BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

 






(((لقراءة الفصول السابقة اضغط هنا)))



(سجادة ملكية)

 

وضعت كلير يديها أمام عينيها،

ولكنها لم ترَ شيئاً، فسرعان ما نقلت يدها لقلبها؛ تتحسس نبضاته المتسارعة" لم أمت! لو مت لكان قلبي توقف، ولكن لماذا لا أرى شيئاً؟ ما هذا الظلام!"

 

تسارعت نبضات قلبها أكثر، خافت من الظلام الدامس، ولكنها لا تملك شيئاً غير الدموع لتذرفها في مثل ذلك الموقف، ثم راحت تتذكر أنها كانت أمام البحر، والآن تسمع صوت ارتطام أمواجه محيطة بها، شعرت كأنها في قبر حالك الظلمة، تكاد أنفاسها تختفي؛ تجرها بصعوبة بالغة.

 

صرخت صرخة مكتومة: 

_هل أصبحت عمياء لشدة بكائي، على الفتاة التي في الرواية؟!

 

بكت بكاء مرير، تكورت على نفسها وحاولت أن تهدأ أنفاسها المتسارعة، تخيلت نفسها وراحت تكلمها؛ عادتها عندما تريد أن تتجاوز موقفاً صعباً تمر به:

_اهدئي يا كلير، فأنت قوية، تجاوزتِ الكثير من العقبات، وستتجاوزين هذه أيضًا.

 

تحسست بيديها الجدار خلفها، نزلت ببطء وجلست في مكانها، وهي تحاول أن تطمئن نفسها:

_ إنه كابوس سأصحو، وسيعود كل شيء لمكانه الصحيح كما كان من قبل، وما هي إلا دقائق سمعت صوت زئير يصدر من مكان ما، حاولت أن تلتقط مصدر الصوت،  ميزت  الضوء الخافت الذي دخل من الباب.

 

دلفت مع الضوء امرأة ضخمة الهيئة، تحمل بيدها مصباحاً، ضيقة كلير عينيها فقد اعتادت الظلام، ثم سمعت صراخاً باسمها: 

_كلير أيتها اللعينة، متى ستبدئين عملك؟!

 

نظرت للمرأة التي أمامها، لم تستطع أن تتعرف عليها، ونظرت حولها للغرفة، التي بدأت تظهر تحت ضوء المصباح الخافت، لا تذكر شيئاً مما جرى معها، أول سؤال طرق ذهنها:

_أين أنا؟! لمَ أنا هنا؟!

 

جاءها الجواب سريعًا، من بين أسنان تلك المرأة القبيحة التي أمامها:

_أنت في مكان لن يخطر في بال الجن الأزرق، لن تخرجي من هنا إن لم تنتهي من عملك، فيداك تنتج الذهب!

 

قالت كلير بتعجب:

_عن أي عمل تتحدثين؟! فأنا لا عمل لي سوى تنظيف المنازل.

 

نظرت له نظرة ازدراء وهي تقول:

_وتظنين أنني سأصدق كلامك أيتها الحمقاء! أنا لست غبية. 

 

واقتربت منها أكثر، جرتها من شعرها الطويل، راحت كلير تصرخ بقوة، فأخذتها لنهاية الغرفة، وضعت المصباح على الحائط، رمت كلير بكل قوتها أمامها وهي تقول:

_ستبدئين بنسج  تلك السجادة، هل تفهمين؟!

 

نظرت كلير للموضع الذي أشارت إليه، عادت للقول:

_أقسم لك، لا خبرة لدي بنسج السجاد! كيف سأفعل ذلك؟!

 

ضحكت المرأة الشريرة مقهقهة حتى ملأ صوتها الفناء الواسع، وسرعان ما تبدلت ملامح وجهها للغضب كأنها مجنونة، ثم أمسكت إحدى أصابع كلير وضغطت عليها بكل قوتها.

 

راحت كلير تصرخ:

_آه..آه.

 

_أترين هذه الأصابع سأحرقها.

 

فكرت قليلًا وهي تتبسم بخبث ولؤم: 

_لا، لا، الأفضل أن أقطعها، وأرميها لكلاب الساحة إن لم تنتج ما أريد.

 

كلير بطبيعتها جبانة، وتخاف من العقاب منذ كانت صغيرة فكيف بتهديد كهذا! وخاصة الحبس في الأماكن المظلمة، عادت للبكاء مجددًا وهي تقول:

_لماذا تفعلين هذا بي؟! أقسم لك أن لا علم لي بصنع السجاد، وإلا كنت سأصنعها برحابة صدر.

 

_بل تعلمين، وستنتجين السجادة الملكية تلك، كما في الرسمة التي أمامك.

 

نزلت للأسفل إلى قدمي المرأة أمسكتها، ونظرت لها باستعطاف وهي تقول:

_هل أقبل قدمك، ارحميني! فأنا لا أعر...

 

سحبت تلك المرأة قدميها، وأمسكت فستانها ورفعته مسرعة بخطاها للخارج، وقفت عند الباب وألقت نظرة أخيرة عليها:

_إن لم تبدئي عملك، أقسم أنني سأعزف سمفونية على جسدك.

 

رفعت سبابتها بتهديد:

_وتعلمين أنني أفعل إذا أقسمت، فلو قطعت جسدك اللعين هذا، لن يسأل عنك أحد!

 

غادرت الغرفة، وتركت كلير تبكي بحرقة، والدموع غرقت ملابسها، ترتدي ملابس كالرجال، بنطال ممزق، وقميص واسع ومسدل على جسدها النحيل يصل لنهاية ركبتيها، إلى الآن لم تفهم ما الذي حدث معها؟!

 

"يا إلهي أكاد لا أصدق، يبدو أن تلك الرواية ملعونة، ما إن مزعتها حتى حدث ما حدث! ترى هل تحتوي سحراً أسود؟ وهل حلت لعنتها علي لأنني مزقتها؟!"

 

شعرت باختناق، وضعت يدها على بلعومها تمسده برفق، وتحاول أن تتنفس بهدوء تدريجيًا؛ لتهدأ من روعها وتستعيد رباطة جأشها وهي تقول:

_لم أنسج سجاد في حياتي! كيف سأتمكن من نسج سجادة ملكية كما في الصورة؟

 

شعرت باستحالة الأمر، فسرعان ما خارت قواها، وجلست في إحدى الزوايا بيأس، وهي تقول: 

_هل سيكون موتي هنا؟! على يد امرأة مجهولة، لا أعلم من هي حتى!

 

نظرت حولها في الغرفة نظرة تفحصيه، استطاعت أن تميز نافذة ضئيلة في أعلى الغرفة، استنتجت أنها في مكان تحت الأرض ، فالظلام حالك والنافذة بارتفاع شاهق، وهذا يدل على شيء واحد؛ أنها في زنزانة أو قبو منخفض جدًا.

 

ثم توجهت للنافذة، مدت جسدها؛  تحاول أن تطالها؛ لتنظر خارجًا لكن طولها لم يكن بالقدر الكافي.

 

ارتبكت، ولم تعرف كيف ستتصرف، فجلست على الأرض بإحباط، ثم نهضت تمشي ذهابًا وإيابًا دون هدى، تفكر ماذا ستفعل؟ 

تقدمت إلى الآلة الخشبية، الموضوعة بجانب الحائط، تتفحصها.

 

لاح لها طيف فتاة تشبها تقف بالمقابل لها وتكلمها: 

_أنت ذكية يا كلير، ستتمكنين من نسجها!

 

_لكن لم أفعل ذلك في حياتي.

 

_لكنك فعلت الأصعب من ذلك، هيا تعالي معي.

 

أجلستها على الكرسي الصغير المربع الشكل، وهي تقول:

 

_حاولي، هيا أنا معك.

 

اختفى الطيف الذي كان أمامها كأنه سراب أو وهم تبدد مع النسمات الخفيفة التي داعبت وجنتيها.

 

فركت كلير عينيها بعدم تصديق، ثم تساءلت بتعجب:

_يا إلهي! هل جننت؟ من المؤكد أنني أتخيل! فلا يوجد أحد في الغرفة غيري، من المؤكد أن ذلك بسبب الوحدة والخوف، لقد عادت لي الأوهام التي كنت أراها وأنا صغيرة!

 

تقدمت للموضع الذي كانت تقف به الفتاة، راحت تضرب يديها يمنة ويسرى؛ علها تصطدم بشيء لكن دون جدوى.

 

عادت أدراجها وجلست على الكرسي المربع الخشبي، كورت يديها بأسى تحت رأسها، أسدلت رأسها على الآلة الخشبية بقرب صورة السجادة، راحت تتأملها، وأمعنت التفكير، ماذا ستفعل بتلك المصيبة التي حلت على رأسها؟!

 

جربت محاولة يتيمة أن تشبك الخطوط الصوفية بالآلة ثم تحرك الخشب، ولكن ضربت يدها بالمقود، بدأت الدماء تتساقط منها بغزارة.

 

مزعت قسم من طرف قميصها البالي، ولم يكن اقتطاع جزء منه بالأمر الصعب؛ فهو رث ورقيق للغاية.

 

ثم لفته حول يدها لتمنع تدفق الدماء، ومشت باتجاه الباب، تحسسته كان حديدي موصد بإحكام بأقفال عديدة، من المستحيل أن تتمكن من فتحه.

 

رأت جرة فخارية صغيرة للماء في إحدى الزوايا لم تنتبه لها من قبل، فكرت قليلًا كيف لها أن تستفيد منها؟ فلو كسرتها ستحرم من شرب  الماء، وبالقرب منها هناك صوف خام لا تعرف ماذا ستفعل به!

 قالت بيأس:

_قد استخدمه في النوم، فلا أرى أثر لوسادة أو سرير.

 

 

اقتربت من الجرة صبت على يديها ووجهها الماء للوضوء، اتخذت أحد الزوايا بقعة للصلاة مع أنها لا تعرف اتجاه القبلة، لكنها شعرت أنها بحاجة للهمس في باطن الأرض، ليسمعها رب السماء.

 

أتمت صلاتها، استندت على الحائط خلفه، ضمت يديها إلى ركبتيها، وأسدلت عينيها بسلام، ودعت الله سرًا وعلانية؛ لتجد مخرج من هذا المأزق.

 

سكينة حلت في قلبها، فهدأ كيانها وسلمت أمرها لله، وغفت لدقائق معدودًة، ودموعها على خديها كنهر جاري، فرأت حلم غريب، رأت نسخة تشبهها بكل شيء ما عدا لون شعرها الأبيض المختلف.

 

تبسمت لها بلطف، أخذت بيدها، وجرتها إلى ذلك الصوف الممتد على الأرض وهي تقول:

_تعالي إلي، سأعلمك كل شيء من البداية.

 

_من أنت؟!

 

_أنا جدتك يا ابنتي.

 

_لكن لا جدة لدي، فأمي لم تحدثني عنك يومًا. 

 

_ومن قال لك أن تلك المرأة أمك، أمك تبحث عنك!

 

_لم أفهم ما الذي تقصدين؟!

 

_ستفهمين كل شيء في وقته المناسب، لكن تعالي الآن. 

 

علمتها كيف تصبغ الصوف بالألوان، وكيف تستخرج خيوط صوفية من الصوف الخام، وكيف تنسج السجادة، تبسمت لها وهي تقول: 

_هات يديك يا كلير.

 

مدت كلير يديها إليها، فقد شعرت بطمأنينة، تسري في كيانها تجاه تلك العجوز، مسدت على كفها المجروح برفق كأنها ترسم خطوط متعرجة.

 

ثم تبسمت لها وهي تقول: 

_الآن ستصنعين كل شيء بهذه الأنامل الذهبية، التي وهبتك إياها يا ابنتي.

 

تبسمت كلير من قولها ابنتي، وراحت تجيب: 

_لكن أناملي ليست ذهبية، إنها كما هي يا جدتي، انظري لها جيدًا!

 

مسدت على رأسها بحنان، وهي تنفخ على يديها، فظهر شعاع أبيض، يشبه الشعاع الذي حملها إلى هذه الغرفة، غطى النور الساطع عينيها، وسرعان ما اختفت تلك العجوز كأن الأرض ابتلعتها.

 

فتحت كلير عينيها، مع صوت دخول الحارس يحمل لها الطعام.

 

قالت بهمس:

_والآن هل ما رأيته حقيقة أم حلم؟!

 

لا تعرف كيف نطقت كلماتها وهي تقول للحارس:

_أحتاج رمان أحمر، وزعفران أصفر.

 

فكرت قليلًا ثم أردفت:

_وأحتاج إلى حجر اللازورد أيضًا.

 

رفع الحارس حاجبيه وهو يقول: 

_سأخبر السيدة، لكن لماذا الزعفران والرمان بالتحديد، أشعر أنك جننتِ!

 

أجابت بحزم:

_أحتاجها لصنع السجادة الملكية.

 

صفق الحارس الباب خلفه بقوة، وضعت يديها على أذنها من قوة الصوت الذي اخترق مسامعها.

 

وتذكرت الجدة التي رأتها في الحلم، نظرت ليديها بتعجب، غير مصدقة ما رأت، فقد كانت يديها شديدة البياض ببريق ذهبي خفيف، نزعت القماش عند يدها، شهقت وهي تقول: 

_ما رأيته حقيقة، لكن كيف ذلك؟! لا شك أن هذه الأرض مسحورة!

 

لم تعد خائفة كما كانت من قبل، شعرت أن روح تلك العجوز الطيبة تحيط بها.

 

ألقى لها الحارس ما طلبت من الباب الخارجي، وعاد مسرعًا كأن أحدهم يتبعه بعصا، وضعت قسم من الزعفران على جزء من الصوف لتستخرج اللون الأصفر، وأما قشور الرمان لتستخرج اللون الأحمر، وحجر اللازود لتصنع اللون الأزرق، فكرت وهي تقول: 

_إذا كنت أريد الخروج من هنا، سيكون صنع تلك السجادة الخطوة الأولى، التي يجب أن أفعلها.

 

جلست أمام الآلة، وبدأت يديها تعمل بمهارة عالية، دهشت من سرعت إنتاجها، توقفت غير مصدقة عينيها.

 

أما في غرفة مارت، فقد توقف عقله عن التفكير فيما حل به، سرعة الحياة، والعمل في الأرض والمزرعة والحيوانات، جعلته ينسى أن يفكر حتى.

 

كان يستيقظ قبل شروق الشمس، يخرج مسرعًا إلى الحظيرة، يضع للحيوانات الطعام.

 

ثم يحصل على الحليب من الأبقار، ينظف الحظيرة، وقد أدمن البيض النيئ الطازج الذي يخرج من تحت الدجاج، يرفع رأسه لدقائق فيعود فريد للصراخ:

_هيا إلى العمل أيها البليد!

 

بينما كان يعمل في الزراعة وجني محصول البندورة، صرخ فريد بصوته الجهوري: 

_مارت أيها اللعين، لماذا البيض كل يوم ينقص، فلدينا خمسين دجاجة، وكل دجاجة تنتج بيضة إذا سيكون لدينا خمسين بيضة في اليوم، أين ذهبت بالبيض هل تسرقه؟!

 

تلعثم مارت، ولم يجبه، عاد لتكرار السؤال على مسامعه.

 

خاف أن يقول أنه يأكل البيض، وحاول أن يبرر بقوله:

_لقد رأيت فأر منذ أيام داخل القنّ، وقد يكون هو من أكل البيض.

 

_ترى وهل سيتناول الفأر الواحد خمسة بيضات في اليوم!

 

غاب لدقائق ثم عاد وقد أحضر،

سوط غليظ كأنه جلد تمساح، ربط مارت بمساعدة جنديان إلى الشجرة، كان مارت يضرب بساقيه على الأرض بكل قوته، وهو يصرخ: 

_اتركوني أيها الأوغاد، ألا تعرفون من مارت؟ أنا رسام مالطة الأول.

 

جاءه صوت فريد من خلفه: 

_تقول رسام إذًا، ألا تعرف ما عقوبة سرقة البيض الذي يذهب للملك؟!

سأعلمك الآن كيف تسمع الكلام، فلقد ذهب عقلك وتحتاج إلى تأديب من جديد، مر زمن بعيد على عقوبتك الأخيرة!

 

مع ضربة السوط الأولى على ضهر مارت، شعر أن حواسه شلت، وصرخ صرخة مدوية سمعتها أرجاء المدينة.

 

لكنه ظن أن صراخه مكتوم ولا يسمعه أحد، وكأن حباله الصوتية قد تقطعت من شدة صراخه، وكل ذلك الصراخ، لم يحرك في قلب فريد ذرة من الرحمة لحال ذلك المسكين.

 

رفع فريد السوط مجددًا، وهوى به على ظهره مرة ثانية، وثالثة، تمزع جلد مارت، وراحت الدماء تتساقط من ظهره بغزارة، وآثار السوط حفرة في ظهره بخطوط متعرجة.

 

خارت قوى مارت وجثى على ركبتيه، فجاءت العجوز داملا مسرعة، وتصرخ غاضبة: 

_كل ذلك بسبب خمس بيضات، سيموت الشاب بين يديك، أتركه يا فريد، لو كنت تطعمه بشكل جيد لما سرق، وأنت تعلم أن عقله ليس بمستوى جسده، كيف له أن يعلم أن السرقة لا تجوز في قوانيننا؟!

 

كانت أنفاس فريد تعلوا وتهبط من شدة الغضب، استحال وجهه للون الأحمر القاتم، والعرق يتصبب من نواحي جسده، صرخ قائلًا: 

_سأتركه ولكن سيظل مصلوب إلى الشجرة حتى الصباح.

 

نظر لداملا نظرة غضب وهو يقول: 

_إياكم وأن يقدم أحدكم له الطعام أو الشراب.

 

وقفت سيبال بعيدًا أمام باب المطبخ، تنظر لحال ذلك الشاب، الذي دوى صراخه في أرجاء المكان، ظل يصرخ ويصرخ إلى أن خارت قواه، وماتت الحروف في جوفه، تظن أنه أغمي عليه حتى توقف عن الصراخ، عندما بدأت الدماء تتصبب من جلده الذي تمزع تحت وطأة السوط، بكت بحرقة تشفق لحاله، فلم ترَ في حياتها مشهد كهذا إلا في التلفاز.

 

حل الظلام، ومارت يأن ويهذي، يرى خيالات لأشخاص كثيرين، من العطش الشديد والألم والذل، فقد شعر بخذلان الكون في عينيه.

 

راح يتذكر والدته وكيف كان يسيء معاملتها، وينعتها بالحمقاء، ثم رأى خيالات للطفل الذي رسم له اللوحة مع والدته، يسخر من حاله وهو يقول: 

_لقد سخرت من فقرنا، انظر لحالك الآن!

 

رأى خيال آخر لفتاة ذات شعر مجعد بخواتم لولبية، رسم شبح ابتسامة على وجهه، وهو يقول:

_هل أنت حقيقية أم أنك أحلام مثلهم؟!

 

تقدمت له وهي تهمس:

_نعم حقيقية، لقد أحضرت لك الماء، مارت هيا اشرب الماء، قبل أن يأتي فريد، أو يرانا أحد.

 

فتح فمه بصعوبة، فقد تشققت شفتاه من الظمأ، ابتلع كأس الماء دفعة واحدة، أشار لها أنه يريد كأس آخر، لكنها أخبرته " أنها لا تملك المزيد.

 

أشارت له؛ ليفتح فمه مرة أخرى، تناول قطع الفاكهة التي أحضرتها سيبال دفعة واحدة، أراد أن يمسح فمه، فحاول أن يحرك يديه، لكن الحبال  كانت محكمة الإغلاق،  وصنعت خط أحمر من الدماء تحتها.

 

غادرت سيبال وهي تقول:

_سأكلم داملا كي تنزلك عن الشجرة؛ لنداوي جراحك، لا تقلق ففريد لا يرفض لها طلب، لكن الآن تأخر الوقت، وأخشى أن يرانا أحد، لن أتحمل ضربة واحدة من سوط فريد.

 

أومأ برأسه بموافقة، وأشار بعينيه لها أن تغادر.

 

بدأ الصباح يمد يديه الواسعتين  على المكان، لكن تلك الليلة كانت طويلة جدًا على مارت، لقد كانت اللحظة عنده بيوم وهو مربوط إلى الشجرة بتلك الوضعية.

***


مواعيد النشر: الأربعاء 

(((لقراءة الفصل الرابع اضغط هنا)))


#لعنة_قصر_سلمون

#تمارة_دلة

تعليقات