BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

 





(((لقراءة الفصول السابقة اضغط هنا)))



خريطة سرداب

 

كانت عبارة عن خريطة قديمة، خطت عليها رسمة لبناء ما، نظر مارت للورقة التي بين يدية بتمعن، وهو يقول: 

_هل وجدت خريطة لكنز؟!

 

لكن سرعان ما نفض تلك الأفكار عن رأسه، ودس الورقة في جيب بنطاله الواسع، بالتزامن مع صراخ فريد: 

_عد إلى عملك أيها الأبله!

 

رأى سيبال تتقدم من بعيد، شقت الابتسامة طريقها إلى فاهه، دغدغت قلبه علامات الفرح بقدومها، أصبح يشعر بترنحات في كيانه لم يشعر بها من قبل، إنه مارت المتعجرف الذي لا يؤمن بالحب مطلقًا، ويرى أنه نزوة عابرة، يفرغ بها شهواته، لكن الآن كان لمارت الأبله رأي آخر في الحب، أو لنقل أنها البرعمات الصغيرة للإعجاب.

 

لوحت له وهي تخطو عائدة للقصر، استطاع أن يقرأ شفاهها وهي تقول بعد أن أشارت إلى ظهره:

_هل يؤلمك؟!

 

رفع رأسه بنفي.

 

عادت سيبال إلى داملا، تريد أن تعرف المزيد عن المكان التي تعيش به، وعن الحياة خارج أسوار هذه المزرعة، حاولت أن تتقرب من داملا بحجة الطعام وهي تقول: 

_أمي داملا، هل نصنع الحلويات من أجل فريد ومارت؟!

 

فكرت داملا قليلًا وهي تقول: 

_نعم اليوم الخميس، وهو يوم مخصص لصنع الحلويات لدينا، ففي الغد هناك عطلة، كيف نسيت هذا الأمر؟

 

فتحت سيبال فمها؛ بعدم تصديق، كان مجرد اقتراح لم تعلم أنه يوم مخصص للحلويات، لكن تلك الصدفة أفادتها بمعرفة معلومة جديدة عن المكان.

 

بدأت داملا بوضع البيض، وإضافة الدقيق والسكر:

_ستكون أشهى كعكة صنعتها على الإطلاق، مر وقت طويل لم أصنع كعك التفاح والقرفة.

 

تنحنحت سيبال وهي تقف بقربها؛ وتريد أن تنتبه لها لتبدأ السؤال: 

_أمي داملا، لماذا مر وقت طويل لم نرَ به أحد؟! أهل نحن الوحيدون في هذا المكان؟

 

_لا يا ابنتي، هناك الكثير من الناس الذين يقيمون في قصر سل...، 

 

صمتت قليلًا كأنها تتذكر شيء ثم أكملت:

_لكن عمك فريد لا يتحمل الجو البارد هناك؛ لذلك قدمنا إلى هنا.

 

_قصر ماذا؟!

 

_تعلمين أنني لا أحب ذكر اسم ذلك القصر الملعون، أخاف أن تصل إلي جذور لعنته! لقد عانيت كثيرًا في رحابه.

 

لم تفهم سيبال مغزى كلام داملا تساءلت في نفسها:

_عن أي جو بارد تتحدث؟ فالجو كاللهيب، ونحن في منتصف الصيف، وماهي تلك اللعنة؟

 

أرادت سيبال أن تسأل عن المزيد؛ حتى تعلم خفايا القصر وأسراره، لكن وجدت نفسها أمام متاهة كبيرة، كلما حاولت الاقتراب عادت من نقطة البداية؛ لذلك فضلت الصمت.

 

عاد السكون المطبق، يخيم على المكان، كانت سيبال تخطو بعقلها آلاف الأميال، تحاول أن تتذكر ما جرى معها في حياتها، وما قادها لذلك البيت الغريب، وكيف وصلت إلى هنا؟! تحاول ربط الأحداث ببعضها البعض لكن دون جدوى.

 

لم ترَ بصيص أمل أو حتى خيط رفيع يوصلها إلى الحقيقة.

 

أخفت في ملابسها قطع من الموز، قررت أن تخفي لمارت الطعام؛ حتى لا يجوع مرة أخرى ويشرب البيض النيئ، فهي بطبيعتها تعطف على المساكين أمثال مارت، وكانت تصرف الكثير من مالها بالتبرع لهؤلاء الناس.

 

شارفت الشمس على الذهاب مودعة الأفق البعيد، أنهى مارت وفريد استخراج الحليب من الأبقار، كان مارت يجر أنفاسه بصعوبة، ويريد أن تمر الساعات مسرعة كسرعة الرياح في شهر نيسان؛ ليعود ويتمدد على فراشة فظهره ما زال يؤلمه.

 

جلس على حافة الشجرة، أستند إلى جذعها؛ ليرتاح بعض الوقت، فأصدر آهات متقطعة من ألام ظهره، أخذ نفس عميق من أنفه، وأرسله ببطء من فمه؛ ليخفف بعض من التوتر الذي كان يضيق الخناق على رقبته.

 

تذكر الخريطة التي دسها في جيبه، أخرجها ونفض الغبار والأتربة العالقة بها، إنه أشهر رسام في ضواحي مالطة يعجز أن يفك رسوم خريطة قديمة، لا بد أن لعنة المكان والزمان حلت عليه؛ حتى أصبح محدود القدرات.

 

حمل عصا صغيرة من الأرض التي يجلس عليها، وراح يخط على التراب كما كان يخط على دفتره الرسم، لكن يديه ترفضان التحرك، ترفضان أن تساعده ليرسم أو يقلد الورقة، وعندما لاح فريد خارج من البيت، سرعان ما أعاد الورقة إلى جيب بنطاله مرة أخرى؛ لا يريد أن يطلع عليها أحد.

 

أشار له فريد بقوله: 

_ماذا تفعل هناك؟ عد إلى غرفتك، فأمامنا عمل في الصباح الباكر.

 

قام بصعوبة بعد أن أتخذ من الشجرة متكأ له، لاحت له دماؤه التي تجمعت بالقرب منها، هربت دمعة من عينيها فقد شعر بانكسار في نفسه، سرعان ما مسحها وعاد إلى غرفته، وهو يقول: " ستأكل الحسرة قلبي، علي أن أكون أقوى من هذه المواقف"

 

مرت ساعتين أو أكثر وما زال يناظر العدم ويحاول أن يجد طريقة يحل بها لغز الخريطة التي بين يدية، أرخى الظلام خيوطه على المكان، وكان القمر يتوسط السماء فينيرها في ليلة فاحمة هادئة، قطع هدوئها قرع سيبال الحائط على مارت ثلاث ضربات متتالية، سرعان ما عادت إليها بنفس الترتيب، فتحت باب غرفتها، وتسللت بهدوء على رؤوس أصابعها؛ عندما تأكدت أنه مازال مستيقظ، اقتربت من الباب تضربه بضربات خفيفة وهي تهمس: 

_مارت، افتح الباب هذه أنا سيبال.

 

سمعت زئير خافت يصدر من الباب ويطل مارت من خلفه وعلامات التعجب ترتسم على وجه، شقت الباب بسرعة ودخلت وأغلقته كأنها تهرب من أمر ما، وأخرجت من بين ملابسها، قطع من الخبز والموز الذي اخفته له وهي تقول: 

_هذا من أجلك، وكل يوم سأحضر لك القليل، لكن أرجوك ألا تظهره لفريد؛ كيلا يجلدني بالسوط.

 

هز رأسه موافقًا، كان لحضورها وقع جلل في نفسه، هز عرش كيانه، كانت قريبة منه للحد الذي جعله يشرد في عينيها، تلك العينين بلون العسل والتي تلمع تحت الضوء الأصفر الخافت، الذي يصدره المصباح القريب منها، وضعت يدها على مقود الباب؛ لتغادر، وهي تؤكد كلاماتها" ألا يظهر الطعام لأحد" 

 

أمسكها من يدها بحركة مفاجئة، كطفل تعلق بوالدته لا يريد منها المغادرة، وهو يقول:

_انتظري، لا تغادري، لدي شيء سوف أريك إياه.

 

أخرج من جيبة تلك الخريطة:

_انظري ماذا وجدت؟ وأنا أعمل في الأرض.

 

نظرت للرسمة بتمعن، كانت تشير لمكان ما، كأنها غرفة داخل سرداب، رُسمت على وجهها علامات الدهشة، وأول شيء خطر في ذهنها السرداب الذي جاء بها إلى هذه الأرض، رأت في تلك الورقة طوق نجاتها.

 

قالت بتعجب: 

_ما هذه الورقة؟!

 

رفع كتفيه وذم شفتيه وهو يقول:

_لا أعرف! لم أستطيع أن أستنتج ما تعنيه.

 

كانا يتهامسان بالقرب من الباب؛ وخشيت سيبال أن يسمعهما أحد، قالت بتوسل:

_هل تعطيني تلك الورقة؟ أتفحصها في غرفتي وأخبرك أن وجدت بها شيء يفيدنا.

 

قال مارت بقلة حيلة، وكأنه مسلوب الإرادة:

_ستخبرينني! هل أنت متأكدة؟!

 

_نعم، أعدك بذلك.

 

دست تلك الورقة في كم فستانها؛ لتخفيها على الأنظار إذا صادفت أحد، بعد أن رأت بوادر الموافقة منه، وغادرت مسرعة إلى غرفتها.

 

ما يزال مارت شارد بتلك البقعة التي غادرت منها، وينظر للطعام الذي بين يديه، بدأ يلوم نفسه:

_لماذا أعطيتها الورقة؟! كم أنا غبي ولا أحسن التصرف! كيف لي أن أثق بها؟ وماذا لو أخبرت فريد بذلك؟!

 

تحسس ظهره، وشعر بألم شديد، لن يتحمل الجلد من بين يدي فريد مرة أخرى، لا شك أنه سيموت لو تكرر ذلك الأمر للمرة الثانية، لكنه يشعر بارتياح تجاه سيبال، لا يعرف مصدر ذلك الشعور.

 

مر الساعات على سيبال وهي تحاول فك رموز الورقة، تظن أن المكان في أحد غرف هذه القصر الصغير، تمر داخل سرداب إلى أن تصل غرفة أخرى تحت الأرض، الرسمة بسيطة ولا تحتاج للتفكير الكثير، ولكن ما يحتاج التفكير حقًا هي أين تلك الغرفة التي ستدلف منها؟!

أخذ النعاس منها مآخذه، قررت أن تخفي الورقة وفي الصباح تحاول إيجاد الحل.

 

********

حركت كلير أصابعها بألم، فتحت يديها وأغلقتها، مر وقت طويل وهي تنسج دون توقف، نظرت للسجادة التي امتدت أمامها، تجاوزت المنتصف ستنتهي منها قبل المدة المطلوبة.

 

لمع بريق عينها مع فكرة أنها ستخرج من هنا بعد انتهاءها، هي لا تعلم ما يخبأ لها القدر خارج تلك الجدران، لكن يبقى أفضل من السجن هنا.

 

تمنت لو توجد نافذة؛ تطل منها لتستمتع بالنظر للأمواج المتلاطمة والتي تسمع صوتها محيطة بها، لم تفكر يومًا أن أقصى أمنيات السجين أن يرى الشمس، أو يطل من نافذة ليستنشق الهواء الخارجي!

 

شعرت بالاختناق، كأنه الغرفة معدومة الأوكسجين، تركت العمل الذي بين يديها، وراحت تجلس تحت النافذة مباشرة؛ لعل بعض نسمات الهواء تصل إليها، من خلال الشقوق الصغيرة.

 

مددت يدها على ركبتيها، استندت برأسها على جذعها وراحت تفكر، عندما كانت صغيرة جدًا لم تنعم بيوم جميل كالأطفال، كانت تهتم بوالدتها المعاقة، حتى أنها حرمت الذهاب إلى المدرسة، ولنفس السبب حرمت الذهاب إلى مدينة الملاهي، وحرمت تناول حلوى الأطفال، حتى أنها نسيت ماذا تعني الطفولة! كيف لها أن تعيشها؟! 

 

وبعد ذلك تطور الأمر فأصبحت تصرف على والدتها، وتجلب المال من عملها في البيوت، كانت ساكنة ومطيعة، لم يتثنى لها يومًا أن تقول لا أريد!

أو تصرخ بوجه أحدهم رافضة لأمر ما، بقيت طوال حياتها خاضعة مستكينة للظروف وللبشر المحيطين بها، والآن ماذا عليها أن تفعل؟ 

حتى تقبل بنفس الوضع وتبقى مستسلمة كسمكة مبحرة مع التيار أم عليها أن تقف بوجهه وتعارك مياهه الجارفة، لتقف بوجه الجميع وتقول: لا هذه حياتي ويجب أن أعيشها كما أريد، وهذه قراراتي! 

 

قطع شرودها صوت صرير الفأر بجوارها، حتى ذلك الصوت قد اعتادت عليه منذ نعومة أظافرها، كانت تضحك عندما ترى فأر في بيت والدتها وهي تقول:

_لن تجد شيء تأكله، عليك أن تبحث عن بيت غير بيتنا.

 

وبالفعل يختفي بعد فترة ولا تجده، ليتحقق تنبئها أن الفئران لا تستطيع أن تعيش بنفس مستوى معيشتهم.

 

نظرت إلى الآلة من جديد، وهي تقول: 

_علي أن أنهي عملي بسرعة، الطريق الوحيد للنجاة من هذا القبر.

 

عادت لعملها من جديد، إن العمل كان وما يزال المتنفس الوحيد لحياتها، لعله نعمة دون أن تعلم، تهرب به من جحيم واقعها!

 

عملت لساعات متوالية من جديد، تنفست الصعداء وهي تقول: 

_ها قد انتهيت من صناعة السجادة كما ترغب تلك العجوز الشمطاء!

 

سمعت صوت زئير يصدر من جديد من الباب، وضعت يديها على أذنيها كم تمقت ذلك الصوت! يزعزع كيانها ويدب الرعب في قلبها، تشعر أن المصائب قادمة بمجرد سماعها ذلك الصوت.

 

لا تميز الليل من النهار بسبب الظلام الهالك المحيط بها، لقد عملت لساعات طويلة على أمل الخروج من هذا القبر المخيف، تشعر بوحشة في داخلها لم تشعر بها من قبل، كأنها تنذرها أن هناك سوء قادم.

 

ضيقت أهدابها؛ لتستطيع تميز القادم مع أنها تتوقع من يكون أما الحارس أو العجوز هيلين.

قالت بصوت هامس:

_هذه أنت؟! لقد جئت بالوقت المناسب.

هاقد انتهيت من صنع السجادة وقبل الوقت المحدد، والآن عليك أن تنفذي وعدك لي بالخروج من هنا.

 

اقتربت العجوز وهي تحمل أحد أطراف السجادة وقالت بمكر وهي تهز رأسها:

_أرى أنه صنع محكم! سلمت يداك! 

 

أشارت إلى الحارس الذي يقف على الباب بأحد أصابعها، وهي تقول: 

_أحمل السجادة، وضعها في مكانها المعتاد.

 

استجاب لطلبها مباشرة، وجاء حارس آخر، طويل القامة، عريض المنكبين، مقطب الحاجبين كأن وجه صنع من سم العقارب والثعابين، أحضر الصوف الخام ومواد الصناعة من جديد، راحت العجوز تتبسم بخبث وهي تضع صورة سجادة أخرى على الحائط، وتقول:

_أمامك ثلاثة أيام حتى تنتهين منها.

 

انتفضت كلير وتحركت من مكانها، وتحول وجهها الذي كان مرسوم بعلامات الفرح، إلى وجه تخنقه الدموع والغصات وهي تقول:

_لكنك أخبرتني أنني عندما أنتهي من صنع تلك السجادة، ستسمحين لي بمغادرة المكان.

 

قهقهت العجوز بصوت مرتفع وهي تقول: 

_كلام الليل يمحوه النهار، وكلام النهار يمحوه الليل...

هيا كوني مطيعة ولا تضطريني أن أظهر الوجه الآخر لك.

 

راحت كلير تبكي وتصرخ: 

_لن أصنع شيء، ولن تستطيعين إجباري على ذلك.

 

أشارت للحارس الجديد الذي يقف بالقرب من الباب لمكان كلير، اقترب بلحظة مباغته وحشر جسدها الضئيل بأحد الزوايا، أحكم قبضته عليها ورفعها إلى الأعلى بيد واحد، شعرت أن عظامها قد تداخلت، وأن عيونها جحظت ولم تستطيع أن تأخذ أنفاسها، وراحت تضرب بقدميها على الحائط، وتحاول أن تتخلص من قبضة يديه القوية بيديها الواهنتين.

 

دقيقتين كانت كافية أن ترى الموت وتعود منه، تمنت لو أن روحها غادرت بسلام؛ حتى ترتاح من كل ذلك العذاب التي تعانيه.

 

لكن العجوز هيلين أشارت إليه ليتركها، أرخى قبضته اللعينة عنها ودخلت بنوبة سعال قوية، سرعان ما تركاها وغادرا المكان، لا تعرف كيف تجرأت على الركض نحو الباب وهي تصرخ وتضربه بكل قوتها:

_أخرجوني من هنا، هيلين أيتها العجوز الشمطاء، اتركيني أرحل، لن أصنع شيء جديد، أفضل الموت على هذه العبودية، هيلين أيتها الساحرة الشريرة.

 

بقيت تضرب على الباب وتصرخ وتبكي حتى انتفخت عينيها، وجف حلقها وبح صوتها، دون أن يسمعها أحد، أو يجيبها أحد، وكان المكان خالي من البشر، آلمتها يديها من جديد، وهنت قواها وجلست دون حيلة خلف الباب وهي تقول: 

_ساعدني يا الله! فليس لي سواك 

 

***** 

مر اليوم سريعًا دون أن تتمكن سيبال من إخراج الورقة والاطلاع عليها في النهار، وعندما جنح الليل ذهبت مسرعةٌ إلى غرفتها، وريثما استقرت حركة الجميع، طرقت الباب برفق على مارت وهي تقول:

_افتح، هذه أنا سيبال.

 

جلسا في أرض الغرفة جلست القرفصاء، راحا يتأملان الخريطة التي بين أيديهم.

 

قالت سيبال وهي تمعن النظر بالخريطة:

_ما يحيرني أن المكان هو لنفس المكان الذي نقيم به، لكن من أين باب الدخول؟ هذا ما يجب علينا معرفته.

 

أجابها مارت ببلاهة دون اكتراث: 

_حركي الورقة إلى الأعلى والأسفل، أو اقلبي الصفحة.

 

حركت سيبال الورقة بكل الاتجاهات، وعندما قلبت الورقة للجهة الأخرى، قفزت بفرح وهي تقول:

_ وجدتها مارت تعال انظر، كيف تظهر الورقة بشكل مختلف من هنا!

 

مشى مارت خلف سيبال، ببطء على رؤوس أصابعه، وصلا إلى الشجرة الكبيرة في منتصف الساحة، نظرت سيبال بتمعن إلى جذعها وهي تقول: 

_هنا ينتهي الطريق المرسوم!

 

نزلت لمستوى جذعها وراحت تضرب على أطرافها ببطء، حتى لاحظت فجوة صغيرة في لحائها، استطاعت أن تستخرج من تلك الحفرة، مفتاح صغير على شكل قلادة، وضعت القلادة في عنقها، أثارت ذهول مارت بألوانها الأرجوانية البراقة، فأخذها ووضعها في الشجرة وراح يحرك المفتاح كأنه باب أراد أن  يفتحه، أو كأن أحدهم يملي عليه ما يجب فعله.

 

فجأة فتح باب عميق في الشجرة، سارت سيبال خلف مارت كأن مغناطيس يجذبهما، كان الظلام حالك، لكن ما ينير المكان القلادة التي بقيت بين يدي مارت، وصلا لنهاية السرداب، أرادا الاقتراب أكثر.

 

وضعت سيبال أصبعها على فمها بمعنى؛ لا تتكلم فهناك جنود! نظر مارت لحيث أشارت فشاهد مجموعة من الحراس، وامرأة تبدو كساحرة شمطاء، أخرجوا سجادة كبيرة من داخل الغرفة وأغلقوا الباب خلفهم، ومارت وسيبال سمعا صراخ لفتاة من الداخل وبكاء ونحيب وهو تنادي باسم" هيلين" 

 

أراد مارت أن يتقدم أكثرعندما سمع صوت الفتاة، لكن حدود القلادة كانت لنهاية السرداب وراح ينطفأ نورها بين يديه، سحبته سيبال مرة أخرى ليعودا إلى حيث أتوا، وهي تقول: 

_سنعود في الغد، ولكن علينا أن نجهز خطة محكمة؛ كيلا نكون مكان تلك الفتاة.


***


مواعيد النشر: الأربعاء 

(((لقراءة الفصل السادس اضغط هنا)))


#لعنة_قصر_سلمون

#تمارة_دلة

تعليقات