان حولك تتملكك نحوه مشاعر تتزايد يومًا عن يوم، وهو لا يكف عن ارسال الإشارات فقط.....يخشى الاقتراب ويخشى العلاقات، كلما تقدم خطوة نحوك تراجع الأكثر كأنه يحافظ على دائرة الأمان الخاصة به فارغة ولا يسمح لاحد بالاقتراب إلا عن بُعد....
أنهت حديثها، وصمتت ثم نظرت لمريم فجأة وقالت باهتمام:
-ماذا تفعلين وقتها، هل تقتربين؟ وتخاطرين بقلبك ومشاعرك النادرة.
أم تبتعدين وتحافظي على دقاته مصانة وتحفظين ماء وجهك..
نظرت لها مريم وقد شعرت أن ما بداخل صديقتها لا يقل حيرة ورهبة عن ما تشعر به.
****************************************
مواعيد النشر: الثلاثاء
((لقراءة الفصل السابع والعشرين اضغط هنا))
#بالحب_الفصيح
#رنا_منير
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك في هذه التجربة