BlogLabels

القائمة الرئيسية

الصفحات

 



(((لقراءة الفصول السابقة اضغط هنا)))


"بداية اليقظة"

 

مرت ثلاثة أيام كاملة وشهد مازالت في غيبوبة، مرت مرحلة الخطر وظلت على قيد الحياة، لكن وظائف العقل الحيوية مازالت في توقف عن أداء مهامها بالشكل الكامل.

مما أدى إلى غياب الجسد في ظلام اللاوعي الكامل.

كما غابت الألوان في حياة مريم وأسرتها.

 

لم تستطع مريم مواصلة استذكار دروسها، كما امتنعت عن حضور المحاضرات اليومية..

لكن حرصت يمنى على الحضور ونقل كل ما يدونه آسر في الدفتر الخاص بمريم بانتظام..

كانت مريم تجلس في المشفى كعادتها كل يوم بعد صلاة العصر وحتى انتهاء موعد الزيارة.....

 

خلف زجاج الغرفة الخاصة بشهد في العناية المركزة، تقف متأملة ملامحها في صمت تقضي ساعات على هذا الوضع،،لم تفلح كل محاولات والدها في إقناعها بالتوقف عن زيارتها والعودة لمواصلة حياتها مرة أخرى.

 

أما عمرو فكان يمر عليها يوميًا في الساعة الثامنة يقضي معها ساعة، ويصحبها إلى المنزل بعد انتهاء ساعات الزيارة في المشفى، اقترب منها في حرص وهي تقف خلف زجاج غرفة شهد، وصاح خافتًا:

-مريم.....كفى وقوفًا هنا بلا داعِ، فلنجلس قليلًا.

 

نظرت له بعينٍ غائمة، وهزت رأسها ثم تحركت في بطء؛ فجلسا في أقرب مقعد.

تأمل ملامحها في حنان:

-كيف حالك ياحبيبتي؟

نظرت له وابتسمت.

 

منذ وقوع الحادث، وإصابة مريم بهذه الحالة النفسية الحزينة، لم يستطع عمرو منع نفسه من التعامل معها كأنها وافقت على الارتباط به.

لم يتمالك أن يمنع روحه من تدليلها ومعاملتها معاملته الخاصة التي اعتاد معاملتها لصديقاته، ولكن بشعور مختلف.

شعور حقيقي يغمره ويؤثر على جميع تصرفاته معها

 

نظرت إليه بشبح ابتسامة خفيف، في كل مرة يستخدم كلمة "حبيبتي" في ندائها يخفق قلبها لا تعلم لذلك سبب.

لكنها أحبت الكلمة منه فلم تمانعها أو تهابها، بل بالعكس كادت أذنها أن تعتاد الكلمة كأنها حقيقة، فنظرت له وقالت:

-عمرو.....شكرًا.

 

ابتسم حائرًا، ثم صاح في تساؤل:

-وما الداعي للشكر؟

ابتسمت حقيقي هذه المرة ثم نظرت له في امتنان:

-على وجودك بهذا الشكل إلى جواري....على اعتناءك بي واهتمامك برؤيتي والاطمئنان عليّ يوميًا.

 

قاطعها قائلًا في صدق:

-أولًا شهد أختي الثانية.

نظرت له باستنكار لاستقصائه إياها في العد كما تعود سابقًا لكنها سعدت بذلك، نظر لها في خبث، ثم استكمل:

-كما أن يومي لا يكتمل بدون أن أراكِ....في هذه الحالة مفترض أن أشكرك أنا.

 

نظرت له وأشارت بيدها في حزم ليصمت ويستمع إليها، ففعل:

-لا أعلم حقيقة مشاعري نحوك....لكن عندما اختلي بحالي وقبل نومي المتقطع ليلًا.

شعرت بالحرج فأشاحت بوجهها وصمتت قليلًا، ثم رفعت عيناها إليه ببطء:

-أشعر وقتها بشعور جيد حينما أصبو للتفكير فيك....

 

ابتسم من قلبه وشعر بالسعادة، ثم تابعها بعيناه وقاوم إحساس بداخله برغبته في ضمها، استطردت هي:

-كما أخبرتك لا أعرف حقيقة مشاعري، ولكن...هذا الشعور بالراحة لم أشعر به من قبل.

 

-مريم....أنا أحبك.

اتسعت عيناها لنطقه بالكلمة فجأة ودون مقدمات، حملت عيناها ابتسامة صافية من نوع خاص وشعر هو بالراحة فعلًا حينما نطق بالكلمة التي شعر بها منذ وقت قريب.

 

 في تلك اللحظة ظهر آسر ويمنى من بعيد....

كانت يمنى تتصل بها يوميًا وتمر كل يوم بعد انتهاء اليوم الجامعي لتتجاذب معها أطراف الحديث...كادت علاقتهم أن تعود كما كانت، في ظل ما اعتمل داخل مريم من قلق وخوف على أختها، ونمو مشاعرها نحو عمرو، مما تسبب في تقليل شعورها بالغضب تجاه صديقتها.

 

قامت مريم من مجلسها لاستقبال ضيوفها، سلمت يمنى عليها واحتضنتها كعادتهن، ثم قالت مبتسمة في حماس على غير العادة:

-هل فاقت شهد؟

التفت إليها عمرو ومريم في دهشة، ثم قالت مريم:

-ماذا....بالطبع لا.

 

اختفت ابتسامة يمنى، وهي تقول محاولة استدراك حرجها

-يُخيل إلى أن ابتسامتك الطبيعية عادت إلى وجهك فتخيلت ذلك.

 

تبادلت نظرات مضطربة مع عمرو، الذي شعر بالحرج وكأنه أذنب عندما أعطاها الحق لتشعر بسعادة على الرغم من ظروف أختها الحالية....تحدث آسر فألقى سلامًا سريعًا:

-أهلًا عمرو، كيف حالك يا مريم؟

-بخير....

 

تحدثت يمنى قائلة في اهتمام:

لقد جئت بآسر نفسه هذه المرة، فاختباراتنا كما تعلمون بعد يومين.

لا يوجد مزيد من الوقت لنضيّعه.

 

أومأت مريم برأسها، فاستطردت يمنى:

-مازال لدينا ساعة على انتهاء موعد الزيارة، أعلم جيدًا أنك منقطعة عن حضور الكلية.

نظرت حولها فوجدت طاولة صغيرة على مقربة منهم، فأشارت إليها.

 

نظر لها آسر وفهم ما رمت إليه، فقال محدثًا مريم في حزم:

-هيا بنا، سأشرح لكِ ما فاتك الأيام السابقة...ثم اقوم بتحديد المهم في المنهج كما أخبرنا الدكتور.

 

ذهبت معه في استسلام، تابعهم عمرو بعيناه.

ثم التفت إلى يمنى؛ ليُخبرها في ضيق:

-ما بالكم؟ تتعاملون كأنه الوحيد القادر على ايصال المعلومة.

نظرت له يمنى وضحكت في سخرية:

-على الرغم من حقيقة ذلك....لكننا في حاجة للتخلي عن شعورنا بالغيرة في سبيل مصلحة مريم.

 

قالت جملتها الأخيرة فقط في جدية قصدتها. فحاول السيطرة على مشاعره ولكنه ظل يتابعهم من بعيد في عدم رضا وعدم اقتناع.

ضايقه أكثر توقيت ظهورهم، هو لم يندم ابدًا على اعترافه لها بحبه ولم ينتظر رد فعل منهالكنه تحين اللحظة حتى جاءت وظهورهم المفاجئ حرمه من التمتع بها.

**********************************

غاب هيثم عدة أيام، تخلف عن حضور الجامعة في أيامهم الأخيرة قبل اختبارات نهاية العام.

كانت يمنى تراه فقط في المشفى، فقد حرص على زيارة شهد من وقت لأخر، لكن كان حديثهم مقتضب في وجود مريم ونظرًا للظروف الحالية، كان يراودها كل ليلة الرغبة في مراسلته، لكن ينتهي بها الأمر بإحجام الفعل عن نفسها.

 

منذ وقوع الحادث والندم يملأ قلبها على كل ما صرحت به لمريم، لأول مرة تشعر أنها انجرفت بمشاعرها ولم تمهل عقلها فرصة ليمنعها من ذلك..

على الرغم من استعادة علاقتها بمريم مؤقتًا، لكنها تشعر أن صفو ما بينهن تعكر، فما قيل لن يمحى من ذاكرة أيا منهن، ولا يمكن التغاضي عن المشاعر الذي خلفها حديثهم في ذلك اليوم.

 

كانت تجلس في غرفتها كعادتها، انتبهت إلى صوت استقبال رسالة، فنظرت في شاشة هاتفها؛ لتجد رسالة نجحت في رسم الإبتسامة على وجهها، كما ساهمت في نفض   كل المشاعر المختلطة التي شغلت عقلها:

--يمنى، كيف حالك؟ مُفتقدك....

 

حدقت لحظات غير مصدقة، ثم بدأت في الرد في سعادة:

--بخير....أين أنت؟ 

تدفقت الأسئلة في بالها، لكنها حاولت التماسك حتى لا تبوح بكل ما بداخلها دفعة واحدة:

--موجود،، كيف حال شهد؟

--كما هي للأسف...

 

صمت قليلًا، ثم كتب:

--أتمنى لها من كل قلبي الشفاء العاجل.

--كلنا كذلك.

 

صمتا، فسألت هي:

--كيف حال المذاكرة، هل أنهيتِ المادة؟

--ليس بعد،، ولكن.....بدأت في تنفيذ الخطة.

 

وضعت يدها على فمها مندهشة، ولمعت عيناها متأثرة

--هل أنت جاد؟

--نعم...وللأسف.

اختلطت مشاعرها واهتاجت، لم تستطع أن تمنع نفسها من السؤال:

--ماذا فعلت؟ ولماذا لم تنتظر حتى نهاية اختباراتنا؟

 

صمت لحظات ثم قال:

--لا أعلم، ولكن وجدت بداخلي الرغبة في ذلك، فلم أمنع نفسي.

شعرت هي بأنها ترغب في رؤيته، لم تتردد في طلب ذلك هذه المرة:

--هيثم، هل من الممكن أن نتقابل....

 

أرسل وجهٍ مبتسم، فأعقبت حديثها:

--غدًا لدينا محاضرة هامة، فلنذهب قبل الموعد ولكن بشرط.

 

قبل أن تستطرد أرسل هو على لسانها:

--سوف أحضر هذه المحاضرة، لتعلمين أنه من أجلك فقط...

هنا شعرت لأول مرة بالرغبة في قول كلمة لم تنطق بها من قبل، أو تشعر بها كما شعرت في هذه اللحظة....

ابتسمت ثم تجهمت ملامحها خوفًا وترددًا.....وتفكيرًا.

***********************************

-لقد بدأ عقلها في استعادة وظائفه الحيوية بنسبة جيدة.

نطق الدكتور المختص بمتابعة حالة شهد، عبارته التي طمأنت والد شهد اخيرًا، بعد مرور أربعة أيام كاملة على خروج شهد من العناية المركزة.

 

فتنفس الصعداء وشكر الله. مد يده؛ ليشكر الدكتور قائلًا:

-أشكرك يا دكتور شكرًا جزيًلا.

ابتسم في أمل ثم عاد ليسأله في اهتمام:

-ولكنها لم تفق بعد.

 

نظر له الدكتور، ثم قال في ثقة:

-طبيًا، حالتها بدأت في التحسن، لكن.

سرعة استجابتها للرجوع إلى عالمها الواعي، تعتمد على مساندتكم لها.

لتقاوم الانغماس في عالم اللاوعي وترغب في العودة إلى وعيها مرة أخرى.

 

نظر له والدها بعدم فهم فاستطرد في بساطة:

-سأسمح لفرد او اثنين بالدخول والتحدث إليها.

صاح والدها مستنكرًا:

-هل التحدث إليها في حالتها هذه، مًجدي؟

هز الدكتور رأسه وقال في ثقة:

-بالتأكيد، وسأقوم بتعيين دكتور نفسي لمتابعة حالتها وتقدمها حتى تخرج من هنا.

 

أومأ له براسه، وشكره مرة أخرى،  شعر بالأمل يتجدد في داخله، فأخرج هاتفه في سرعة ليخبر والدتها التي لم تتمكن من المجيء بتطور حالتها..

في نفس الوقت رن هاتفه فأجاب ليجد الضابط المختص بمتابعة القضية الخاصة بحادثة شهد، يخبره بالخبر السعيد الثاني.

 

لقد تمكنوا من القبض على صاحب السيارة التي تم الابلاغ عنها...

كما طلب منه الحضور لأخذ أقواله بدلًا من ابنته.

أنهى السيد مصطفى مكالمته، وشكر الله كثيرًا.

فاليوم أخبره الطبيب بما انعش قلبه وبث فيه الأمل، كما شعر أن حق ابنته سيرد لها وسيتم معاقبة الجاني.                             

******************************

 ارتفعت درجة الحرارة في هذا الوقت من السنة، لكن الجو كان لطيفًا في البقعة التي كرهتها يمنى كثيرًا.

واعتاد هيثم عليها في مواجهة مخاوفه دومًا.

فوق سطوح إحدي بنايات الجامعة.

 تنهدت أولًا، ثم قالت بنفاذ صبر:

-لقد تسببت في انتهاء حبي لهذا المكان.

 

نظرت له وهو يبتسم في تهكم، واستطردت:

-كما تمتلك من الجراءة، أن تشترط عليّ أن نأتي هنا أولًا لتسمح لي بمعرفة ما حدث.

تعالت ضحكته فاغتاظت أكثر:

-ما بها باقي أماكن الجامعة

 

هز رأسه وقال في بساطة:

-أشعر براحة غريبة هنا.

تأمل المكان من حوله وقال متذكرًا:

-هذا المكان نجح بجدارة في تخلصي من كل مخاوفي.

 

ابتسمت وقالت في تهكم:

-تخلصك من هيثم الزائف.

أومأ برأسه موافقًا، ثم نظر لها نظرة مختلفة وقال في تردد:

-كما أنه جعلني أنتبه إلى أهميتي عند البعض.

 

نظرت له ثم أبعدت عيناها، متظاهرة بتأمل الجامعة من أعلى، ثم قالت في بساطة:

-تقصد أهميتك لدينا. وهل كان يراودك الشك.

نظر لها باستنكار عندما التقت عيناها بعينيه مرددًا في تهكم:

-لدينا؟! ......أحم....نعم نعم بالطبع.

 

صمت كلاهما قليلًا، ثم تنحنحت هي في حرج:

-للمرة الثانية، كلي آذان صاغية. فلتتحدث أرجوك..

كان يقف في مواجهتها وما أن سألت سؤالها، حتى اتخذ جانبًا يستند على السور إلى جوارها.

 

تلك الحظة لمحت في عيناه اعجاب مستتر لم يفصح عنه، لكنها أحسته.

شعور داخلي جعل إحساسها ينجرف، فتناست صديقتها وما بينهما.

فعاشت اللحظة بجوارحها فقط ونحت عقلها في الوقت الحالي.

تركت يمني المنطلقة الحالمة بداخلها دون التقيد بسلاسل منطق أو أغلال صيانة عهد.

 

صمت هيثم قليلًا متأمل ملامح يمنى التي ابتسمت كل ثناياها لمجرد إحساسها بنظرة عينيه.

فبدأ حديثه في بساطة:

-واجهت صعوبة لم أتخيلها في أخذ الخطوة الأولى.

 

صمت لحظات كأنه يتذكر لحظات صراعه مع النفس لحسم قرار كان لابد منه.

ثم استطرد:

لكني أرغمت نفسي على أخذ الخطوة وأنا منشغل، حتى لا أمهل نفسي فرصة للتفكير.-

 

ابتسم في حزن، وتذكر لحظة مريرة أخرى:

-بعد أن تحدثت معها هاتفيًا وشعرت بمدى سعادتها لسماع صوتي.

نظرت له وشعرت بالغيرة، فاستطرد متسائلًا:

-تساءلت....ما الذي أوقعه في غرامها؟

بخلاف خيانتها له التي لم تستدعي الكثير من مجهودي....

لكنها تمتلك مشاعر زائفة، لم تفلح في إقناعي بها.

 

نظر ليمنى وتأمل وجهها البرئ:

-حتى إذا كانت علاقتنا حقيقية ولم يكن ذلك مجرد دور افتعله

ما كانت تلك المشاعر لتؤثر فيّ على الاطلاق.

 

عقدت ذراعيها حول صدرها وقالت في بساطة:

-لا تقارن نفسك به.

نظر لها متسائلًا، فقالت:

-احتياجاتك تختلف عن احتياجاته....هل تعلم ما الذي ينقصه في علاقته بوالدتك؟

 

ظهرت ملامح ضيق على وجهه، فاستطردت موضحة مقصدها:

-هيثم لا أقصد الإهانة، لكن 

بالتأكيد لديه احتياجات لم تستطع والدتك تقديمها...

أعتذر إذا كانت هذه حقيقة صادمة....لكن كل منّا كذلك...

 

صمتت قليلًا ثم استطردت:

-والدتك أيضا، بالتأكيد لديها احتياجات.

بدأت في الدفاع عنها في محاولة لتوضيح وجهة نظرها بشكل أوسع:

-لكنها لم تستسلم لإغواء مثل والدك.

 

فكرت لحظات ثم نظرت أمامها وهي تستكمل حديثها:

-بل وأشك إذا كانت معترفة حتى باحتياجها لذلك...فالبعض يتجاهل ما يحتاجه في سبيل شريك حياته.

صمت مفكرًا في حديثها، ثم تساءل:

-لقد احترت.....ماذا تقصدين؟ من منهم مخطئ؟

 

هزت رأسها ثم قالت مبتسمة:

-لا يوجد أحد مخطئ. والدك يمتلك أسبابه...ووالدتك مخلصة له.

لكن دعنا نتفق على أمرٍ هام.

 

نظر لها فالتقت عيناهم ببعض فقالت في لهجة آمرة:

-لا يمكن أن تبدأ خطتك بالتحليل أو المقارنة

شعر بصعوبة الامتثال إلى ذلك، لكنه تابعها في اهتمام:

-فلتترك هيثم الآخر "الزائف" الذي نعرفه يتخذ مكانه ويقودك في تنفيذ الخطة.

نظر لها وابتسم، ثم قال:

-لكني أحاول استعادة هيثم آخر.

 

-ليكن، اذا فهو دور مركب. من منّا لم يتمنى أن يمارس مهنة التمثيل؟

قالتها ببساطة شعر هو بها. ثم اتسعت ابتسامتها قائلة في لهجة آمرة:

-لكن وأنت معي. أحرص أن تكون هيثم الحقيقي.

 

تأملها وتساءل كيف يشعر معها أن لا يوجد شئ في الحياة معقد، أو ليس له حل.

فهى تنجح دومًا في تبسيط كل أمور ومعضلات حياته مهما بدت له صعبة ومبهمة.

***************************

على شاطئ البحر ارتفع صوت الأمواج المتلاطمة، جلست شهد مع صديقاتها يتأملن المشهد في شرود محبب، تأملت من مكانها ملامح صديقاتها الثلاث.

التي بدت وجوههم مألوفة بالنسبة لها، قالت إحداهما:

-ماذا سنفعل اليوم؟ 

 

أجابت شهد والابتسامة تملؤ وجهها:

-السماء صافية، أشعر بالرغبة في الجلوس هكذا طوال اليوم.

ابتسمت صديقة أخرى قائلة:

-أتفق معكِ في صفاء لونها، لكن مازال لدينا الكثير من الأماكن لم تحظى بزيارتنا بعد..

 

نظرت لها شهد وهزت رأسها موافقة:

-نعم، معكِ حق. إذًا يكفي قضاء نهارنا هنا...وعندما يأتي المساء.

صاحت صديقتها مستطردة حديثها:

-نذهب إلى السينما.

 

ابتسمت شهد موافقة، ثم قالت أخرى:

-لا، نذهب للتسوق.

نظرت الثالثة لشهد ثم قالت:

-ما رأيك أنتِ يا شهد...فلتقترحي مكانًا لقضاء وقتنا في هذه الليلة.

 

فكرت شهد قليلًا وقد أُعجبت كثيرًا بالتفاتهم إليها بعد إلقاء صديقتها سؤالها الأخير.

فقالت وهي شاردة:

-أرغب في الذهاب إلى مكان.......به خُضرة.

نظرت للسماء:

-وسماء صافية

اشتمت رائحة اليود:

-روائح طبيعية تُحسن المزاج. ومشاهد من صنع الخالق.

 

أغمضت عيناها لتتذكر مشهد للوحة رأتها سابقًا، لكن في عالم آخر يبدو قريبًا رغم تغيبه من حولها.

وتذكرت ملامح شخص مألوف ارتبط ذكراه بتلك اللوحة.

زوت ما بين حاجبيها وقد حاولت التذكر؛ لتتبين أن هذا الشخص يرتبط حتمًا بهذه اللوحة.

 

قد يكون يمتلكها أو

قد يكون قد رسمها باستخدام ريشته.

تذكرت شخص أخرجها من دنيتها الحالمة للحظات بشعورٍ ملؤها بالرهبة الممتزجة بالحنين.

*************************

مواعيد النشر: الثلاثاء

(((لقراءة الفصل السابع عشر إضغط هنا)))

تعليقات