BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

مائدة الشيطان-الفصل الحادي عشر (محمد بهاء الدين)

 



(((لقراءة الفصول السابقة اضغط هنا)))




مرت عدة أسابيع على عودة ماريا من الكونغو دون أن تحضر أيّ من اجتماعات ثمرة الجنة.

 

لكن أحمد كان هناك دائما، يلصق أي فضل أنجزه في رحلته لها، يُدير الأمور في غيابها، خاصة مع وجود

خصم عاتي كخالد، هذا الثعلب الماكر الذي نجح سريعًا في الانخراط بمجلس الادارة كأنه مُلتحق به منذ قديم

الأزل، بات يَعرف كيف يكتسب الأصوات، وكيف يستميل الآخرين ويُلقي لهم شذرات الخبز ليتجهوا له كما

يدلهم سرب الحمام على الفُتات.

 

لكن بعودة أحمد تأجلت هذه الحروب والمؤامرات؛ فخالد يريد أن يوجه ضربته القاسمة للمرأة التي أذلته على

مرأى ومسمع من الجميع، كما أن أحمد لم يكن بالرجل الهين الذي يُمكن العبث معه، فالشيب الذي زحف

إلى خصلاته ليس من فراغ، بل هو بياض الخبرة وضوء الحكمة.

 

فبمجرد عودته صاغ بيانًا خلابًا عن دور ماريا الفعال في كسب صفقة جديدة مع مامورا؛ تقضي بإنتاج

ضعف كميات الذهب لترميم ثمرة الجنة.

 

في حين عَمِلَ خالد في الخفاء على إظهار كذب أحمد، لكنه لم يجعل أي شيء يطفو إلى السطح، بل ظل

يعمل في الأعماق إلى أن تحين اللحظة المناسبة.

 

وقد حانت أخيرًا بمجيء ماريا إلى مجلس الإدارة بالزي الرسمي.

 

الجميع استقبلها بجفاء، عدى أحمد الذي وقف لها باحترامٍ وحيدًا، في حين تفرّست هي وجوه الجميع الرافضة

لها، حتى وصلت إلى المقعد الوحيد المخصص لها؛ فخالد احتل مقعد ثائر على رأس الطاولة وجعل دومنيك

أماند خان المستثمر الهندي يجلس على رأس الطاولة المجابه له حتى لا يترك لماريا أي مجال للجلوس على

رأسي الطاولة.

 

حدجهما أحمد بنظرات مستنكرة ناقمة وهو يقول:

-سيد أماند خان، المُلاك فقط هم من يجلسون على رأس الطاولة، بغياب السيد ثائر صار السيد خالد هو

ثاني المستثمرين تملكًا لأسهم ثمرة الجنة، أما أنت فتأتي في المرتبة العاشرة، لذا عليك أن تترك مكانك للسيدة

ماريا.

 

أماند بعناد واحتقار:

-لستَ سوى مالك للأسهم مثلي؛ فلن أتلقى الأوامر منك.

 

أشار أحمد بيده إلى ماريا قائلًا:

-هذه أوامر السيدة ماريا.

 

كان أماند ينتظر الإشارة إلى ماريا بفارغ الصبر حتى يُخرج ما بجعبته من كلمات سهر خالد الليل لتلقينه

إياها، فبادر بقوله مستهزئًا:

-أليس في فم هذه الفتاة الصغيرة لسان تتحدث به، أم أن مبيتك بين الفنية والأخرى في منزلها جعلك وصيًا

عليها، وربما باتت هناك علاقة لا نعلم عنها شيئًا.

 

تعالت الضحكات المتفق عليها في هذه اللحظة، بينما اكتفى خالد بالابتسام.

 

في حين عض أحمد شفته غيظًا وهو يصيح:

-أيها الوغد، كيف تجرؤ عن التحدث عن ابنة السيد ريان هكذا؟

 

لوح أماند بيده كأنه يزيح رائحة نتنة عن أنفه قائلًا:

-دائما ما تُردد هذا؛ السيد ريان، السيد ريان، لماذا تتحدث بأسماء الآخرين دائمًا، لم أركَ في مرة تقول أنا

أريد؟

 

أدرك أحمد في هذه اللحظة أن هذه ليست كلمات أماند خان؛ فلم يكن أبدًا ممن يجيد اللعب بالكلمات وفحم

الخصوم بهذه الطريقة، هناك شخص آخر يتلاعب به وبالجميع هنا، شخص يُقلّب الجميع على ماريا ويوزع

الأدوار بإتقان، شخص درس أحمد جيدًا فعرف كيف يُخرسه.

 

((كفى.))

 

نطقتها ماريا بنبرة آمرة تخص من يملك زمام الأمور، ثم قالت بتؤدة:

-أي مكان سأجلس به سيكون رأس الطاولة المخصصة للمالك؛ فالمقعد يكتسب قيمته بمن يجلس عليه.

 

ثم جلست بعد أن لوحت بضربتها القاضية في وجه أماند لتخرسه تمامًا؛ فلم يجد فيما لقنه خالد أي رد على

هذه الكلمات، فأذعن لها وجلس.

 

في حين تحدث خالد أخيرًا بنبرته الحزينة المتأثرة بموت والده:

-لم يكن أبي ليرضى بأن يحتل أحدهم مكان السيدة ماريا، هذا فعل شنيع حقًا.

 

رمقه أماند بنظرة ذاهلة؛ فقد قلب خالد الطاولة عليه في طرفة عين، فين حين كان خالد يستميت ليخرج من

هذا النزاع بأي مكسب يفيده.

 

إلا أن ماريا قالت بعدم اكتراث:

-هو ميت الآن، أليس كذلك؟

 

بأسى هز خالد رأسه بينما يقول:

-لكنه لازال ساكنًا بين أضلاعي.

 

تفحصت ماريا الأوراق أمامها قائلة:

-لقد مات، إذًا لم يعد مهم ما يرضى به، ولا أهتم بأضلاعك اللعينة، هنا تُدار الأعمال، ولن ننغمس في

شجار أطفال حول المقاعد، إن أردتم الاستمرار في هذا الشجار، فهناك ساحة للأطفال في ثمرة الجنة.

 

كُممت أفواه الجميع على رأسهم خالد الذي وجد ماريا أخرى تجلس أمامه؛ صلبة متحجرة تمتلك لسان كسوطٍ

معقود تجلد به جميع من بالمجلس، لكن يجب أن لا يخسر أمامها، يجب أن لا يُكمم فمه لمجرد أنه ألجمته،

سيُلقي بطاقة أخرى ويلعب بقذارة من جديد.

 

أومأ برأسه لرجلٍ أسياوي يجلس في ركن منزوي من الطاولة، فبادله الرجل الإيماء، ثم نهض قائلًا:

-أعتذر عن مقاطعتكِ في فحص تقارير العمل سيدتي ماريا، لكن أنا مندوب مستثمرين الحكومة الصينية كما

تعلمين، والحكومة الصينية ترفض بشدة الممنوعات من المخدرات وأمثالها من السموم، وللأسف وصلهم نبأ

إغماؤكِ وترنحك في السير في آخر مجلسٍ حضرتِه، فأخشى أنهم يريدون تقريرًا طبيًا ليُكملوا استثمارهم في

ثمرة الجنة تحت إمرتك.

 

((عامان.))

 

لم يفهم المندوب الصيني ما تقصده ماريا، فتساءل:

-اعذريني سيدتي لم أفهم؟

 

ماريا وهي تنظر إلى عينه مباشرة بكل شراسة، وقد برزت عروقها الغاضبة أثناء حديثها:

-عامان بلا عوائد من الاستثمار ثم ترد الأموال التي تم استثمارها؛ هذا هو بروتوكول سحب الاستثمارات،

وهذا ما سيُطبق على الحكومة الصينية من الغد.

 

امتقع وجه المندوب الصيني، والتفت إلى خالد بعينين ملتاعتين تكاد تبكي، فلم يجد خالد بُدًا من التدخل

لنجدته حتى لا يفقد حلفاءه، فاقتحم الحديث قائلًا:

-لا يُمكنكِ طرد المستثمرين هكذا سيدة ماريا، يجب الحصول على موافقة المجلس أولًا.

 

ماريا وقد اعتراها الغضب:

-أنا لم أطرد أحدًا، بل الحكومة الصينية هي من تود الانسحاب لرفضها التعامل مع شخص متعاطٍ

للممنوعات مثلي..

 

ثم حدجت المندوب الصيني بنظرة حارقة وهي تقول بلهجة وعيد:

-أليس كذلك؟

 

تعلق المندوب الصيني بطوق النجاة الذي ألقاه له خالد، فأجابها على الفور:

-لا سيدتي ماريا، هم فقط يريدون الاطمئنان عليكِ، ستسعد الحكومة الصينية بالتعامل مع شخص سليم

معافى.

 

تأججت نيران الحقد والغضب في داخل خالد رغم الابتسامة الماكرة البادية على وجهه؛ فما أطلق رصاصة

حتى ردت عليه ماريا بطلقة مدفع، ولا يُمكن أن يخرج منهزمًا هكذا؛ سيفقد الجميع الثقة به، وسيبدأ زحف

أعضاء المجلس صوب ماريا، المرأة القوية التي سحقت أكبرهم في أول مجلس لها.

 

حسم أمره ورسم قناع البشاشة على وجهه قائلًا:

-ما فهمته منك سيد سونج شين، أن الحكومة الصيني ترفض أن يرأسها في مجلس إدارة كيان ضخم مثل

ثمرة الجنة شخص متعاطٍ للسموم، والمالك ليس سوى مستثمر يملك حصة أكبر من الجميع، وسيبقى مالكًا

كما هو، لكن رئاسة المجلس يُمكن أن تنتقل لشخص آخر لا تشوبه شائبة..

 

ثم رمق ماريا بنظرة جانبية مضيفًا:

-شخص لا يُمكن للإعلام أن يُمسك عليه سقطات ويسوق ثمرة الجنة إلى الفضيحة.

 

تكالب نباح الكلاب حول ماريا من كل حدبٍ وصوب رغم صمودها المبهر، إلا أن السقوط سيكون حتميًا

الآن، لذلك نهض أحمد فجأة قائلًا:

-إنها الظهيرة يا سادة، ولم أتناول إفطاري في الصباح، لهذا سنأخذ استراحة بسيطة ونعود لنتابع العمل.

 

تمنى خالد لو يكون برفقته سلاحًا ليقتل هذا الرجل الآن؛ فقد كان على بُعد خطوة واحدة فقط، خطوة واحدة

فقط من انتقامه لكن هذا الوغد سرقه منه.

 

ولم يبقَ له سوى رؤية ماريا تغادر مولية له ظهرها، فعض شفته بغيظ ولم يجد أمامه سوى الانتظار عدة

دقائق أخرى ليحصل على انتقامه.

***

في قاعة الاستراحة ازدادت همسات الشياطين كالعادة، وقد كان أحمد وجلًا من ذلك؛ فخالد حوله الكثير من

الرجال، بينما ماريا لا يتواجد بجوارها سواه فحسب، كاد يفيض ما بداخل كوبه الورقي من شدة ضغطه عليه،

لكن ما أثار حيرته حقًا هو هذا الهدوء الذي يعتري ماريا؛ فقط تُمسك بمفكرة لها غلاف أسود مهترئ، عيناها

متيبستان لا يظهر من محجريها أي تعابير، فقط الهدوء التام.

 

تبادل النظرات بينها وبين ساعة الحائط؛ فقد مضت عشرة دقائق بالفعل، بكل دقيقة تمر كان عرقه يزداد

غزارة لدرجة جعلت الإعياء بادٍ عليه؛ فقد اجتاحه شعور الذنب وطعنته ومضات الضمير؛ فقد أضاع ثمرة

الجنة من بين يديه، أهذا ما ائتمنه عليه ريان؟

 

ماذا كان ليقول إن كان بجوارهم الآن، أسيُشهر أُصبع الاتهام في وجهه ويخبره أنه من أضاع حق ابنته وإرثه

بعد مماته؟

 

أم فقط سيشيح بنظره بعيدًا في خزي على ما ضاع؟

 

لقد كان مخطئًا حينما ترك ثائر يغادر ليترك هذه الفتاة وحدها في وجه الذئاب، لقد باتت ماريا يقظة بعض

الشيء لكن خالد أعدّ عُدة أشهرٍ طوال لها.

 

مضت نصف الساعة وحان الوقت لعودة الجميع إلى الوكر مرة أخرى.

 

أغلقت ماريا المفكرة ووضعتها بعناية في جيب سترتها، ثم اتجهت إلى المتجر لتحصل على شيء جعل أحمد

يعود سنوات وسنوات إلى الوراء؛ فريان هو من كان يتلقف العلكة بفمه قبل أن يخوض قتالًا عسيرًا يستوجب

كامل تركيزه.

 

تذكر هذا الشعور المألوف الذي انتابه حينما كانت ماريا تحرق الجميع بكلماتها قبل الاستراحة؛ لقد كان

الشعور ذاته حينما كان جوار ريان في مفاوضاته وحروبه.

 

ماذا حدث لماريا في هذه الأسابيع المعدودة، لقد عادت من عُزلتها ك..كذئب حقيقي يفترس أخصامه بلا

رحمة.

 

أمعاشرتها الذئاب وانعزالها عن البشر هو ما أيقظ جينات ريان بداخلها، أم لهذه المفكرة دور في ذلك؟

 

لا يُمكن أن يقول أحمد أن ماريا دخلت القاعة، بل اقتحمتها؛ فقد دفعت الباب بعنفٍ وقوة جعلت أجساد

الجميع تنتفض.

 

ثم دلفت إلى الداخل تسير ببطء يحرق الأعصاب ويُسكن الريبة في نفوس الجميع.

 

ولم تتجه إلى مقعدها الذي تركوه لها في ركن منزوي من الطاولة، بل طافت حول الطاولة سيرًا تتفرس وجوه

الجميع، فأسكنت التوجس والقلق في الوجدان، حتى توقفت جوار أماند على رأس الطاولة، واستندت على

ظهر مقعده، استدار لها بهلع، فقالت هامسة بجمود:

-لا تقلق، ليس هنا.

 

اجتاح قلب أماند هذا الشعور المُمض لسببٍ يجهله، وازدرد ريقه بصعوبة وهو يعود بنظره إلى خالد طالبًا

العون.

 

فبادر خالد بقوله:

-ألا يُعجبكِ المقعد سيدتي ماريا؟

 

تشبثت أعين ماريا بقسمات وجهه برهة لتقرأ تعابيره وتنقل له شراستها ووعيدها.

 

لكنه احتفظ بابتسامته وهو يسمعها تقول:

-سونج شين.

 

رمقها الجميع باستنكار لعدم ذكرها للقبٍ مُشرِّف له قبل نطقها باسمه، فبادرت بإجابة الجميع أثناء حديثها:

-لستَ بمستثمر أو إداري هنا، بل مجرد مِرسال ينقل ما نقول إلى صاحب القرار..

 

ثم سارت باتجاهه بخطوات سريعة كأنها تتجه لقتله، فنهض على الفور من مكانه وتراجع وهو يقول مستنكرًا:

-ماذا تفعلين سيدة..

 

بترت عبارته بابتسامة وهي تجلس على مقعده قائلة:

-أشكرك على لباقتك سيد شين.

 

لم يجد المندوب الصيني ما يفعله؛ فلن يتشبث بمقعده كالأطفال في حضرة مجلس من كبار الإداريين، فقال

بقلة حيلة:

-على الرحب.

 

في حين ثبّتت ماريا نظرها على خالد وهي تسأل المندوب الصيني:

-الحكومة الصينية ترى أنني مدمنة أليس كذلك؟

 

رد المندوب الصيني على الفور:

-لا يا سيدتي، بل..

 

بتر خالد عبارته قائلًا:

-نحن كمجلس إدارة من المستثمرين لا نوافق أن يقودنا شخص تحت تأثير المخدرات، حتى أنتِ سيدتي

ماريا؛ كمالكة لن تقبلي أن يُدير أملاكك شخص يُمكن أن يقع في زلّات الأوغاد الذين يبيعون هذه الأشياء

ليمارسوا عليه ابتزازهم، هذا سيجعل ثمرة الجنة تحت يد مجموعة من تجار المخدرات.

 

ازداد قلق أحمد أكثر من صراحة خالد وإعرابه باسم المجلس عن تنحية ماريا صراحة، في حين لم يعارضه

أحد، فلم يجد بُدًا من النهوض والقول:

-لا تتحدث باسم المجلس أيها الغر.

 

أجابه خالد بالابتسام قائلًا:

-لا أتحدث باسم المجلس سيد أحمد، بل باسم المنطق الذي لن يرفضه عاقل؛ فمن يريد أن يديره مدمن بحق

الإله؟

 

((إذًا، أنت تتهمني بالإدمان سيد خالد؟))

 

نطقتها ماريا بنبرة قتالية متحدية، لا تتحلى بالصوت الموسيقي الذي يتحدث به الجميع حينما يريدون التملق

أو الانتصار في حوارٍ ما، فأجابها خالد بلباقة:

-إطلاقًا سيدتي، المجلس الإقليمي الذي يضم جل مستثمرينا يريد التأكد من سلامتكِ فحسب، ويُمكن أن

يوصي لكِ بمصحة جيدة لعلاج أثرياء القوم من الإدمان.

 

هزت ماريا رأسها بتفهم ثم قالت:

-حسنًا، المجلس بأجمعه يتهمني بذلك.

 

خالد بلباقة ذكّرت أحمد بسماجة والده:

-لا إساءة في ذلك سيدتي ماريا، نحن فقط نُريد التأكد من سلامتك و..

 

بترت ماريا عبارته بعدم اكتراث:

-أهناك عريضة تحتوي إمضاء الجميع بهذا القرار؟

 

أومأ خالد، فمد لها المندوب الصيني بعريضة شاملة توقيع كل من بالمجلس عدى أحمد، فتبسمت لأجل

إخلاصه، ثم عاد الجد إلى محياها وهي تذكر أسماء الجميع بصوتٍ عالٍ، ثم أردفت بهدوء:

-جميع من بالمجلس يتهمني إذًا بأنني مدمنة على المخدرات، وهذه العريضة تُثبت ذلك..

 

سرعان ما تحولت ملامحها إلى لبؤة تفترس الغزلان وهي تقول بشراسة:

-إذً جميعكم تروجون الشائعات حولي لتنحيتي وسرقة مركزي، إن لم تأتوا بالدليل القاطع سيدفع جميعكم لي

ما مقداره الأسهم التي تملكونها في ثمرة الجنة كتعويض عن تشويه سمعتي.

 

ثم أخرجت جهاز تسجيل من سترتها وأغلقته مضيفة بابتسامة واسعة:

-هكذا ينتهي الاجتماع هنا، ولنا موعد في اجتماعٍ آخر في ساحة القضاء.

 

نهض الجميع عن مقاعدهم بفزع، لدرجة جعلت أحمد يهرع صوب ماريا خشية أن يتعرض لها أحد، في حين

هتفت الأخيرة بجنون:

-أجل لقد سقطتم في فخكم أيها الحمقى، لقد قضيت عليكم، وستندمون على تحديكم لي.

 

امتقع وجه خالد وكاد ينصهر جلده من كثرة السخونة؛ فقد مرغت ماريا أنفه بالوحل للمرة الثانية، كاد يُجهز

عليها لو لم يكن أحمد هنا، بل كان المجلس بأكمله ليفعل ذلك.

 

في حين اصطحبها أحمد إلى الخارج وسط همسات الجميع وندائهم لها حتى تعدل عن قرارها هذا؛ فلا أحد

منهم يمتلك دليلًا على أنها تتعاطى شيئًا.

 

لكن أمام هذه الهزيمة النكراء، لطم خالد سطح الطاولة وقد تشبث به الجميع، بالأخص هذا المندوب الصيني

الذي لن تتسامح حكومته معه على طردهم من ثمرة الجنة.

 

ولم يكن لخالد أن يستسلم الآن؛ فلا زال شيطانه حاضرٌ يعرض عليه خدماته، فالسقوط هنا سيدفنه في الرماد

جوار والده.

***

مواعيد النشر: السبت

(((لقراءة الفصل الثاني عشر إضغط هنا)))

تعليقات