BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

 





(((لقراءة الفصول السابقة اضغط هنا)))


تململت سيبال على فراشها يمينًا ويسارًا، عندما فتحت عينيها، سرعان ما تذكرت مارت فوقفت أمام النافذة علىونظرت خارجًا؛ لتراه ما زال على وضعه منذ ليلة الأمس.

 

الفرق الوحيد أنه هادئ أكثر من المعتاد، مسدل عينيه باستسلام، جاثيًا على ركبتيه، ومنهك القوى.

 

فتحت سيبال خزانه الملابس التي في غرفتها، واستخرجت فستان باللون الرمادي، راحت تقلبه بين يديها وتتأمله، مطرز بخطوط حريرية بيضاء من الأسفل وعلى الأكتاف، وبمجموعة من الطبقات المتتالية والمنسابة فوق بعضها البعض.

قالت بتعجب: 

_يا لجماله! هل هذا فستان طباخة؟!

 

ارتدته؛ لأنها لم تجد غيره في الخزانة، وخرجت مسرعة؛ لا تريد أن تتأخر على موعد إعداد الطعام لفريد، فهي الآن تخشى غضبه، وتخشى أن تصيبها لعنة سوطه البغيض. 

 

فتحت باب غرفتها، فرأته خارجًا إلى الحظيرة باكرًا على غير عادته، نظر لها نظرة غاضبة ارعدت قلبها، فضربت ساقيها ببعضهما، وهي تهرول من الباب وتدلف إلى المطبخ، فدخلت خلفها داملا وهي تقول: 

_لقد تأخرت يا سيبال، سيزعج ذلك الأمر فريد!

 

نظرت للباسها وأردفت قائلة:

_لماذا ارتديت هذا الثوب يا ابنتي! إنه من أجل الحفلات الملكية فقط، وإذا استدعاك الطباخ الملكي لحفلات الأمير، فليس وقته الآن.

 

لم تكن سيبال تعرف تلك المعلومة، حاولت أن تخفي ارتباكها، فأجابت بسرعة دون تفكير:

_لقد غسلت ملابسي كاملة، فالصيف حره شديد كما ترين، ولم أجد في خزانتي غيره.

 

هزت داملا رأسها بتفهم:

_سأرسل طلب إلى قصر الملك؛ ليصنعوا لك فستانين، فأنا أراك منذ فترة لا تغيرين ملابسك.

 

نظرة سيبال لها نظرة استعطاف: 

_ما أريده يا أمي داملا طلب واحد فقط!

 

_أخبريني ما هو يا ابنتي؟

 

_ليس الطلب لي! إنما لذلك المسكين مارت، لو تتكلمين مع العم فريد ليحل وثاقه وينزله عن الشجرة، يكفيه ما عاناه، وأنت وأنا نعرف أن ذكائه محدود.

 

فكرت داملا قليلًا، ثم لوحت برأسها وهي تقول:

_نعم إنه مسكين فعلًا، لكن لم تهتمي لأمر مارت يومًا، قولي لي ما قصتك؟!

 

_لقد تألم قلبي لحاله، لا شيء أكثر، فلا أحد يتحمل كل ذلك الضرب والإهانة؛ لأنه تناول بيض نيئ دون طهي حتى.

 

كانت داملا في قرار نفسها تعلم هذا الكلام جيدًا، ولا تعلم سبب كل ذلك الكره من فريد للعاملين لديه.

 

أشارت إلى الجنديان اللذين أمام الباب؛ أن يتبعوها، وهي خارجة من الباب باتجاه الساحة، وأسرعوا جميعًا الخطا ورائها إلى مارت، الذي كان غائب عن الوعي؛ فلم يستجب لنداءات سيبال المتكررة.

 

أشارت داملا إلى الحارسين بقولها:

_فكوا وثاقه! ماذا تنتظران؟!

 

قال أحدهما بتلعثم:

_لكن السيد فريد قال ألا ينزله أحد.

 

_قل له داملا من أنزلته.

 

لكن الجنديان كانا ينظران لبعضهما البعض، ولم يتجرأ أحد منهما الاقتراب، استشاطت غضبًا، وتقدمت مسرعة وحملت قطعة زجاج مكسور من الأرض، وراحت تقتطع الحبال التي شدت على يديه، فهوى على الأرض كأنه خرقة بالية. 

 

عندها حمله الجنديين من يديه وقدميه كان متصلب كقطعة خشب، ودلفوا به إلى غرفته، وداملا تسبقهما مهرولة وهي تقول:

_مدداه على بطنه، ليكن ظهره إلى الأعلى، وجرداه من قميصه؛ حتى أرى جراحه.

 

كان قميصه ملتصق بجراحه، وعندما بدأ الجندي ينزعه، كانت تخرج أجزاء من ظهر مارت معه، راح يأن تحت وطأة الألم، ودموعه اتخذت من وجنتيه مجرى لها دون وعي.

 

وأما سيبال كانت تقف عند الباب؛ لم تجرأ على الدخول، تمسح الدموع التي تجمعت في عينيها، وضعت يدها على قلبها لتهدأ من خفقانه؛ لهول ما رأت خلال الأيام القليلة الماضية، شردت بحال ذلك المسكين.

 

صرخت داملا بقوة:

_سيبال أنا أناديك ألا تسمعين؟!

  

هزت رأسها بموافقة.

 

_ليس الآن وقت البكاء، هيا احضري لي ماء مغلي، وضعي بداخله القليل من الملح.

 

غابت سيبال للحظات وعادت مسرعة، وضعت داملا قطعة القماش النظيفة في الماء، بللتها ومسدت على ظهر مارت؛ لتمسح الدماء الجافة، كان يأن بصوت خافت، كأنه حبس داخل أحلامه المزعجة، ويكرر كلمة واحدة فقط "سامحيني يا أمي" 

 

ما زال يكررها حتى نطقت داملا، كلمتها من بين دموعها، وأجابته: 

_سامحك الله يا ولدي.

 

ما إن انتهت من تنظيف جراحه حتى أخذ مارت يرتجف بكل قوته كأن زوبعة حلت في كيانه، لم تستطع داملا بكل قوتها أن تثبت رجفته، ورأسه تأجج بالحرارة كأنه قطعة من حديد منصهر، وأما يديه وقدميه قطعتان من جليد لشدة برودتهما.

 

قالت سيبال مستهجنة:

_ يا إلهي! إنها حرارة جوفية، كيف لنا أن نخمدها؟! ألا يوجد طبيب هنا؟!

 

_ ومن أين لك بمعرفة أنواع الحرارة؟! أنني حقًا أتفاجئ منك يا سيبال!

 

وأردفت تطمئنها:

_لا تخافي عليه يا ابنتي، جسده قوي، سيتمكن من تجاوزها، إنها ليست المرة الأولى!

 

نظرت سيبال إلى ظهره عن كثب، كان هناك آثار لجلد سياط قديم، حفر على ظهره بخطوط رفيعة متعرجة، أشفقت سيبال لحاله، ركضت مهرولة:

_ سأحضر مياه جليدية لنضع له كمادات، وسأصنع له حساء الخضار، وأضع بداخله الكثير من الليمون، حتى يستعيد قوته بسرعة.

 

_بل اصنعي له عشبة رجل الأسد.

 

قالت بتعجب:

_ماذا؟!

 

_نعم عشبة رجل الأسد ستكون أفضل لحالته، تجديها في درج الأعشاب، لونها أخضر وورقها نصف دائري، ألا تتذكرينها يا ابنتي؟!

 

خرجت من الباب وهي تقول: 

_أتذكرها طبعًا، وكيف لي أن أنسى عشبة كهذه؟

 

ومع خروجها من الباب، رأت فريد متجه إلى الداخل كثور هائج رأى اللون أحمر، فاستشاط غضبًا وهو يصرح بوجه داملا، التي وقفت في وجه ورفعت يديها على وسعهما؛ لتمنعه أن يطال مارت بقولها:

_هدأ من روعك يا رجل! أنت تعلم أن الأمير لن يرسل لك مساعدًا آخر إذا مات، فهذه ليست المرة الأولى التي يموت بها مساعدك تحت ضرب السوط.

 

كور فريد قبضة يده الجسيمة، ضرب بها الباب بكل قوته، وهو يقول:

_لتذهبوا جميعكم إلى الجحيم! لا يهمني أحد، لماذا أنزلته؟ أتركيه يموت!

 

صرخت بكل قوتها:

_أنظر لحال ذلك الشاب، إنه يرتجف على الرغم من أن الجو شديد الحرارة، أليس في قلبك ذرة من الرحمة؟

 

كانت سيبال في المطبخ تسمع صراخهما، وضعت يدها على أذنها، لا تريد أن تسمع المزيد، مرت ومضات أمامها  لشجار والديها، وراحت تتصبب عرقًا، إلى الآن وهي بهذا العمر لم تتجاوز تلك الندبة، لقد تركت في قلبها حفرة سحيقة منذ طفولتها البائسة.

 

فتحت الدرج الذي أشارت له داملا، نظرت ضمن الأكياس، أخرجت العشبة الخضراء بأوراق نصف دائرية، ولحسن حظها لا يوجد غير تلك العشبة خضراء.

 

مسحت العرق الذي تجمع على جبهتها، ما زالت يديها ترتجف، ولم تهدأ حتى هدأ صوتهما، ورأت فريد يمر من أمام المطبخ متجهًا إلى الخارج، نظرت بفضول ينهش عقلها؛ بعد أن سمعت صراخ خارجًا، كان فريد يصرخ بكل قوته، وهو يضرب جذع الشجرة ركلة بعد الأخرى؛ ليفرغ شحنات غضبه.

 

دلفت داملا إلى المطبخ، واتجهت إلى دلو الماء مباشرة، وراحت تصفق بعض من مائه على وجهها، وهي تقول: 

_لن أسمح لك أن تقتل شخص آخر، إنهم أبرياء لكن نفسك هي الخبيثة.

 

نظرت لسيبال التي كانت تنظر إليها بتعجب، وقالت: 

_ألم تعدي العشبة بعد؟! هاتها من يدك، أنا سأصنعها، وأنت خذي الماء البارد وضعي كمادات على رأس مارت.

 

كان مارت مصفر شاحب الوجه، كشجرة عجوز تساقطت أوراقها الصفراء، لكنها تقف بأغصانها الهشة، صامدة بوجه الرياح العاتية والأمطار المتساقطة، مستسلمة لصراخ الزمان والمكان حولها.

 

نظرت له سيبال بتمعن وقالت بخفوت:

_كم أمقت اللون الأصفر؛ لأنه يذكرني بالمرض والموت.

 

مطبق العينين بسلام، ولحيته المتقطعة بدأت تنمو بشكل أطول في الأيام الأخيرة، بأهدابه الطويلة الملتفة، وشعره المسدل بعشوائية على جبهته، ترتسم ملامحه بطريقة مختلفة تحت سطوة المرض.

 

بللت سيبال المنديل القماشي الذي بين يديها، بالمياه الجليدية، ووضعتها على جبهة مارت؛ لتمتص حرارته المرتفعة، كانت مشفقة لحاله كما لم تكن يومًا.

 

دخلت داملا وهي تقول:

_لهذه الأعشاب خصائص مميزة لشفاء الجروح والالتهابات، سنستخدم قسم منها كمرهم، والقسم الآخر يشربه مارت عندما يستيقظ.

 

ثم خلطت القسم الذي بين يديها مع العسل، وبدأت تضعها على جراح مارت، وهي تقول:

_أسال الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك، راحت تكررها لأكثر من عشر مرات.

 

داملا على عكس زوجها فريد، حنونة للغاية، ترى أن الجميع أبنائها، فهي إلى الآن لم ترزق بطفل، لعل الزمن لم ينصفها، مع أن الأمومة طاغية لديها، ملامح وجهها تبعث في النفس الهدوء والطمأنينة، شعرها الأبيض المسدل بشكل ضفيرتين على جانبي رأسها، يعطيها هيبة ووقار كأنها حكيمة من حكيمات الزمن السحيق.

 

رسمت على وجهها علامات الارتياح عندما بدأ مارت يفتح عينيه بوهن:

_الحمد لله على سلامتك يا ولدي.

 

تكلم من بين تنهداته، بصوته المتحشرج: 

_ ألم أمت؟! 

 

_هل ستجعلني أندم لأنني أنقذتك؟ لا تتفوه بمثل هذه الحماقات مرة أخرى!

 

_إن الموت هو الحقيقة الواضحة نصب أعيننا، كوضوح الصباح في هذا الكون، وأنت تقولين حماقة!

 

فتحت داملا عينيها على وسعهما وهي تقول: 

_مارت هل الحرارة أثرت على دماغك؟ منذ متى مارت يتكلم بهذه الحكمة؟!

 

تجاهل مارت كلامها، بدأ يرفع جسده ببطء ويتأوه:

_أريد القليل من الماء.

 

ركضت سيبال بسرعة؛ لتحضر الماء، وعيون مارت وداملا تلاحقها.

 

قالت داملا باستهجان، وهي تحرك رأسها يمنة ويسرى:

_إن قلبي يقول أن هناك شيء خاطئ، كأن سيبال تغيرت كما تغيرت يا مارت، أليس كذلك؟!

 

خاف مارت أن يفتح فمه ويتكلم بحرف واحد، سيظن الجميع أنه مجنون، وخوفه لم يكن أقل من خوف سيبال، التي كانت تخشى أن يفتضح أمرها في أي وقت.

 

مدت سيبال الكأس لمارت؛ ليلتقطه توجهت إلى داملا:

_ألن نتركه يرتاح يا أمي داملا؟

 

نهضت داملا وهي تقول: 

_صحيح، لا بد أن أتكلم مع فريد، وأنت ارتاح يا ولدي.

 

عادت سيبال لإعداد الطعام، وهي تقول: 

_ لا بد أن أفهم بأسرع وقت لما أنا هنا وكيف سأعود؟! قبل أن يفتضح أمري، فهناك الكثير من الأمور التي أجهلها.

 

***

دخلت العجوز هيلين إلى كلير، والابتسامة تملأ وجهها، وراحت تقول:

_لقد سمعت أخبار طيبة يا كلير، يقولون أنك وضعت عقلك في رأسك أخيرًا، وبدأت في العمل!

 

تقدمت لترى كيف تحيك كلير السجادة؟ وكيف تغزل الصوف الملون؟ لمعت عيني هيلين بخبث:

_إن عملك أفضل من عمل والدتك، أنا مسرورة منك.

ولكن ليس لديك الكثير من الوقت، ففي أسبوع يجب أن تنهي السجادة التي بين يديك، وعندما تنتهي منها بإمكانك المغادرة. 

 

لمعت عيني كلير فرحًا، راحت تفكر أنها بعد أسبوع ستنهي عملها هنا، وتخرج خارج هذا السجن الكبير.

 

غادرت العجوز هيلين وبعد أقل من ساعة، دخل الحارس ومعه مجموعة من الجنود، أحضروا لكلير الماء البارد، وأشهى الفاكهة الطازجة والخضروات، ووجبة غداء.

 

انتشرت رائحة الطعام في المكان، فاقتربت بعد أن سمعت صراخ بطنها من الجوع، إلى الآن لم تتناول غير الماء.

 

كلمها الجندي بصوته الجهوري:

_إن هذا الطعام من السيدة هيلين؛ لأنك تعملين بهمة ونشاط، وطالما  تسمعين الكلام، كل يوم سنحضر لك أشهى الأطباق!

 

لكن كلير كانت منهمكة في الأكل، شعرت أنها منذ أعوام لم تأكل، لم تفقه شيء مما قاله الجندي.

 

أشار الجندي لأصدقائه حتى  يضعوا السرير والوسادة على أحد الأطراف، انتبهت لصوت زئير الباب المزعج؛ عندها انتبهت أن الجنود غادروا المكان.

 

امتلأت معدتها سريعًا، فهي تأكل كالعصفور الصغير وتشبع من القليل، تذكرت موقف حصل مع والدتها عندما كانت صغيرة، "فتاة بعمر الخمس سنوات" لكنها تتذكر جيدًا، موقف كهذا حفر في ذاكرتها، أبى أن يغادر مكانه كل تلك السنوات، ولا تزال تستشعر مرارته في حلقها.

 

عندما وضعت والدتها صحن من الزيتون الأخضر على مائدة الطعام، كانت وجبتهم الوحيدة في اليوم مع كسرات من الخبز، حملت كلير حبة زيتون والتهمتها دفعة واحدة.

 

ونالت بعدها عقاب عظيم؛ كان يجب أن تقسم حبة الزيتون الواحدة على عدة لَقْمات في قانون والدتها الصارم.

حبستها والدتها في الغرفة المظلمة ليوم كامل.

 

كانت والدتها بذلك الوقت صحتها جيدة، تمشي على قدم واحدة، والقدم الأخرى ترسلها أمامها دون إرادتها، فالشلل عندها كان نصفي، لكن مع الوقت بدأت صحتها تتراجع إلى أن انتهى بها الحال على كرسي متحرك، وكان على كلير بعد ذلك أن تهتم بها، وبطعامها وأدويتها، وحتى نظافتها الشخصية، وعلاقتهما أصبحت أفضل، ولكن إلى الآن تخشى كلير من الأماكن الظلماء.

 

جابهت كلير الحياة منذ طفولتها، وتلاطمت مع أمواجها، صرخت في وجهها بصوتها الأبح، لكن صرخاتها كانت تضيع مع ذرات الهواء الممتد.

 

في النهاية استسلمت للأمر الواقع، توقفت عن المجابهة، لم تعد لديها الرغبة للوقوف بوجه الحياة، فقد كانت تريد أن تعيش بأقل الأضرار، تحولت لفتاة يائسة خائفة وخاضعة لكل الظروف دون أدنى استجابة.

 

تحجرت مشاعرها، فلا تعرف لغة التعبير عنها، لديها دموعها فقط التي ترسلها بين الحين والآخر ثم تعود لصمتها المعتاد.

 

احتفظت بالطعام المتبقي؛ لقد خشيت أن تغضب منها العجوز هيلين ولا تحضر لها الطعام مرة أخرى، انتبهت للسرير والوسادة، اقتربت منه ورمت بجسدها عليه، تبسمت فرحةً حتى بأبسط حقوفها.

 

***

مرت ثلاثة أيام على مارت، وكل يوم تأتي له داملا وتكشف عن جراحة وتضع مرهمها العجيب، الذي كان له تأثير عجيب كالسحر في شفاءه.

 

وسيبال تزوره بين الحين والآخر، تحضر له من طعامها المميز؛ ليشفى بسرعة ويعود كما كان.

 

استلقى مارت على سريره، أصبح لديه الوقت؛ ليفكر بوضعه وكيف انتقل إلى هنا؟!

قال بصوت هامس:

_لابد أن تلك المرآة التي كنت أرسم عليها مسحورة، حتى سحبتني إلى هنا، أشعر أن ذكائي أصبح أقل، ولا أستطيع أن أفكر بالأسباب كما كنت، ترى هل مارت الذي أخذت مكانه كان غبي؟! أم أنه كان طيب لحد السذاجة!

 

ضرب فريد الباب بقدمه، ودخل وهو يقول:

_إلى متى ستظل في سريرك أيها الغبي؟! لقد تراكم عليك الكثير من العمل.

 

لوى مارت فمه ولم يجيبه.

 

أردف قائلًا: 

_في الصباح سأجدك أمامي، هل فهمت؟

 

_فهمت.

 

كان مارت مضطرًا، أن يسمع كلام فريد، ويعمل معه فلا يريد أن يتعرض لموقف كالذي واجهه منذ أيام، يريد أن يعرف لما هو هنا، وكيف سيعود؟!

 

أزاح الليل عباءته السوداء؛ لتنير الشمس بخطوطها الأولى المكان، مع أن مارت جراح مارت لم تشفى بعد، لكنه تحامل على نفسه، وخرج إلى العمل في الحظيرة منذ الصباح، أنهى إطعام الحيوانات، اعتاد على صراخ فريد وهو يقول: 

_هيا فأمامنا الكثير من العمل في الأرض.

 

بدأ يحفر في الأرض بالفأس الذي يملكه، كان يستريح بعض الوقت؛ عندما يشعر أن ظهره يؤلمه، ويعود للعمل مع صراخ فريد.

 

عندما وصل لنهاية الأرض، وأراد العودة بخط طولي من النهاية للبداية، علق الفأس بشيء ما، وراح مارت يحركه يمينًا ويسارًا، لاح له طرف ورقة، حملها بين يديه، وهو يقول: 

_يا إلهي ما هذا؟!

***

مواعيد النشر: الأربعاء 

(((لقراءة الفصل الخامس اضغط هنا)))


#لعنة_قصر_سلمون

#تمارة_دلة

تعليقات