BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

 



(((لقراءة الفصول السابقة اضغط هنا)))


( الحرب المنتظرة)

 

أرض القمر، رأى نادر كوهندار من بعيد تترنح على ظهر حصانها يمين ويسار، أثارت فضوله بهيئتها تلك.

 

لم تتشبث بلجام حصانها بل أطلقت يديها للريح، تتقدم في اتجاهه بسرعة مذهلة، وقف في منتصف الطريق ليراه حصانها ويقف أمامه.

 

استيقظت من شرودها؛ عندما كادت أن تقع عن ظهر الحصان، بعد أن وقف فجأة كأن حية لسعته، أو أنه رأى جنٌ أمامه.

 

فتحت عينيها المحمرة والتي كانت بحجم الخوخ من شدة البكاء، لتجد نادر يقف أمامها ويسألها باستهجان: 

_ما حالتك تلك؟ ما الذي حصل؟ كدت تسقطين وأنت تترنحين يمينًا ويسارًا!

 

لكنها لم ترد كأنه لا يكلمها، نزلت عن ظهر حصانها وأكملت مشيها إلى داخل الإسطبل، لحق بها وهو يصرخ ويلوح بيديه:

_أنت، إلى أين تذهبين ألا ترين أنني أكلمك؟ 

 

ربطت حصانها الأزرق مكانه، ولم تكن لها طاقة على الكلام؛ لذلك ظلت صامتة وفضلت أن تختلي بنفسها لساعات في مكانها المفضل، على الأرجوحة الخشبية بجانب القصر.

 

حتى أن قلبها عاتب على خطيبها نادر، ففي المرة الماضية تجاهلها تماما، حاولت أن تلحق به أو تعرف ما ورائه لكن أخفى كل الأدلة عنها.

 

إنه نادر تعرفه تماما كالحرباء له قدرة عجيبة على التخفي، وعلى تغير ألوانه لما يتناسب مع المحيط به.

 

فتراه رومانسي معها وغامض مع الجنود، متفهم لأبعد الحدود مع والدها، لدية ليونة مطلقة في التغير حسب الظرف الذي يوضع به.

 

تعتبر ذلك ذكاء لكن لا تحب هذه الصفة به، أمعنت النظر به تسأله:

_لماذا أشعر أنك تخفي عني الكثير؟!

 

_وماذا سأخفي عنك؟!

 

_مبهم، غامض كاللون الأسود يا نادر! سيأتي يوم واكتشف به سوادك هذا.

 

علم أنها ليست بمزاجها المعتاد، فهي لا تهذي من العدم.  

جلس إلى جوارها متفهم، وضع يده على كتفها دون كلام يحاول أن يواسي ألامها، سندت رأسها على كتفه وأسدلت عينيها باستسلام. 

 

أبت هذه المرة دموعها أن تنهمر من مقلتيها، لكن تلك الصورة ترفض أن تغادر من أمامها، صورة والدها مع زوجته.

 

عاد لسؤالها مرة أخرى: 

_ماذا جرى؟!

 

يحاول أن يخفف عنها وعن قلبها، سيجن ليعرف ما الذي أحزن عينيها:

_ليتك تقولين من أزعجك، وأحزن تلك المقلتان! أعدك أنني سأمحيه عن الوجود، فقط بكلمة واحدة من بين شفتيك.

 

أجابت بشكل مقتضب:

_لا شيء، أنا فقط متعبة من هموم القصر وأبي وأمي، أشعر بضغوط الحياة بكاملها تضيق الخناق على رقبتي.

 

لم تصارحه يوما بما تشعر دائمًا كان هناك فجوة سحيقة بينهما لا تستطيع أن تتجاوزها، عادا لصمت مبهم.

 

قرعت طبول الإنذار فجأة من الكشافات العالية، وقفا وهما  يتساءلا:

_ما الذي يحصل؟!

 

فهذه الطبول لا تقرع إلا في الحرب، أو أن هناك أمر جلل يتوجب قرعها؛ وهذا الأمر يهدد أمن وأمان المملكة. 

 

جاء أحد الجنود إليهم وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة ويتحدث من بين زفراته: 

_لقد رصد كشافنا البحري رتل من السفن الحربية يا سيدي!

 

أكمل كلامه: 

_هذه السفن تحمل منجنيق جسيم لا قبل لنا بمجابهته، وتحمل العلم الإسلامي الأخضر أيضا، مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله إنه الزبير بكل تأكيد؛ فهذا علم دولته.

 

تغير وجه نادر لألوان عديدة، لم يتوقع أن تكون لدى الزبير الجرأة ليهاجم مملكتهم، فهي شبه جزيرة محصنة بالمياه من كل الجوانب، يعلم أنه جسور لكن أن يقدم من البحر هذا خارج تكهناته.

 

لم يعرف ماذا سيتصرف وخاصة أن الأمير في تعبده في الجبل، وهو من ينوب عنه في مثل تلك الرحلات.

 

وضع يديه على وجهه بحنق وهو يفكر فيما سيتصرف، قال:

_لا تغفل أعينكم عن تلك السفن، انقلوا لي التحركات خطوة بخطوة.

 

علم أن الأيام السيئة قادمة في القريب العاجل.

أمعن النظر لكوهندار كأنه أراد أن يقرأ الحلول من وجهها.

 

سألته:

_ترى ماذا فعلتم من وراء ظهري حتى ركب الزبير البحر مهاجمً ا لنا؟!  

 

أردفت قائلة دون أن يجيبها نادر:

_سيقدم والدي بكل تأكيد، حتى لو كان في الجبل؛ سيسمع قرع الطبول الحربية، وسيأتي إنني متأكدة كما أراك! 

 

لم تنتهي من تلك الكلمات حتى لاحت عربة العنود من البعيد، تتقدم بأسرع ما يمكنها يحثها السائق على التقدم بسرعة بقوله:

_ هيا، تقدمي.

 

نظرت بعينين يملئهما الحب والعتاب لوالدها، وهو يمر من أمامها متوجها إلى القصر الملكي.

 

أمعن النظر لها من خلال نافذة العربة، كأنه اكتشف البركان الثائر داخل قلبها من مجرد نظرة عابرة.

 

دخل البوابة العالية المحاطة بأشجار السنديان، انتشرت رائحة أوراقه العطرة في المكان، مع انجراف الهواء القوي الذي حملته المركبة المسرعة، أشارت إلى نادر؛ ليوافي والدها ويخبره بما سمع من الجنود.

 

دخل نادر إلى مجلس الأمير؛ ليبث له الأخبار دفعة واحدة، كأنه يفجر قنبلة في وجهه.

خرجا معا مسرعين إلى أحد مواقع الاستكشاف في الأعالي.

 

وكوهندار لا تزال واقفة إلى جانب القصر، كأنما قدماها أبتا مساعدتها؛ لأن تخطو خطوة إلى الأمام أو إلى الخلف.

 

تناظرهما من بعيد، وتناظر الوجوه التي رسمت عليها الخيبة والخوف واستحالت للون الأصفر الشاحب.

 

والدتها تحتضن أخاها في ساحة القصر، وأمام البوابة المرتفعة، كأنها تريد أن تدفنه في قلبها كيلا يمسه الأذى، الجنود تأهبوا للقتال، فقد استنفر الجيش بأكمله، مع طبول الحرب الثانية أي أن الزبير يقترب.

 

النساء والأطفال هرعوا إلى الملاجئ التي تحت الأرض، الصراخ والعويل والفوضى العارمة هذا ما كانت تراه كوهندار من مكانها.

 

نسيت زواج والدها الثاني من هول المنظر، نسيت أنها ساخطة عليه عندما رأت حال المملكة بذلك الشكل، بدأت ضربات قلبها تزداد شعرت بالخوف مما سيحصل.

 

إنها الحرب التي لا تميز بين الصغير أو الكبير، بين الشاب أو الشيخ، بين الأمير أو الجندي، بين الأبيض أو الأسود.

 

لا تميز حتى بين امرأة أو شاب، مقبرة مفتوحة تلتهم الأشلاء، تكفنهم ببقايا ترابها، تدفنهم في فجوتها السحيقة.

حتى من هولها تجعل الأم تنسى حزنها على صغيرها، والأخت تنسى أخاها، والعائلة تنسى فقيدها.

 

تختلط الورود مع الأشلاء حتى يتماهيا، فلم تعد تميز بينهما، يختلط الطهر مع النجاسة، تختلط المياه مع الدماء، حتى تتجرع المرارة في حلقك قبل أيامك، تكشف نوايا النفوس.

 

الحرب كوحش بشع المنظر، قذر الهيئة، أنفاسه لاهبة خبيثة، يداه تطول كل شيء مهما كان بعيد، ومهما كان هادئ، لتحوله إلى رماد مندثر متطاير في الهواء كأنه لم يكن.

 

وهناك على سطح إحدى نقاط الاستكشاف، كان أمير أرض القمر يناظر السفن من منظاره الرفيع؛ ليكشف ماهيتها وضخامة حجمها، باغته نادر بسؤاله:

_ما وضع السفن؟!

 

أنزل الأمير ذلك المنظار، ولم تكن علامات الارتياح بادية على وجهه، عاد نادر لسؤاله:

_ما رأيك سيدي؟! هل نستطيع أن نتصدى لذلك الأمير؟! 

 

مد يده ليلتقط نادر المنظار منه دون أن يجيبه، فقد هربت الكلمات من شفتيه، نظر نادر للسفن التي تقترب أكثر.

 

شهق وهو يضع المنظار على عينيه ويقول باستغراب وخوف ظهر من رجفة صوته:

_عشر بوارج حربية عملاقة مكونة من طوابق متعددة!

تحتوي كل واحدة على مخازن من الأسلحة، تحمل على ظهرها الدبابات والمدافع والجنود المحصنين بلباسهم الحربي!

 

ابتلع غصته بصعوبة وأردف شارحًا ما يشاهد:

_وهناك سفينتين مفتوحتين على بعضهما كأنهما واحدة، يحملا المنجنيق الضخم على متنهما.

 

وجع يده على وجهه:

_يا إلهي! كيف لنا أن نتصدى لذلك الهجوم؟! 

سيطحنون المملكة دون أدنى تعب وحتى دون الحاجة للنزول!

 

_ نعم هذا ما كنت أفكر به، فلو كانت الحملة برية لتمكنا من هزيمتهم، فأعداد الجنود الذين حضروا ليس بالقليل لكننا نستطيع أن نتفوق عليهم.

 

زفر وأكمل:

_لكن المصيبة في المنجنيق سيتمكن من حرق المدينة من البعيد.

 

عاد للتفكير مجددًا:

_كل ذلك بسبب الصياد اللعين! وأنت السبب لماذا أرسلته لأرض الزبير بذلك الشكل؟!

 

_إنها أوامرك، لنمنع تفشي الدين الإسلامي بيننا أم أنك نسيت؟!

لدي اقتراح يا سيدي لا أعرف إذا كنت ستوافق عليه!

 

_قل ما عندك يا نادر لقد توقف عقلي عن العمل! قل أي شيء ينجينا من تلك المصيبة.

 

_نرسل للزبير طلب للتفاوض ونتفق دون حرب؛ أي نوقع هدنة معهم، ما رأيك؟! 

 

_كنت أقول دائما أن أفكارك خطيرة ولا أحد يصدقني، لكن لن أوكل المهمة لأحد غيرك.

هيا اركب سفينة من سفننا وتوجه إليه قبل أن يصل.

 

إن الأمير يعرف عقلية نادر ودبلوماسيته في الحديث وفي حل المشكلات، رباه في كنفه منذ نعومة أظافره، سيتمكن من إقناع الأمير الزبير بطرقه الملتوية؛ لذلك لن يرسل أحد غيره.

 

شحب وجه نادر من هول الخبر وهو يقول:

_معروف عن الأمير الزبير الجبروت والقسوة، أخاف إذا توجهت إليه أن يقطع رأسي ويرميه لوحوش البحر.

 

استدرك كلامه:

_ لكن سأرسل وفد يمثل المملكة لطلب الهدنة، وإن وافق الزبير سأركب البحر لملاقاته.

 

توجه الوفد على سفينة متوسطة الحجم، حاملين الراية البيضاء التي تدل على السلام؛ أي أنهم لا يرغبون بالحرب، نزلوا إلى إحدى سفن الأمير، تكلم معهم صديقه ماهر لفهم الطلب الذي جاؤوا به.

 

أخبر ماهر الأمير الزبير بطلبهم: 

_أن أرض القمر تطلب الهدنة ولا تريد الحرب.

 

والزبير يعلم في قرار نفسه أن الله سيساعده، فعندما سافر وكل أمره إلى الله والله لن يخيبه ولن يخذله، قال بصوته الجهوري ليسمع من في الخارج: 

_إن كنت سأوافق على الهدنة، ستكون بشروطي وإلا سأحرق أرض القمر من هنا.

 

أوقف الزبير تقدم البارجات الحربية في منتصف المياه، كان لوقوفهم وقع جلل في نفوس سكان أرض القمر، سينتظر الأمير ومن معه عودة الخبر، لكن المهلة التي قدمها لهم ساعتين فقط.

 

خلال ساعة واحدة كان يقف رئيس الوزراء نادر أمامه ومعه وفد من كبار أعيان المملكة.

يطلب مقابلة الأمير لكن من خرج لهم أحد جنوده وبيده ورقة كتب عليها شروط الأمير وأملاها أمامهم دفعة واحدة:

١_أن يسمح أمير أرض القمر للناس باعتناق الإسلام كل حسب رغبته دون اجبار أحد على تغير دينه.

 

٢_م دينه سيكون تحت رعاية وحماية الأمير الزبير ويمكنه الانتقال إلى أرضه متى شاء، وسيحصل على مرتب شهري كما رعيته. 

 

٣_من سيبقى على دينه سيقدم الجزية للأمير؛ لأنه سيبقى أيضا تحت حمايته ورعايته.

 

٤_سيسمح بإنشاء الجوامع في المدينة ودخولها دون أن يتعرض لهم أحد.

 

٥_وأخيرا يطلب الأمير يد الأميرة كوهندار للزواج، وهو شرط أساسي كيلا يهاجم البلاد.

ليقبل الهدنة ستعود معه عروس إلى أرضه.

 

أتت الشروط لنادر كلسعة نحلة في منتصف أنفه، أو ضربة قوية بكبل الكهرباء، انتفض كيانه مرة واحدة، أخذ يدور كالكرة المطاطية في أرضه.

 

لقد أربكته هذه الشروط ولن يتمكن من رفضها؛ لم يجد أمامه غير البحر، نزل للسباحة هاربا والجندي يصرخ خلفه: 

_لن ينتظر الأمير كثيرًا حتى مساء الغد وإلا سيبدأ الهجوم!

 

جلس نادر على الشاطئ مبلل الجسد والثياب وهو يحدث نفسه:

_سيضيع كل شيء خططت له منذ سنوات، إما أن أخسر حياتي في تلك الحرب اللعينة، أو أخسر ملك أرض القمر؛ عندما اتنازل عن كوهندار للأمير الزبير.

 

لكنه فضل التنازل عن كوهندار فحياته أغلى، وقرر أن يكون تنازل مؤقت ريثما يرتب أوراقه، فليس نادر من اعتاد أن يخرج خاسر.

 

مع وصول نادر إلى الشاطئ وصلت الأنباء قبله مع الوفد الذين ركبوا السفينة عائدين، أخبر الوافدون والد كوهندار بكل ما حصل.

 

 وكوهندار كانت تقف كالطود الشامخ، بالقرب من والدها تستمع لشروط الأمير.

 

توجهت لوالدها بالسؤال:

_ماذا فعل نادر وأخفيتم عني، حتى جاء الزبير مهاجما!

 

لكنها لم تلقَ إجابة:

-كم مرة يجب علي أن اسأل السؤال؟

 

_لقد قتل نادر الصياد محمود، عندما علم أنه ذهب بك إلى أرض الزبير، وعلم أيضا بحقيقة إسلامه فقتله وأرسل جثمانه إلى الأمير.

 

علمت كوهندار أن الحرب قائمة لا محالة، ليس الزبير من يصمت عن تحدي مملكته، ألقت نظرة أخيرة على القصر حولها ثم نطقت بتحدي:

_أنا موافقة، ولكن بشروطي أيضًا.

 

_كيف لك أن توافقي يا ابنتي؟! ستذهبين إلى مصيرك المحتم!

 

_لن أترك شعبي يموت من غلطة أحد، لو صارحتني منذ البداية بهذا الأمر لم نصل إلى هنا يا أبي!

***

غرفة كوهندار،

فكرت كثيرا والدموع تنهمر على خديها، شعرت بحرارة عارمة تلفح جسدها، تكاد تختنق كأن جدران الغرفة تطبق عليها.

 

أسرعت إلى النافذة ففتحها واستنشقت الهواء، نظرت لموضع وقوف البارجات الحربية، ليس أمامها الكثير من الوقت حتى تضع شروطها.

 

تساءل نفسها:

_كيف لها أن تترك أرضها وشعبها وتذهب عروس لأمير من غير دينها؟! 

غريب عنها ومعروف عنه أنه متوحش بل تلك أقل كلمة يمكن أن تصفه بها!

 

لكنها لن تترك الحرب تطول بأيديها القذرة أرضها وشعبها، أول شخص فكرت به والدتها، تلك الحنونة رغم هموم حياتها الكثيرة، حاولت بكل قوتها أن تجعلها شخصية ناجحة يفتخر الجميع بها.

 

لذلك ستصنع من نفسها شيئًا، يجعل قلب أمها يبتسم قبل ثغرها، لتُدرك أن ألم ولادتها وسهرها عند مرضها، وتعبها في تربيتها، لم يذهب هباءًا منثورًا.

 

فمن حقـها أن تراها ناجحـة ومتفوقة ومُتميزة مُثابرة، صامدة أمام كُل الصعوبات، ومن أجل عينيّها لن تستسلم فوالدتها تستحق الكثير.

 

أغلقت النافذة ونفضت غبار اليأس عن قلبها، عادت الابتسامة إلى ثغرها وهي تقول: 

_كنت أذهب متخفية إلى أرضه، والآن أتت لي الفرصة على قدميها، حان الوقت ليرى الزبير من كوهندار وماذا تستطيع أن تفعل؟!

 

خرجت لمقصورة والدها، انحنت له أمام الأعيان من المملكة، أخبرته بشروطها لتوافق على ذلك الزواج على الملأ:

١_لن أتخلى عن ديني مهما حصل وليكن هذا أول شروطي.

 

٢_سيكون لي قصر خاص بي ولن يدخله الزبير أبدا.

 

٣_ تحق لي زيارة أهلي متى طلبت.

 

أرسلت شروطها للأمير الزبير الذي وافق عليها دون مناقشة، فلن يجبرها على تغيير دينها، ستغير دينها عن قناعة تامة وبعد هداية الله لها،

تلك طريقته مع جميع من دعاهم إلى الإسلام.

 

وأما القصر كان سيقدم لها مهر على الطريقة الإسلامية، ولن يكون هناك أفضل من هدية القصر.

مع أنه متحفظ على فكرة عدم دخوله، لكنه سيوافق مبدئيا، وبالنسبة لزيارتها عائلتها فلن يمانع، ولكن ستكون تحت حمايته عندما تأتي لزيارتهم.

 

كان كل ما في ذهنه أن يحصل عليها، يشعر أنها مسؤوليته ويجب أن تبقى تحت رعايته، أغمض عينيه محاولًا أن يتذكر من أين يعرفها؟ 

ذلك الشعور ظل يرافقه منذ اللحظة الأولى التي رآها بها.

 

حط الأمير الزبير قدمه اليمنى في أرض القمر، بفضل الله ومساعدته ضمها لحكمه دون حرب، ودون سفك الدماء، دخل إلى منتصف المملكة، ووضع حجر الأساس لبناء أول مسجد إسلامي فيها.

 

قدم إليه الكثير من سكان الأرض الذين أعلنوا إسلامهم بعد معرفة شروطه، هناك عيون تتربصه بحقد ومكر، وعيون مبتهجة بدموع الفرح، وعيون أخذ الحزن منها مأخذه.


شعر بثقل كبير يجتاح كيانه، كأن  حبل لف حول رقبته، لم يكن مرتاح أبدًا، كأن الأرض مسكونة بالأرواح الشريرة هذا ما شعر به.


***


مواعيد النشر: الجمعة


تعليقات