BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

 





(((لقراءة الفصول السابقة اضغط هنا)))



الفصل السابع والعشرون
"حفل خطوبة مريم"

بعد مرور حوالي شهرين، حان موعد خطوبة مريم.
في قاعة مزدانة بالأزهار البيضاء الرقيقة...تراصت المقاعد المشتركة في اللونين الابيض والروز، حول المناضد التي تميزت بفرشٍ راقي اشتمل على وروود منسوجة وموزعة بشكل هادئ ومريح للعين.
بدا الحفل بتلاوة اسماء الله الحسنى بنشيد متعارف الألحان.

ثم اشترك العريسين في رقصة هادئة بمفردهم. بينما انعكست على وجوههم إضاءة خافتة انبعثت من موطئ أقدامهم حيث وقفا على قاعدة الرقص الذهبية التي امتازت بإطارات مبهجة الألوان أضافت لمسة ساحرة على مشهد تراقصهم.
مرت لحظات ثم بدأ العديد من الأزواج الانضمام إليهم.

ظهرت شهد وقد بدت أكثر طولًا بحذائها عالي الكعبين وفستانها الأحمر الغامق الذي أظهر بياض بشرتها وقد تركت شعرها حرا ليسقط على كتف نص عاري فزادها رقة وانوثة..
شاركت والدها الرقص في سعادة حقيقة بأختها، قال لها وعيناه دامعتان:
-تبدون أنتِ وأختك في منتهى الحُسن...

نظر لمريم من بعيد، ثم أعاد النظر لشهد وقال:
-لا أعلم متى مر الوقت الذي نضجتم فيه هكذا.
مالت شهد على أُذنه وقالت مبتسمة:
-أخيرًا، تم الاعتراف بأني نضجت، شكرا والدي..

نظر لها متأملًا ملامحها ثم قال في آسف:
-هل تعلمين، انني ولوقت ليس ببعيد كنت أعاملك كأنك مازلتِ طفلتي الجميلة.
-والصغيرة....

ابتسما ولمح مريم بجنب عينه، ثم قال:
-سأضع يدي على قلبي حتى تختارين زوجًا اطمئن له مثل أختك، تأملته شهد طويلًا ثم تذكرت موقف مضى منذ شهرين.

كان آخر يوم في اختباراتها، بعد أن خرجت من الاختبار وجدت شهاب ينتظرها في الخارج.
ألقت نظرة سريعة ثم بدأت تحث الخطى مبتعدة فتبعها كعادته...
وقال هامسًا:
-شهد......معقول لم تراني عينيكِ الجميلتين؟

نظرت له وشعرت بالخجل،  ثم قالت:
-لقد رأيتك، لكني تجاهلتك.
نظر لها ورفع حاجبًا قائلًا باستنكار:
-يا لقلبك القاسي....أنه آخر يوم لذا لن أسمح لك بالمغادرة.

قالها وقد عقد ساعديه في تحدي، فتوقفت لتعيره نظرة متفحصة قبل أن تقول:
-لقد أخبرتني من قبل، أننا زملاء دراسة. وها نحن أنهينا عامنا الدراسي على خير..
نظرت له نظرة طويلة، ثم استطردت:
-فما الذي سيجمعنا بعد الآن. 

فكر قليلا ليبحث عن سبب ثم قال وقد لمعت عيناه:
-النتيجة!! سأرغب حتمًا في الاطمئنان على مُنقذتي.
نظرت له وضحكت عيناها بسخرية، ثم تابعت السير، فسار خلفها مستكملًا حديثه.
-ثم بعد ذلك....اختيار مدرسين العام القادم..

نظرت له باستنكار فاستكمل موضحَا:
-أنتِ تعلمين كم هي سنة هامة ومحورية لما هو قادم...
-تعددت الأسباب!!
نظر لها بأمل، فاستطردت بتهكم ساخر:
-والكذب واحد.

نظرت لعينيه فتبادلا نظرة تحايل من جانبه، ونظرة اتهام من جانبها..
-شهد....لن أسمح لكِ بالمغادرة إلا حين تُخبرينني...كيف سأراكِ مرة أخرى.
هل تساعدين قلبي على الاطمئنان أرجوكِ
.
توقفت ثانية، ثم فكرت لوقت غير قصير قبل أن تقترب منه لتجيب في خفوت:
-سأُخبرك 
نظرت له وقالت مبتسمة في تشفي:
-تخلص من رقمي الذي توصلت إليه بطريق غير مشروع. 

زوى ما بين حاجبيه، ثم قال في ضيق:
-وهل سيساعدني ذلك في الوصول إليكِ؟
قالت هي ببساطة:
-إذا كنت ترغب في إبقاء التواصل معي، فلنفعل ذلك بطريقتي.

نظر لها باستنكار فأوضحت حديثها:
-فأنا لا أتحدث إلى شباب في مثل عمري، ولا أرغب في فعل ذلك ما دمت أعلم أن والدي لا يسمح بذلك، احترامًا وتقديرَا له.
تأملت إعجابه بها الذي ظهر واضحا في عينيه، ثم استكملت الحديث:
-ولكن يمكننا ان نترك القدر يخلق الفرص التي قد تجمعنا بدون تدخل مننا....مثلما كان لقاءنا الأول. 

صمت وعلى وجهه ابتسامة وتساءل:
-وهل هذا معناه....رضاءك بما فعله القدر ليجمع بيننا
رغم أنه تشكل في هيئة حادث كاد أن يتسبب في أذى لكِ.
نظرت له ثم تنهدت، وقالت ما جعل ابتسامته تتسع أكثر:
-ربما....فمن منّا لا يتحمس لألعاب القدر.

تبادلا نظرات إعجاب قبل أن تقول هي:
-هل انت على استعداد لبدء علاقة يشكلها القدر دون تدخل من بني جنس البشر؟
أومأ برأسه موافقًا، ثم أخرج هاتفه ليثبت لها ذلك....وقام بالتخلص من الرقم فورًا.
ابتسمت لتجاوبه، ثم أعطته نظرة وداع طويلة، ورحلت في صمت.

أفاقت من شرودها على انتهاء رقصتها مع والدها، وقد تذكرت ظهور شهاب في العديد من المواقف والأماكن التي ذهبت اليها مؤخرًا، كان يتحين الفرصة فقط كي يراها من بعيد، دون محاولة منه أن يستوقفها او يتحدث معها.

-شهد....ماذا بك؟ 
نطقها والدها الذي لاحظ شرودها وهو يتأملها مبتسمًا، ثم قال في ود:
-حبيبتي يمكنك التحدث معي عن أي شيء يشغل بالك، 
أعلم أنكِ لم تعتادي على ذلك، لكني أحاول فلتساعدينّي بفتح قلبك؟

نظرت له في شك، وشعرت بداخلها أنها تحتاج إلى ذلك..
اجتمعت بداخلها مشاعر إعجاب بما كان يفعله شهاب، كما شعرت بأنها في احتياج إلى الحديث وإخراج مكنون ما بصدرها.
لكنها تساءلت هل سيتمكن والدها من تفهم حالتها ومساعدتها في إيجاد حل أم سيتعامل معها بالشدة والمنع فقط؟

                                  ********************************
ظهرت يمنى في أحلى طلاتها، ارتدت فستان يجمع بين اللونين الروز الغامق والأسود الدانتيل.
طويلا رقيقًا كما كانت زينتها رقيقة بسيطة أظهرت محاسن وجهها بشكل غير مبالغ فيه.
كما أضافت قطعة إلى فستانها نجحت في وضع جمالها في إطار من التميز والانفراد.

أضافت حجاب من الستان بنفس لون الفستان أخفت به شعرها لأول مرة.
في قرار اتخذته عن اقتناع لتصون نفسها، فشعرت بانها أكملت ما كان ينقِصُها.
فعلاقتها بالخالق كان يشوبها دومًا إحساسًا بالتقصير من جانبها.

أما اختيارها للوقت فلم يكن عن قصد.
لكنها ما أن شعرت برغبة في تغطية شعرها حتى وجدت نفسها تأخذ الخطوة على الفور، كما انعكس ذلك على قرارها في اختيار الفستان المناسب، فوجدت اختياراتها تقتصر على الفساتين الواسعة الطويلة التي تتلاءم مع طبيعة الحجاب.

من بعيد كانت هناك عينان تتأملها بإعجاب مستتر وانبهار واضح.
هيثم ..الذي بدا مختلفًا في حلته الأنيقة السوداء، ظل محدقًا بوجهها وعلى وجهه ظهر شبح ابتسامة اتسعت كل ما اقترب منها، وهو يتأمل ملامحها الذي افتقدها طوال الفترة السابقة. 
التي تباعدوا فيها لانشغالها مع مريم في التحضير للحفل، بينما أكتفوا ببعض المكالمات الهاتفية التي تجاذبوا فيها أطراف الحديث ولكن على استحياء منها.
-تبارك الله!!!....ماهذا الجمال الراقي.

تأملت ملامحه وابتسمت في وقار، ثم قالت:
-شكرا...من ذوقك.
اقترب منها ثم قال في اهتمام:
-خطوة هامة أحسنتِ في اتخاذها..

أجابته بالصمت، فقال سريعًا:
-افتقدتك كثيرًا....كيف حالك؟!
-بخير.....تبدو انيقًا أيضًا....

قالتها وابتسمت له وما لبثت أن اختفت ابتسامتها حين لمحت شخص من خلفه، فاتسعت عيناها وتساءلت في رعب:
-هيثم....هل والدك مدعو في هذا الحفل.
التفت ليرى إلى ماذا تنظر، ثم عاد إليه بنظره ليجيب على سؤالها.
لكنه اندهش حين وجدها اختفت من أمامه تمامًا، عاد ليتأمل والده الذي وقف على مقربة منهم، ولم يدرك أين اختفت، وما أدهشه أكثر هو كيفية تعرفها على والده بمجرد رؤياه على الرغم من انها لم تراه من قبل.

أما يمنى فاستدارت فجأة، وأسرعت الخطى لتخرج من القاعة وقد ازدادت دقات قلبها من هول المفاجأة. 
وسرحت تتذكر موقف مر عليه شهر كامل حتَم عليها أن تهرب قبل أن يراها الدكتور سراج....ثانية!!!
                            *********************************
عودة إلى الأحداث  الماضية،،،،
كان اليوم ممطرًا، تلألأت شوارع الاسكندرية التي ظهرت رَطِبة بندى المطر، فشعرت يمنى أنها تراها لأول مرة. 
بالفعل كانت تجربتها الاولى في السفر بمفردها، كما أضاف الجو الممطر رغم ارتفاع درجة حرارة الجو وبدء فصل الصيف....جو مثير للمشاعر بالنسبة لها، مما أعطاها صفاء ذهن كي تتريث في رؤية الموقف التي شارفت الاقبال عليه.
ما آن وصلت إلى عيادة الدكتور سراج حتى تأملت المبنى في لهفة، وأحست أنها في سبيلها للتراجع عن أقوى قرار اتخذته في حياتها. 
قرار مواجهة والد هيثم في محاولة لمساعدة الأخير في حل أزمته.

لكنها ما لبثت أن اخذت نفس عميق ثم توكلت على الله وقرأت آيتين اعتادت التفاؤل بهم.
كانت خطتها هي الحجز كمريضة لمقابلته، ثم تحيُن الفرصة للحديث معه.
عندما جاء دورها تنهدت واخذت نفس عميق، ثم تحركت في هدوء تتقدمها الممرضة لترشدها لباب الغرفة، استأذنت في خجل، ودلفت إلى المكان.

تأملت ملامح الدكتور سراج والد هيثم......شعرت أنها أمام هيثم ذاته لكن بملامح أكثر عمرًا و وقارًا وحكمة.
لم تستطع منع نفسها من أن تمد يدها عارضة سلامًا ودودًا، فابتسم لها الدكتور بمهنية معتادة، وألقى بعض الاسئلة الطبية عليها، ثم طلب منها أن تصاحبه لسرير الكشف.
قامت بإتقان الدور للنهاية، لعلها تجد بداخلها الجرأة لتواجهه بما جاءت من أجله.

توقعت أن تمنعه من استكمال الكشف، لتطرح سؤالًا يكشف ما جاءت من أجله.
لكنها تريثت لتبحث بداخلها عن مدخل مناسب لبدء الحديث معه.
فقد احتارت طوال طريق السفر من القاهرة للإسكندرية، عن كيفية بدء حديثًا معه أو تعريفها بنفسها له بأي صفة، لكن قبل انتهاء كشفه بقليل برقت عيناها بفكرة جنونية تحمست لها كثيرَا.

فما أن أنهى كشفه، وبدأ في كتابة روشتة العلاج، حتى استوقفته قائله في حزم:
-دكتور سراج، لم أحضر هنا لمجرد الكشف.
نظر لها الدكتور باهتمام وفضول، فاستطردت بابتسامة مرتعشة من الخجل:
-أنا هنا للحديث عن زوجة حضرتك وعلاقتها بالشاب الذي تخونك معه.

اتسعت عين الدكتور سراج في استنكار، وغابت نظرات الدكتور المهنية لتحل محلها نظرة ترقب انسانية من زوج مخدوع يشعر بأن العالم يتأمر عليه، وقد تبين له ذلك في صورة المريضة الجالسة أمامه.

وانعكس ذلك في نظرته لها عندما رفع حاجبه متسائلَا:
-من أنتِ؟
تأملته بابتسامة خبيثة، ثم قالت في هدوء:
-أنا خطيبته.

نظر لها في شك، وابتعد ليتأمل ملامحها ثانية، أما هي فشعرت أنها وضعت حالها في موقف لا تحسد عليه يتطلب منها جرأة ربما تجدها بداخلها وربما لا.
لكنها أخذت نفس عميق على أي حال وبدأت تتحدث ببطء وتنتقي كلمات محسوبة.
                             *********************************
عودة إلى حفل زفاف مريم

بعد انتهاء رقصة العروسين الثانية، التفت يمنى حولهم، لتطبع قبلة على وجنتي صديقتها وتلقي كلمة هامسة في أُذن خطيبها ابتسم على أثرها وبادلها الحديث، ثم نظرت إلى مريم وهي تتلفت حولها؛  
فحدقت مريم بها باستنكار، ثم همست:
-ماذا بك؟! يبدو عليكِ التوتر.

لمحت والد هيثم من بعيد، استدارت مريم ووضعت يدها على فمها بتأثر، هامسة بدورها:
-والد هيثم!!! كيف لم نفكر في أنه حتما كان سيحضر.

تراجعت مريم وهي تنظر حولها وقد انتقل إليها القلق كالعدوى، ثم تبادلت نظرات حيرة مع يمنى وهي تقول:
-ما العمل الآن؟!
تفاجأت بمريم تبتسم في خبث، وهي تجيب:
-هل تعلمين بماذا أفكر؟

اندمجا في حديث هامس، ونسيا أنهم في خطوبة إحداهما، بينما انشغل العريس باستقبال المدعوين،
استطردت مريم وقد اتسعت ابتسامتها:
-اذا حدث وارتبطتِ بهيثم كيف ستواجهين والده؟
نظرت لها يمنى بغيظ، ثم رفعت حاجبها قائلة:
-هل تعلمين؟! أن اختياري للمغادرة الآن أصبح حلًا سهلًا لمشكلتي.

قالتها مازحة، وضيقت عيناها لها بنظرة غاضبة، ثم تركتها لتستقبل مدعويها واستدارت لتهرب لكنها تفاجأت بهيثم أمامها مباشرة قائلا بابتسامة بريئة: 
-يمنى....لقد تعرفتِ على والدتي بطريقتك...لكن أسمحِ لي أن
تنحى جانبًا ليظهر والده إلى جواره، مستكملا في سعادة غامزًا لها بعينيه:
-أقدم لكِ الدكتور سراج الدين والدي.

تبادل معها نظرة شك وهو يتأمل ملامحها باستنكار وحيرة، بينما تلون وجهها وشعرت أن الأرض كادت أن تميد بها، بينما استكمل هيثم تعارفه:
-يمنى...زميلتي التي تحدثت معك عنها من قبل.

مدت يمنى يدها في ترحاب مصطنع وهي تقول في تلعثم:
-أهلا بحضرتك، فرصة سعيدة......عن إذنكم.
قالتها أمام عين هيثم المندهشة ثم استدارت لتبتعد وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة وتأثر. 
                           *********************************
تزاحم عقلها يتذكر باقي حديثها في عيادة الدكتور سابقًا.

-كان زميلي في الجامعة، منذ أن رأيته تحرك بداخلي شئ وأحسست بأن روحي ارتبطت به دون أي سبب واضح.
بدأت حديثها بهذه العبارة الصادقة لتتذكر أحداث بداية قصتها حين رأت هيثم لأول مرة، على  الرغم أنه وقتها كان حلم تجسد من رسمة صديقتها، ربما اخفت الشعور حتى على نفسها لكن حينما نطقت عبارتها تذكرت أن ذلك كان إحساسها الداخلي بالفعل. 

لمعت عيناها لمعة اضافت إلى حديثها صدق فاستطردت في ثقة:
دامت علاقتنا سنين وتكونت بيننا عشرة وجمعتنا ألاف الذكريات.-
ذكريات صادقة لا تُنسى لا يمكنني تجاهلها لأصدق أن ما بينه وبين زوجتك الشمطاء علاقة ناجحة من أي نوع.

نظر لها واندهش لوصفها إياها بتلك الصفة، استطردت هي دون أن تعبأ بغضبه:
-حينما علمت بأنك قد تُشكل خطر على حياته، تقصيت لأعرف عنوان العيادة.
وراودتني فكرة مقابلتك، لرغبتي في أن أُخبرك..

نظرت إليه وقالت في ثقة وثبات:
-بأنني سأستعيده....لا تقلق ستعود إليك زوجتك في أقرب وقت...
لأن ما بيننا حقيقي أكثر وغير قابل للزوال....علاقة أبدية ستثمر عن أسرة سعيدة عما قريب. 

تذكرت أهدافها في أن تثير بداخله الحنين لذكرى علاقته بزوجته الأولى والدة هيثم المسكينة، فنظرت له وقد تذكرت ملامحها الطيبة حين تحدثت معها عنه وعن ابنها:
-أنا أعلم جيدًا أنها لن تتمكن من تقديم ما يبحث عنه أي رجل. 
هي مجرد نزوة نجحت في أن تجذبه إليها بعض الوقت ليعيش اللحظة دون التفكير في مستقبله واستقراره معي.

لكن "نحن"، دنيتنا اكثر ثباتًا وحقيقة وتواجد....حلمُنا أجمل وأكثر براءة. 
طالما حلمنا بتأسيس بيت معًا، نؤازر فيه بعضنا ونتمسك بعلاقتنا مهما أبعدت بيننا الأزمات أو فرقت بيننا الطرق أو اختلفت الأمنيات بداخلنا...

بدا على ملامحه التأثر لما تقول وتابعها باهتمام، حتى أنهت حديثها:
-دكتور سراج، أتمنى لك العودة إلى زوجتك، فقط إذا كان ما بينكما يشبه ما يجمعني به، ولكن احذر من خان مرة لن يتمكن بسهولة من إصلاح ما افسده، فلتتبين الزيف والخداع من الأصل والوفاء. 

تهيأ لها أنها سمعت صوته يخفت بسؤال، فاستدارت في تساؤل فكرر بصوت أوضح:
-لماذا لا تخبرين حالك بذلك؟ وتقبلين العودة له إذن؟
تفاجأت من سؤاله لكنها وقفت لتجيب عليه في صرامة وحزم:
-لدينا رصيد من استقرار علاقتنا يجعلني اتمسك به إذا نجحت في جعله يتخلى عنها. 

تردد باقي سؤالها في عقله رغم عدم قدرتها على مصارحته به لكنه استوضحه بسهولة:
-فهل لديكم أنتم؟!
بداخله لم يتذكر زوجته او حياته معها، لكنه شعر أن زوجته الغانية لا تقترب في المقارنة من خطيب تلك الفتاة الجميلة.....كما ان رصيده معها لن يشفع لها في رسم نفس الصورة التي تحدثت عنها تلك الفتاة ببساطة ووضوح.

رغمًا عنه تذكر علاقة هي أقرب للشبه لما وصفته هذه الفتاة....رغمَا عنه تذكر زوجته أو 
علاقتهم السابقة قبل كبر سنهم وتغير أمزجتهم ولجوئهم إلى حلول أبسط وأكثر تهربًا.....
شرد بتفكيره طويلًا وألغى موعده التالي....وقد خفق قلبه حائرًا.
                                  *******************************
                           
"جوايا ليك إحساس بيكبر كل يوم العين تنام والقلب عمره ما جاله نوم من كتر شوقي ولهفتي شايل هموم"
انطلقت الأغنية الناعمة للمطربة إليسا، ليتراقص عليها العروسين في هيام....وكل منهما يحلم بالآخر في اشتياق لهذه اللحظة التي جمعتهم.
بدت مريم كالملاك....بفستانها الموف الهادي...كانت ترتدي عقد ماسي وقد رفعت شعرها بطرحة خفيفة أفتح من الفستان بدرجة....وقعت مهمة تزيينها على عاتق يمنى خبيرة الموضة التي اختارت معها كل ما ارتدته اليوم......فبدت ملامحها جميلة ومختلفة عن هيئتها العادية.
دمعت عيناها من التأثر وقد لاحظت التفاف كل من يهمه أمرها حولها في ذلك اليوم السعيد.

نظرت لوالدها الذي دمعت عيناه من أول لحظة، ووالدتها التي شعرت بغبطتها لأول مرة تقريبًا.
أما أختها فكانت تتنقل بين المدعوين بفرحة وسعادة كالفراشة تستقبلهم في ترحاب.
شعرت بقشعريرة تنتابها، حين اقتربت من خطيبها ولامست جسده لأول مرة....وقد نقلت بصرها إلى عيناه التي حملت كل حب الدنيا، وقد بدا مختلفًا في بدلته الرصاصية الأنيقة وشعره المهندم الأسود. 
وحده بريق عيناه الذي بقي على حاله، بريقها المعتاد الذي جذبها إليه، فهامت في بحوره.

وشردت بعيدًا تتذكر قرار تراجعت عنه في اللحظة الأخيرة كان من الممكن أن يجعل إحساسها بهذه اللحظة مختلفًا كلية.


يتبع))))

                          ********************************


مواعيد النشر: الثلاثاء





#بالحب_الفصيح
#رنا_منير







تعليقات